يعقد البرلمان، الثلاثاء المقبل، دورة استثنائية يتضمن جدول أعمالها عددا من مشاريع القوانين، ضمنها قانونين تنظيميين، وذلك بناء على مرسوم لرئيس الحكومة وفق ما ينص عليه الفصل 66 من الدستور. بغض النظر عن حيثيات وتفاصيل الجدل الدائر في أوساط البرلمانيين، وخصوصا من فرق المعارضة، حول مدى ضرورة دورة استثنائية الآن، وحول شكليات الدعوة إليها، فان الأساسي اليوم هو حرص كافة الأطراف على إنجاح الدورة، والسعي لكي تستكمل جدول أعمالها. إن الجدل المومأ إليه، والذي هم أساسا شكل الدعوة إلى انعقاد الدورة الاستثنائية، كشف، مع ذلك، عن حاجة مؤسستنا التشريعية إلى مزيد اجتهاد، والى كثير جدية من أجل تقوية ميكانيزمات العمل الداخلي، وآليات اتخاذ القرار، بالإضافة طبعا إلى ما يرتبط بتواجد البرلمانيين وجاهزيتهم في الفترة ما بين الدورتين، وهذا المعطى بقدر ما يثير مسألة المنظومة القانونية والتنظيمية الداخلية، والحاجة الملحة اليوم إلى استكمال تأهيلها، فانه كذلك ينبه إلى أن التوتر في العلاقات والمواقف يتسبب أحيانا في تعطيل العمل، أو على الأقل في إحداث فراغ من حسن الحظ أن الدستور أوجد الجواب لملئه. من جهة أخرى، فان حديث أطراف كثيرة عن التأخر في تفعيل المخطط التشريعي، وفي صياغة كل القوانين التنظيمية التي نص عليها الدستور، يحتم منطقيا استثمار كل الفرص من أجل التقدم على هذا الصعيد، والنجاح في تمكين بلادنا من الإطار التشريعي والتنظيمي الضروري لتجسيد أحكام الوثيقة الدستورية على ارض الواقع. وعليه، فان الدورة الاستثنائية، ثم بعدها الدورة العادية المرتقبة في أبريل، يجب أن يمثلا مناسبتين لإخراج أكبر عدد ممكن من القوانين التنظيمية والنصوص الضرورية، بالإضافة طبعا إلى المهام الأخرى المطروحة على المؤسسة التشريعية. ولكسب هذه الرهانات كلها، لابد أولا من الحرص الجماعي على الحضور في الجلسات واللجان، ولابد أيضا من الكف عن التوترات وافتعال السجالات العقيمة، والتركيز، بدل ذلك، على الجهد الفكري والسياسي اللازمين لإعداد التشريعات، وأيضا لإغناء السياسات العمومية، وتطوير المراقبة البرلمانية لعمل الحكومة في مختلف المجالات... من المؤكد، أن الزمن المغربي الجديد يحتم اليوم تفعيل عمل تشاركي حقيقي بين مختلف مكونات المؤسسة البرلمانية، وفق ما ينظمه القانون والدستور، لكن تحديات السياق اليوم تجعل البرلمان يتحمل مسؤولية أساسية في إحكام الإطار التشريعي والقانوني والتنظيمي المنصوص عليه في الدستور، والذي يمثل تأسيسا مهيكلا للمستقبل، ويصنع معالم المرحلة القادمة في تاريخ بلادنا. الدورة البرلمانية الاستثنائية ستكون محطة هامة لتقييم مستوى تقدم برلمانيينا على هذه الطريق، أي إبراز جدية واضحة في الحضور، وفي التعاطي المسؤول والعميق مع النصوص والمشاريع المطروحة، وأيضا في احترام الوقت والآجال والعلاقات بين الأطراف، على أن يتم تكريس هذه الجدية خلال دورة أبريل العادية، وبالتالي يساهم الجميع في تأسيس خطوة أخرى إلى الأمام.