تعيش كرة القدم المغربية، عصر الإنحطاط أو على الأرجح، زمنها الأسود، فحق عليها قول الرصافي «ناموا ولا تستيقظوا، مافاز إلا النوام». لقد جفت القرائح، وبحت الأصوات، لكن دون جدوى، إن من يحملون على عاتقهم مسؤولية التسيير والتأطير يعلقون دوما فشلهم على مشجب غياب الامكانيات اللازمة، وكل ما له ارتباط بالجانب المالي فقط، ولا أحد حاول أن يخرج عن هذا الإطار، وكأن الأزمة وقفت عند عبارة «ويل للمصلين». بداية الموسم الحالي استهلت بإقصاء مر لمنتخب المحليين، نتيجة تهور الإطار الفني الذي أساء الاختيار بل التغيير كذلك أثناء اللقاء الحاسم والمصيري بالبيضاء ليعزي الهزيمة والإقصاء لغياب الامكانيات لاجراء عدد كبير من اللقاءات التجريبية وهي ادعاءات غير صحيحة بالمرة ويبقى الأمل معلقا على منتخب الشبان لكن الخيبة كانت كبيرة ومدلة عند الكبوة بالدار وبهدفين نظيفين أمام السنغال. فهل الكرة السينغالية أكثر من إمكانيات مالية؟ إن الرياضة أخذ وعطاء، ولأن المال ليس كل شيء في الوجود ونتساءل وبكل موضوعية، لماذا يسكت الكثيرون عن مشاكل أخرى أعمق وأكثر أهمية، كمشكل العناد الذي يركبه البعض. العناد الذي جعل جامعة كرتنا تعين أناسا على رأس منخباتنا أثبتت فشلها أكثر من مرة وفي مناسبات سابقة ومع متتخباتنا. ومشكل العناد هو الذي يدفع بعض أصحاب القرار لاتخاذ اجراءات نابعة من عقدة تسكنهم الأمر والنهي رغم أن الرياضة عموما وليس كرة القدم فحسب تفاهم وتواصل، وجسر لخلق العلاقات الوطيدة، وتبادل الكفاءات واستفادة البعض من البعض الآخر، وقبول الرأي الآخر مع ضرورة حمل «رؤوس صغيرة» ترفض القمع و «قلوب سليمة تحارب كل ألوان اللوم وكذا الخسة مادام اختلاف إثنين متحابين في الرأي لا يفسد للود قضية. وبعيدا عن مشكل العناد هناك مشكل آخر لا يوليه الكثيرون عناية وهو مشكل النفاق والمداواة والمداهنة من أجل تبادل المصالح مع قضاء الأغراض على حساب الرياضة التي من الواجب أن تكون خلقا نظيفا وسلوكا مثاليا فإذا وصل أصحاب القرار الى محطة النضج التي تؤهلهم الى مواجهة «المخربين» و «المفسدين» والضرب على أيديهم بقوة يمكن أن نصل الى المبتغى ونحقق المطامح التي تسكن مهجنا. وليس بالخداع والكذب تتحقق الآمال الكبار. إن غياب كرتنا عن المحافل الدولية عمق الجرح الذي نشكو منه منذ مواسم وسنبقى ننادي كل من منبره كما نادى العديد من مواقعهم. لقد برزت أقلام جادة على صفحات منابر عديدة، لكن سياسة التجاهل، تجاهل آراء الآخرين حط من قيمة الكتابة والنقد البناء وزاد الوضع تدهورا إننا لم نرحم ولن نغفر لمن كانوا وراء انحطاط كرتنا وإقبارها لتعيش عصرها التعس. بالأمس كنا أسيادا ورائدين سواء عربيا أو افريقيا لكننا اليوم نصاب بمرض النوم، واليوم لا نملك إلا التأسف على ماضاع، وما فائدة التأسف على ما ضاع؟ بل ننادي بالبديل، ننادي بإخلاء العقل الكروي من السماسرة، من الفضوليين، من الانتهازيين، وارحمونا ياناس من خرجاتكم السياحية، فكرة القدم قبل كل شيء تدبير وليست تقبير وتحطيط وليست مجاملة وإخوانية وزبونية. إن كرة القدم جزء من قوتنا ونموذج من حضارتنا فالعالم كله شهد لنا بأديس أبابا 1976 والمكسيك 1986 بتألقنا وشهرتنا. وذلك بدون أموال فلماذا تعيش كرتنا سواد في سواد وكبوة تلو الأخرى، في وقت تصرف فيه ميزانية خيالية. ارحمونا ياقوم، واتركوا الميدان لمن هو أهل له وقادر على إخراج كرتنا الشهيدة من سباتها. كرة القدم المغربية ككل تنقصها النوايا الحسنة، وبالمناسبة لا ننكر أن هناك من لهم غيرة على الإصلاح لكنها قلة، وهذه القلة تذوب في قوقعة الكثرة فكيف السبيل لتطويق أزمة كرتنا في ظل وضع موبوء، وحال كئيب؟ يجعلنا نقصى على جميع الواجهات وبعقر الدار.