الهاجس الأمني بشاطئ عين الذئاب يخيم على صيف الدارالبيضاء الساعة تشير إلى تمام الثامنة من صباح يوم السبت، المكان متوسط الاكتظاظ، أناس من كل الأعمار ومن كلا الجنسين، البعض يستمتع بالمياه الزرقاء الجميلة، والبعض يستلقي تحت أشعة الشمس الساطعة، والبعض الآخر يفضل اتقاء لفحاتها بمظلة شمسية كبيرة مستمتعا بفك رموز الكلمات المسهمة لإحدى اليوميات المغربية.. والبعض يمارس رياضة المشي أو الجري التي تزداد جمالية وصعوبة مع وجود عائق المياه، والبعض يفضل مرافقة صغاره إلى شاطئ السباحة خوفا عليهم رغم الوجود المكثف لمعلمي السباحة الموسميين المكلفين بمراقبة مرتادي الشاطئ، فيما ينهمك شباب متقارب الأعمار في تبادل كرات التنس بمضارب خشبية أو ممارسة هواية كرة القدم، يركضون وراء الكرة بشكل هستيري غير آبهين بالمستلقين على ظهورهم لأخذ قسط من الشمس أو الذين يهمون بالرجوع إلى أماكنهم بعد أن تكون المياه الباردة قد أخذت منهم كل مأخذ، يستخدم هؤلاء الشباب كرات جلدية قاسية لو أصابت أحد الأطفال المهرولين هربا من المياه الباردة لأسقطته على الأرض. على امتداد الشريط الساحلي للبيضاء، يمتد شاطئ عين الذئاب، الذي يعتبر من الأماكن الأكثر جذبا للزوار والمصطافين في العاصمة الاقتصادية. فمنطقة عين الذئاب تشكل المتنزه البيضاوي الأول الذي يشهد رواجا أكبر من حيث الزوار على مدار السنة، سواء في الليل أو في النهار. مع العلم أن في فصل الصيف تتضاعف نسبة زواره، خاصة مع توافد الأعداد الكثيرة من المصطافين الذين يقصدون شاطئ عين الذئاب نهارا في الوقت الذي تشهد فيه المدينة درجات حرارة عالية، كما يغتنم البعض الآخر الفرصة لتحويل مساحات واسعة من رمال الشاطئ إلى ملاعب لكرة القدم وممارسة رياضات أخرى. وليلا للاستمتاع بالملاهي والخدمات التي يقدمها الكورنيش من حفلات وسهرات ومهرجانات.... استغلال غريب للشاطئ رمال شاطئ عين الذئاب تستغل من طرف أشخاص يكترون أماكن من السلطات الوصية، ويحددونها بحبال وأعمدة خشبية، كما ينصبون مظلات ذات ألوان موحدة وكراسي، وكل من يود الدخول إلى تلك «الأماكن الخاصة»، عليه أن يؤدي ما بين 30 إلى 50 درهما، ناهيك عن خدمات أخرى تصل إلى 80 و150 درهما، ككراسي الاسترخاء وخيام منصوبة على طول الشاطئ، مع تقسيم الشاطئ حسب المكانة والطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها المصطاف. إنه استغلال غريب لشاطئ عمومي تتم خوصصته بالتقسيط والتوزيع. أحمد.ن، مواطن مصطاف يعبر عن سخطه لبيان اليوم قائلا «إن هذه مشكلة حقيقية، هؤلاء الناس يحتلون الشاطئ ويحددون الأسعار كما يحلو لهم في غياب كلي للسلطات التي كان عليها أن تحدد الأسعار بناء على دفتر تحملات...»، المواطن أحمد لا يستسيغ أن يحدد هؤلاء 50 درهما كمقابل لمظلة شمسية وكرسيين، بل يعتبر الأمر تجاوزا كبيرا ينبغي مواجهته، وتفويت مثل تلك الأماكن إلى أشخاص بعينهم قد يعد مقبولا، في نظره، فقط إذا خضعوا لعملية دورية ومنتظمة لمراقبة الأسعار، زيادة على غياب الحراسة والأمن مما يضطر المصطاف إلى إبقاء أحد أقربائه أو أصدقائه لحراسة الأمتعة، أو طلب المساعدة من أحد المصطافين المجاورين له. . المواطن البيضاوي الذي ينظر إلى الشاطئ على أنه ملاذه الوحيد للترويح عن نفسه وفرصة للاستجمام، يجد نفسه بين استغلال المكترين للشاطئ وغياب الأمن والحراسة والمراقبة. وتستمر معاناة البيضاويين مع الاستغلال الغريب للشاطئ، في تصريح لمواطن آخر تحدث لبيان اليوم؛ عبد الرحمان، أب لطفلين، استنكر بدوره هذه الخروقات قائلا «لدي راتب يكفيني فقط لسد حاجيات بيتي الصغير. فكيف يمكن لي الذهاب كل أسبوع إلى الشاطئ. الله ياخد فيهم الحق كيفما حرمو علينا هاذ البحر أو على وليداتنا الله ياخذ فيهم الحق.» لربما تصل هذه الكلمات إلى الجهات المعنية وتطرق آذانهم للتدخل السريع والجدي وتحديد أثمان مناسبة للطبقات المعوزة وذوي الدخل المحدد. في جل شواطئ المغرب التي يقع فيها ما يقع في عين الذئاب. نظافة الشواطئ في المغرب مشكل حقيقي في فصل الصيف تتحول قضية نظافة الشواطئ في المغرب إلى أولوية حقيقية في فصل الصيف، في وقت تزداد تخوفات المغاربة من التلوث البيئي الذي شمل الكثير من شواطئ البلاد، فيما تقول السلطات إن نسبة التلوث انخفضت بشكل كبير، وتعتبر أن الشواطئ المغربية عرفت تحسنا ملحوظا في جودة مياهها خلال السنة الأخيرة، غير أن الحذر الذي يطبع تعامل المغاربة مع الشواطئ يجعل الكثيرين منهم يفضلون السفر نحو شواطئ بعيدة من أجل الاستجمام، فيما يبقى عشرات الآلاف من سكان المناطق الفقيرة في المدن حبيسي شواطئ ملوثة أو قليلة النظافة. يتوجه إلى شاطئ عين الذئاب بالعاصمة الاقتصادية الدار لبيضاء الآلاف من المصطافين كل يوم، وهو شاطئ يفتقر إلى الكثير من مقومات الشواطئ النظيفة، مثل المراحيض العمومية وأماكن تجميع القمامة، غير أن إصلاحات جرت خلال الشهور القليلة الماضية جعلته أقل سوء مما كان عليه في المواسم الصيفية االسابقة، ولعل العدد الكثير من اللمصطافين الذين يتوافدون على الشاطئ دفع بالقائمين على الشأن العام إلى العناية به، وإدخاله إلى المنافسة على اللواء الأزرق. أما ضريح سيدي عبد الرحمان، فتتقلص بجوانبه نسبة النظافة، بل تنعدم فيه كليا، وتبقى مياهه هي الملجأ الوحيد لرمي هذه الأزبال. شارع لكورنيش ضوضاء وحركة لا تنتهي خلال الصيف يصبح شارع الكورنيش، الذي يبعد بثلاثة كيلومترات فقط عن مركز المدينة ومسجد الحسن الثاني، الوجهة المفضلة لسكان الدارالبيضاء وزوارها، وعلى مدار الساعة لا تكاد تنقطع الحركة على أرصفته المزدحمة وشرفات مقاهيه المطلة على البحر، وشواطئه الرملية الجميلة المنغرسة بين الصخور، ومسابحه الخاصة المجهزة بمختلف الوسائل الترفيهية والملاهي المتنوعة للصغار والكبار والملاعب الرياضية. ففي كورنيش الدارالبيضاء يمكن ممارسة التزلج على الجليد في عز الصيف في القاعة المخصصة لذلك. الآلاف يحجون يوميا إلى شارع الكورنيش في مختلف ساعات الليل والنهار، وجهة واحدة وأسباب مختلفة لا يجمع بينها سوى البحث عن ملاذ من حرارة الصيف ومكان لقضاء وقت ممتع. فهذا يبحث عن الهدوء والاسترخاء بعيدا عن ضوضاء المدينة يجد ضالته في الاستلقاء على الرمال الدافئة أو الاسترخاء على مقعد طويل في واحد من الشواطئ الخاصة المصطفة على طول شارع الكورنيش، والمتنافسة في تقديم أجود الخدمات والتجهيزات لروادها، وذاك يجتذبه صخب النوادي والمراقص المبثوثة على جنبات الشارع، والآخر يستهويه تحدي أمواج المحيط الهادرة وتياراته المضطربة. وتلك مجموعة سياحية تنهي مسار زيارتها للدار البيضاء بطبق من السمك وفواكه البحر الطازجة على الكورنيش. وفي آخر الليل تخترق سيارات العرسان الذين تزوجوا في تلك الليلة شارع الكورنيش في مواكب صاخبة باتجاه شاطئ عين الذئاب حيث جرت العادة أن يأتي العرسان مع بعض أصدقائهم وأقاربهم في ليلة الزفاف لأخذ صور تذكارية على شاطئ عين الذئاب تعبيرا عن الارتباط الوثيق بين المدينة والبحر، الذي تستمد منه قوتها وسر وجودها. لكن الاهتمام المتزايد بهذا الشاطئ والإقبال الكبير الذي يشهده، جعلا العديد من الباحثين عن الربح السريع يضعون اليد على هذه المنطقة السياحية ويخضعونها بمباركة الجهات المسؤولة إلى منطق تجاري لا يراعي خصوصيات المدينة ولا إمكانيات سكانها... كما أن المنطقة تشهد في بعض الأحيان بعض الممارسات اللاأخلاقية مع العلم أن الأسر تشكل النسبة الأكبر من مرتادي هذا الشريط الساحلي.