دفعة حقيقية لتطوير التدفق السياحي تقتضي اقتراح خدمات تسخر المؤهلات الطبيعية والثقافية والإيكولوجية التي يتميز بها الإقليم يشكل تطوير رحلات النقل الجوي الموجهة لخدمة الوجهة السياحية لإقليم الصويرة، دعامة رئيسية لتطوير السياحة بالإقليم، وتمكين أعداد هامة من السياح من اكتشاف المؤهلات السياحية. فبفتح الشركة الفرنسية الهولندية "ترانسافيا" للنقل الجوي منخفض التكلفة، التابعة ل"إير فرانس كا إل م"، لخطوط جوية مباشرة تربط العاصمة الفرنسية (باريس) بمطار الصويرة موكادور مع مطلع شهر مارس المقبل، تستعد الصويرة لاستقبال دفق سياحي مهم يمكنها من الانتقال من وجهة عبور سياحي إلى وجهة قائمة بذاتها، مع الرفع من عدد ليالي المبيت. يدخل هذا الربط الجوي المباشر، الذي سيتم مرتين أسبوعيا، في إطار الجهود التي يبذلها المغرب من أجل تعزيز تدفق السياح من أحد الأسواق التقليدية للسياحة بالمغرب، ويتعلق الأمر بفرنسا، حيث سيمكن فتح هذا الخط الجوي من استقطاب عدد أكبر من السياح الذين ستشكل الصويرة وجهة سياحية متكاملة بالنسبة لهم، بعد أن كان يتم الاقتصار على اعتبارها وجهة عبور تستمد معظم زوارها من مدينتي مراكشوأكادير. على بعد 16 كلم جنوبالصويرة، في اتجاه أكادير، يقع مطار الصويرة موكادور الذي شهد أشغال توسعة خلال السنوات الأخيرة، ليتلاءم بذلك مع المعايير الدولية اللازمة لاستقبال أعداد كبيرة من السياح، حيث أصبح يتوفرعلى طاقة استيعابية سنوية تقدر ب300 ألف زائر. وقد رافق أشغال التوسعة تطوير للبنيات التحتية الطرقية التي تربط المطار بالمدينة، بغية مواكبة تطور النشاط السياحي الذي يشهده الإقليم. غير أن توفير خدمات النقل الجوي المباشر في اتجاه الصويرة، يتطلب من كافة المتدخلين في القطاع السياحي توفير الشروط الكفيلة باستقبال أعداد هامة من السياح، في أجواء تتيح لهم اكتشاف مختلف المؤهلات التي يزخر بها الإقليم في ظروف إيجابية. إذ يستدعي تطوير الوجهة السياحية لإقليم الصويرة، توفير الطاقة الإيوائية الكافية لاستقبال فئات عريضة من السياح، وكذا تنويع العرض السياحي، من خلال اقتراح خدمات سياحية متنوعة تسخر المؤهلات الطبيعية والثقافية والإيكولوجية التي يتميز بها الإقليم. كما يؤكد مهنيو القطاع السياحي بالإقليم على ضرورة الاستثمار في مجالات تضمن تفرد وتميز النموذج السياحي الذي تقدمه الوجهة السياحية، وبالتالي تطوير النشاط السياحي، وذلك من خلال المراهنة على اقتراح مسارات سياحية تجمع بين المجالين الشاطئي والجبلي، عبر رحلات سياحية تمكن السائح من قضاء فترة أطول بالإقليم واستكشاف مختلف المميزات التي يزخر بها الإقليم. ويقترح المهنيون أيضا تعزيز العرض السياحي المرتبط باحتضان المدينة لتظاهرات رياضية عالمية، حيث من شأنها تطوير نسب التدفق السياحي في مختلف فترات السنة فضلا عن ضمان مدة إقامة أطول. كما تشكل السياحة المستدامة نمطا بديلا وطاقة كامنة هائلة يمكن للإقليم الاستفادة منها لتطوير أعداد السياح الوافدين، إذ تعد المناطق الخلفية للإقليم ثروة حقيقية تمكن السائح من اكتشاف غنى الطبيعة الجغرافية والإرث الثقافي، من خلال مناطق جبلية وغابوية تعد امتدادا للساحل، إلى جانب التعرف على بيئة اجتماعية ونمط العيش التقليدي في احترام لعناصر البيئة. ويتطلب تحقيق هذا الرهان تضافر جهود كافة المتدخلين في القطاع السياحي بالإقليم، ويتعلق الأمر بوكالات الأسفار والمرشدين السياحيين ومهنيي النقل السياحي وكذا الجمعيات المهنية، بغية بلورة رؤية سياحية. فالصويرة التي تم تصنيفها ضمن التراث الإنساني العالمي لليونسكو، تعد متحفا مفتوحا رحب الأفق، يتعايش بين ثناياه موروث ثقافي وعمراني عريق، شكل على الدوام مثالا للتعايش بين الأديان والأعراق، مما خلق نموذجا إنسانيا فريدا. وتعد الصويرة وجهة سياحية متميزة تتسم بتعدد خصائصها، إذ تزاوج بين مقومات الطبيعة الساحرة بامتداد وجمال نطاقها البحري وتنوع طابعها الجبلي، وعناصر الثقافة بتاريخها العريق وهندستها العمرانية الخلابة، ليشكل بذلك تعزيز العرض في مجال النقل الجوي دفعة حقيقية للسياحة بالإقليم.