وسط غياب شبه تام لفعاليات الحركة النسائية، قامت وزير التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، بسيمة حقاوي، أول أمس الثلاثاء بالرباط بتنصيب أعضاء اللجنة العلمية الخاصة المكلفة بدراسة مقترحات إحداث هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، وذلك تفعيلا لمقتضيات الدستور وخاصة مضامين الفصلين 19و164 المتعلقين بهذه الهيئة. اللجنة التي ترأسها رحمة بورقية كإحدى الوجوه النسائية الأكاديمية ذات المسار الحافل في ميدان الفكر والبحث العلمي، تتألف من أربعة عشرة من نساء ورجال المعرفة في مختلف التخصصات، فهي تتألف من أسماء المرابط، والتهامي القائدي، خالد برجاوي، خديجة مضماض، عبد الكريم بلحاج، عبد اللطيف الحاتمي، عائشة الحجامي، فاطمة القباج، فريد شكري، فوزية الغيساسي ومليكة الصروخ، وهي بذلك (اللجنة) تشبه في تركيبتها والاختصاصات الموكولة لها إلى حد ما لجنة إصلاح منظومة العدالة، إذ ستتكلف بمهمة تلقي ودراسة اقتراحات مختلف الفاعلين، وبلورة تصور بخصوص الهيئة. وأكدت الوزيرة خلال هذا اللقاء على أن تأسيس هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز يكتسي أهمية بالغة في ظل دينامية التحول الديمقراطي والبناء المؤسساتي المواكب لكل المسارات التنموية التي يشهدها المغرب، وخصوصا ما يتعلق بالنهوض بأوضاع المرأة. فاللحظة تشير المسؤولة الحكومية تندرج ضمن التجربة الديمقراطية الرائدة التي تتم تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، وذلك عبر التأسيس للديمقراطية التشاركية كإحدى دعامات التنمية، قائلة «إننا نتوخى أن تكون اللحظات، التي يعيشها المغرب من أجل تفعيل الدستور، لحظات انبثاق لدينامية جديدة للإصلاح المؤسساتي العميق، ولبنة في بناء عهد دستوري ديمقراطي جديد». وفيما يمكن اعتباره ردا ضمنيا على الانتقادات الصادرة عن بعض فعاليات الحركة النسائية بشأن مبادرة الوزارة بالإعلان عن تكوين لجنة علمية خاصة بالتداول في إحداث هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، والتي اعتبرت أن هذا الاختصاص كما تضمن ذلك المخطط التشريعي يجب أن تضطلع به لجن مستقلة وليس وزارة التضامن والمرأة والتضامن والتنمية الاجتماعية التي يتجاوز هذا الأمر صلاحياتها، أوضحت الوزيرة، على أنه تفعيلا لمقتضيات الدستور ذات الصلة بالمجال التشريعي، فقد تولى المخطط التشريعي للحكومة ترتيب مختلف المشاريع القانونية المقرر إنجازها خلال الولاية الحكومية الحالية، وفق برمجة زمنية دقيقة تقتضي العمل الجاد والدؤوب، والاستثمار الأمثل للزمن من أجل احترامها. وأضافت المسؤولة الحكومية على أنه في هذا السياق المؤسساتي والسياسي، يأتي انكباب وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية على إعداد مشروع القانون المؤسس لهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز المقرر إخراجه إلى الوجود قبل متم السنة الجارية 2013، وفق مخطط عمل محكم ينقسم إلى ثلاث مراحل أساسية، تتعلق أولاها بتجميع المعطيات الوطنية والاطلاع على التجارب الدولية وإحداث أجهزة العمل، فيما الثانية والتي تم الشروع فيها فتتعلق بتأطير التشاور الموسع ودراسة مذكرات ومقترحات الهيئات السياسية والمدنية والنقابية ومختلف المؤسسات الوطنية، على أن تتمحور المرحلة الثالثة بالإعداد والمصادقة على مشروع القانون المتعلق بالهيئة. وأفادت حقاوي على أن هذه اللجنة العلمية التي تضم أسماء وزانة مشهود لها بنزاهة الفكر وسعة الإدراك، والتجرد وروح المسؤولية العالية، ستضطلع بمهمة دراسة مقترحات مختلف الفاعلين، سواء أكانوا هيئات سياسية أو مدنية أو نقابية أو مؤسسات وطنية، وذلك من أجل تحليل تصوراتها بخصوص مضامين مشروع القانون، وهو ما يفيد أن اللجن كما ستتكلف اللجنة بإعداد تصور عام للهيئة، بحيث تجتهد من خلاله في إيجاد «نموذج مغربي نابع من الخصوصيات الوطنية، يجسد نسقا مؤسساتيا مضبوطا، يقوم على التحديد الواضح لسلطاته كمؤسسة دستورية، بما يجعلها تتحمل مسؤوليتها كاملة في المهام الموكولة لها»، حسب قول الوزيرة. وفي تأكيدها على تبني المقاربة التشاركية في الإعداد لتأسيس هذه الهيئة، أعلنت حقاوي على أن قطاعها الوزاري أعد مخطط عمل من أجل إعداد مشروع القانون المحدث للهيئة باعتبارها مؤسسة دستورية جديدة، وأنه بالنظر للأهمية المجتمعية البالغة لهذا المشروع، وسعيا إلى توسيع مجال المشاورات مع كافة الفاعلين والمهتمين، وإرساء أسس نقاش تشاركي مجتمعي يتفاعل مع مختلف الاقتراحات المتعلقة بهذا المشروع، تم فتح باب تلقي مذكرات الهيئات السياسية والمدنية والنقابية ومختلف المؤسسات الوطنية في شأن هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، وذلك بغية بناء مشروع مغربي نموذجي يغني المنظومة المؤسساتية الحقوقية للمغرب.