يتوجه الفنزويليون إلى صناديق الاقتراع لانتخاب حاكمي ولايات البلاد وكذا نواب المجالس التشريعية الجهوية من خلال استحقاقات تنظم في غياب الرئيس هوغو تشافيز الذي خضع الثلاثاء الماضي لعملية جراحية معقدة بكوبا لاستئصال أورام سرطانية. وتعد هذه الانتخابات الجهوية فصلا آخر من فصول المعركة السياسية بين «الحزب الاشتراكي الموحد لفنزويلا» الحاكم وأحزاب المعارضة بعد أن استطاع الرئيس تشافيز في أكتوبر الماضي الظفر بولاية رئاسية جديدة من ست سنوات أمام منافسه زعيم المعارضة إنريكي كابريليس رادونسكي. ويسعى الحزب الحاكم الذي يبسط سيطرته على 15 ولاية من أصل 23 إلى تأكيد قوته من خلال توسيع قاعدته المحلية والظفر بمعظم الولايات على أن يكون الرهان هو الفوز بولايتي زوليا (شمال غرب) وميراندا (شمال) اللتين تعتبران من أهم وأغنى الولايات الفنزويلية. وسيكون كابريليس، المرشح السابق للرئاسيات خلال هذه الانتخابات، التي ستجرى تحت إشراف المجلس الوطني الانتخابي وبحضور عدد من المراقبين الدوليين، في مواجهة مع نائب رئيس الجمهورية السابق? إلياس خاوا للتنافس بشأن منصب حاكم ولاية ميراندا. وتعتبر الفرصة سانحة أمام كابرليس للحفاظ على منصب حاكم ولاية ميراندا والتعويض عن خسارته أمام تشافيز في الاستحقاقات الرئاسية. وباحتمال فوزه ستتقوى حظوظه في تزكيته كمرشح للمعارضة إذا ما تمت الدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسية جديدة في حال ما إذا تعذر على تشافيز أداء مهامه بسبب وضعه الصحي. ودعا تشافيز الذي يطمح إلى تكريس مشروع «اشتراكية القرن الحادي والعشرين» أنصاره إلى «مواصلة تعزيز الثورة البوليفارية»، وعمل على اختيار مرشحيه بنفسه وهم في الغالب شخصيات من المقربين من دائرته ووزراء سابقين في الحكومة كوزير الداخلية السابق طارق العيسمي ووزير الدفاع إنري رانخيل سيلبا. ومن جهته دعا رئيس البرلمان الفنزويلي ديوسدادو كابيو الناخبين إلى «تقديم هدية الفوز في 23 ولاية» إلى الرئيس المريض، وحذا حذوه وزير الخارجية ونائب رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو الذي حث الناخبين على التعبير عن حبهم للرئيس من خلال صناديق الاقتراع، وهو الأمر الذي أثار حفيظة المعارضة التي رأت أن السلطات تحاول أن تجعل من مرض الرئيس أداة للاستغلال السياسي. ورد كابلريليس على ذلك بقوله «إن الذين لا يملكون شيئا لتقديمه للوطن وللشعب الفنزويلي يستغلون المشكلة التي يواجهها الرئيس». وعن أهمية هذه الاستحقاقات الجهوية تقول الباحثة المتخصصة في القانون المدني ماريا إلينا نابارو في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء إنها تشكل محطة أساسية لتحقيق حلم جزء كبير من الفنزويليين والمتمثل في استرجاع الثقة والديمقراطية التي ضاعت خلال السنوات الأخيرة. وشددت بالمناسبة على ضرورة أن يعمل المنتخبون الجدد على حل المشاكل الحقيقة التي تعاني منها فنزويلا لاسيما مشكل انعدام الأمن حيث أضحت البلاد واحدة من أكثر بلدان أمريكا اللاتينية عنفا بمعدل يفوق 50 جريمة قتل كل يوم. كما اعتبرت أن فنزويلا الغنية بثرواتها النفطية مازالت تعاني من نسب عالية من البطالة والفقر فضلا عن الانقطاعات المتكررة للماء والكهرباء والنقص الحاد في توفر المواد الغذائية كالسكر مثلا الذي نفذ مخزونه منذ شهر تقريبا، لذلك تضيف نابارو، يتعين الانكباب على حل المشاكل الحقيقة التي تقض مضجع الفنزويليين ليلا وتنغس عليهم معيشتهم نهارا. كما شددت نابارو، الناشطة الجمعوية والمدافعة عن حقوق الإنسان، على أن فنزويلا في حاجة إلى الانفتاح على العالم والخروج من القوقعة التي أجبرت على الدخول فيها منذ نحو 14 سنة وذلك بتدشين مرحلة جديدة تقوم أساسا على تعزيز الثقة في القضاء وفتح الباب أمام المستثمرين الأجانب لرفع العراقيل البيروقراطية التي تواجههم حتى غدت فنزويلا أسوأ بلد في أمريكا اللاتينية في مجال الاستثمارات. ويرى المراقبون أن المرض الذي حرم الحزب الحاكم من الحضور الفعلي لتشافيز من أجل تعبئة الناخبين خلال الحملة الانتخابية من شانه التأثير على النتائج التي ستفرزها هذه المواجهة مع المعارضة التي ما فتئت تردد أنها على استعداد لتقديم البديل الأفضل لفنزويلا معتبرة أنه «لا يمكن أن يرهن مصير البلاد بيد شخص واحد مهما كانت أهميته».