شهادات صادمة حول الظروف المأساوية للنساء المحتجزات بتندوف أكد نواب بالبرلمان الأوروبي في بروكسيل، أن مخطط الحكم الذاتي بالصحراء، الذي اقترحه المغرب، يعتبر «مرتكزا جيدا للمفاوضات»، معربين عن أسفهم لعدم قبول «البوليساريو» والجزائر لهذا المخطط كأساس للتفاوض. وقال النواب الأوربيون، على هامش ندوة حول وضعية النساء الصحراويات في مخيمات تندوف، إن «هذا المخطط مرتكز جيد للمفاوضات، ويؤسفنا أن البوليساريو والجزائر، التي تعتبر الداعم الرئيسي لجبهة البوليساريو، لا يقبلان بهذا المخطط الذي يشكل «نقطة انطلاق ممتازة» لوضع حد لنزاع مفتعل طال أمده وأنتج العديد من المآسي والمحن التي كانت النساء والأطفال على الخصوص أكبر المتعرضين لها. وجاء تأكيد النواب الأوروبيين عقب شهادتين مؤثرتين قدمتهما امرأتان صحراويتان، خلال الندوة ذاتها، التي احتضنها مقر البرلمان الأوربي ببروكسيل، بحيث كشفتا الظروف المأساوية التي تعيشها النساء المحتجزات في مخيمات تندوف. فقد استعرضت كل من مغلاتا الدليمي وخديجتو محمد، وهما ضحيتان سابقتان للبوليساريو، ظروف عيش النساء في مخيمات تندوف، وكيف يعشن محرومات من حقوقهن الأساسية، ويتعرضن للإقصاء والاعتداء الجنسي، ويحرمن من حرية التنقل والتعبير، ويعاملن معاملة مهينة وحاطة بكرامتهن. وتحدثتا عن المآسي التي كابدتاها خلال فترة احتجازهما بالمخيمات، وروتا تجربتيهما الشخصية خلال محنة الاحتجاز. ونددت خديجتو محمد التي تعيش حاليا في إسبانيا، بالاعتداءات الجنسية التي تتعرض لها النساء في مخيمات تندوف، مؤكدة أنها تعرضت للاغتصاب من طرف أحد مسؤولي البوليساريو. أما ماغلاتا الدليمي التي عادت إلى الوطن الأم، فقد حكت عن ترحيلها إلى كوبا وفصلها عن أسرتها. وقالت «لقد انتزعت وأنا في سن الطفولة من حضن أبوي للالتحاق بمخيمات التأطير في كوبا، بحجة الحصول على التعليم. أما الهدف فكان يتمثل في إعادة تشكيل عقولنا، وتعليمنا كيفية استعمال مختلف أنواع الأسلحة». من جانبه، أعرب رجل القانون الدولي والعضو السابق في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، إيكارت فون مالسن، عن أسفه للظروف المعيشية القاسية للغاية والصعبة في مخيمات المحتجزين بتندوف. وقال إيكارت، الذي قضى ستة أشهر في مخيمات تندوف سنة 1998، إن «الظروف المعيشية التي تمكنت من معاينتها في هذه المخيمات كانت ذات قساوة مطلقة». وأضاف، في شهادته، أن السكان المحتجزين في هذه المخيمات «يعيشون في ظروف صعبة للغاية ودون آفاق»، مشيرا إلى «الأجواء المتوترة» و»التي تلقي بثقلها الكبير» في هذه المخيمات. وقال «جميع الناس الذين جاؤوا للتحدث إلينا كانوا مراقبين من قبل البوليساريو، وكل تحركاتنا وأعمالنا كانت مرصودة». وخلفت هذه الشهادات الصادمة انتقادات نواب أوروبيين اعتبروا تفاصيلها انتهاكا خطيرا لحقوق الإنسان، وجرائم ضد نساء لا حول ولا قوة لهن وأطفال عزل ينتزعون في سن السادسة لإرسالهم إلى كوبا، موجهين أصابع الاتهام للجزائر، البلد المحتضن للبوليساريو التي تقف موقف المتفرج وتفضل الصمت المريب. وشدد النواب الأوروبيون على أن تندوف تضم «المخيمات الوحيدة في العالم التي يجهل أعداد قاطنيها، لأن البوليساريو والجزائر يرفضان باستمرار إجراء الإحصاء أو تسجيل القاطنين»، مؤكدين على أن رقم 165 ألف الذي يزعم البوليساريو أنه يمثل سكان المخيمات «ليس فقط مبالغ فيه بل خاطئ بشكل مطلق». وتزامنا مع ندوة بروكسيل، كسر حزب جبهة القوى الاشتراكية الجزائري المعارض جدار الصمت حول موضوع الصحراء الذي يعتبره قصر المرادية دائما من الطابوهات، حين أعلن أن المشاكل «تتفاقم وتزداد تعقيدا»، مؤكدا أن «طرق التسيير أبانت عن محدوديتها». وقال علي العسكري السكرتير الأول للجبهة في افتتاح المؤتمر الوطني لمنتخبيها، أول أمس السبت، في زرالدة بضواحي الجزائر العاصمة، «جنوبالجزائر يتحدث، الجنوب يحتج، الجنوب يطالب، الجنوب يسائلنا جميعا. لقد أصبحت المشاكل هناك تتراكم وتزداد تعقيدا وتزيد الوضعية الحساسة تعقيدا»، مشددا على أن استمرار الغموض يساهم في جعل المنطقة بؤرة للتوترات وملجأ لمحترفي الجريمة المنظمة، وداعيا ساسة بلاده إلى البرهنة عن الحكمة ،وخاصة الموضوعية. في السياق ذاته، وفي رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، دعت كل من الحركة العالمية لدعم قضية الصحراء المغربية واستكمال الوحدة الترابية ورابطة أنصار الحكم الذاتي المنتظم الدولي إلى فك الحصار عن مخيمات تندوف. وطالبوا بان كيمون والمنظمات الدولية بالعمل على تحرير المحتجزين، مقدمان نماذج عديدة من أساليب الابتزاز التي تمارسها الجزائر في حق الأمهات بتندوف لعل أهمها وأفضعها إبعاد الأبناء في سن صغيرة جدا وحرمانهم من الدفء الأسري ومن حق العيش في كنف أسرة في بيت واحد.