بعد رحلة علاجية طويلة ضد مرض السرطان بكوبا، يعود الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز إلى كراكاس بشكل مفاجئ، مغلقا بذلك باب الاشاعات والتكهنات، ولو إلى حين، حول وضعه الصحي المتدهور الذي أدخل البلاد وعلى امتداد أزيد من شهرين في حالة من الترقب المستمر كاد يتسبب في أزمة سياسية بأبعاد وتداعيات إقليمية ودولية. وتولى تشافيز نفسه الإعلان عن عودته إلى كراكاس عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي التويتر بعد خضوعه في 11 من دجنبر الماضي لعملية جراحية وصفت بالمعقدة، هي الرابعة من نوعها منذ منتصف سنة 2011 تاريخ اكتشاف إصابته بمرض السرطان. «لقد عدنا الى الوطن فنزويلا.. الحمد لله.. أشكر شعبي العزيز وسنواصل العلاج هنا»، هكذا قطع تشافيز الشك باليقين قبل أن يعلن لاحقا أنه أدخل مستشفى كارلوس اربيلو العسكري في العاصمة الفنزويلية مشيا على قدميه كما ذكرت إحدى الممرضات. وجاءت أولى التعليقات على عودة الرئيس إلى فنزويلا على لسان نائبه نيكولاس مادورو، الذي أكد أن كل الفريق الطبي الذي أشرف على علاج تشافيز في كوبا رافقه إلى فنزويلا، غير أنه لم يفصح عن تطورات حالته الصحية قبل أن يستدرك أن الحكومة ستطلع الفنزويليين خلال الأيام المقبلة بكل ما يستجد من أنباء إزاء الوضع الصحي لتشافيز. وبعودة الرئيس تشافيز إلى كراكاس، عادت الأسئلة الملحة لتطرح من جديد وعلى رأسها هل سيكون بإمكانه أداء اليمين الدستورية التي خلف موعدها في العاشر من يناير الماضي،؟ التاريخ المقرر دستوريا لتنصيبه رئيسا للبلاد لولاية جديدة تمتد حتى سنة 2019. ولم تتأخر الإجابة، إذ أعلنت محكمة العدل العليا عن استعدادها لتنصيب الرئيس في أية لحظة مضيفة أن القرار الأخير يعود إليه وإلى الفريق الطبي المشرف على علاجه، وجاء ذلك بعدما كانت المحكمة قد أجلت في وقت سابق موعد أداء تشافيز لليمين الدستورية لدواع صحية إلى أجل غير مسمى، أو على الأقل حتى ينتفي شرط المنع ويتماثل الرئيس للشفاء. ومن جهته، قال وزير الاتصال الفنزويلي ارنيستو بييغاس، الذي أكد في آخر البيانات الحكومية، أن تشافيز غير قادر على الكلام مؤقتا، وأن كل التركيز في الوقت الراهن يتمثل في أن يتجاوز تشافيز المرحلة الدقيقة والمعقدة التي مازال يمر منها متحاشيا الحديث عن أدائه اليمين الدستورية من عدمه. وأمام احتمال إجراء انتخابات مبكرة في حال ما إذا تم الإعلان عن العجز المطلق للرئيس، ذكر زعيم المعارضة الفنزويلية انريكي كابريليس رادونسكي، أن المعارضة على استعداد لتقديم البديل لافتا إلى أن عودة تشافيز إلى البلاد تعني أن الحكومة مطالبة بالانكباب على حل مشاكل الفنزويليين اليومية. وفي نفس السياق، أوردت الصحف المحلية تصريحات لأحد مسؤولي الخارجية الأمريكية في أعقاب عودة تشافيز إلى البلاد، حيث أكد أن واشنطن تدعو إلى إجراء انتخابات جديدة إذا ما ثبت أن تشافيز غير قادر على ممارسة مهامه كرئيس لفنزويلا، مشددة على أن تكون هذه الانتخابات حرة ونزيهة. وأظهر استطلاع للرأي نشر الأحد الماضي، أنه في حال تنظيم انتخابات مبكرة، فإن نائب الرئيس نيكولاس مادورو سيفوز على زعيم المعارضة كابريليس بفارق 14 نقطة. ومن جهته، اعتبر تحالف المعارضة «منبر الوحدة الديموقراطي» المشكل من عدد من الأحزاب في بيان، له أنه من الطبيعي أن يتواجد تشافيز في بلاده فنزويلا، مشيرا إلى ضرورة اطلاع الفنزويليين على حقيقة مرض الرئيس وتطورات أحواله الصحية بعدما بات يرقد بالمستشفى العسكري بكراكاس. وشدد التحالف على ضرورة تطبيق الدستور وإعلان حالة العجز المطلق للرئيس ثم تسلم رئيس البرلمان قيادة البلاد والدعوة إلى انتخابات جديدة داخل أجل لا يتعدى 30 يوما. ودعا التحالف الحكومة إلى معالجة المشاكل التي تتخبط فيها البلاد كارتفاع معدلات الجريمة التي تجعل من فنزويلا واحدة من أخطر البلدان في العالم وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين وغلاء الأسعار وندرة المواد الغذائية الأساسية، فضلا عن الفساد والرشوة المتفشية في المجتمع.