أضحت جمعية للا سلمى لمحاربة داء السرطان، وقد مضى على إحداثها زهاء تسع سنوات، نموذجا رائدا للانخراط الجمعوي الفاعل في دعم مختلف الجهود الرامية إلى التخفيف من معاناة المصابين بالورم الخبيث، وذلك من خلال ما تقدمه من أشكال الدعم المادي والاستشفائي والنفسي لهذه الفئة من المرضى التي قد تعوزها ، في أحيان كثيرة، الإمكانيات الكافية لمواجهة هذا الداء الفتاك. وتسعى جمعية للا سلمى لمحاربة داء السرطان، التي تأسست سنة 2005 بمبادرة من صاحبة السمو الملكي الأميرة للا سلمى، بمعية مختلف شركائها، إلى جعل محاربة السرطان من أولويات الصحة العمومية بالمغرب والمنطقة المغاربية والعربية ككل، حيث تضع الجمعية نصب أعينها تحسين التكفل بالمرضى وتشجيع أعمال الوقاية مع الانخراط الفاعل في مجال البحث العلمي عبر تعدد الشراكات داخل المغرب وخارجه. وتعتمد هذه الجمعية الرائدة في عملها على خبرة وانخراط فريق متعدد الاختصاصات يتكون من أطباء وباحثين وفاعلين اقتصاديين وجمعويين، إلى جانب استفادتها من دعم شخصيات مغربية وأجنبية مرموقة، علما بأن الاستراتيجية الشاملة لعمل الجمعية تتحدد من طرف المجلسين الإداري والعلمي فيما يؤمن تفعيل هذه الأعمال كل من المكتب التنفيذي واللجان الجهوية. أما تمويل أعمال جمعية للا سلمى لمحاربة داء السرطان وهي جمعية لا تتوخى الربح وتتمتع بصفة المنفعة العامة، فيعتمد ، حصريا، على الشراكات المبرمة مع مختلف الهيئات الوطنية والدولية، وكذا على سخاء العديد من المانحين الخواص الذين جعلوا من محاربة السرطان قضيتهم الشخصية، فيما تنفذ مهامها بتنسيق وثيق مع وزارة الصحة ومختلف المؤسسات الصحية الموجودة تحت وصايتها (مستشفيات ومؤسسات العلاج الأولية)، كما تقودها أعمالها إلى العمل مع مجمل مهنيي قطاع الصحة بالمغرب، بل وأيضا مع وزارة التربية الوطنية وولايات وجهات المملكة ومختلف مؤسسات الرعاية العمومية. وتعقد جمعية للا سلمى لمحاربة داء السرطان شراكات مع القطاع الخاص،بما يتيح وضع برامج ملموسة لمحاربة هذا الداء، لاسيما في مجالات الوقاية والكشف المبكر والتكفل العلاجي والتكوين،فضلا عن عملها ،منذ نشأتها، على تطوير شراكات مع مختلف الهيئات الدولية، سواء كانت مؤسساتية أوعلمية أو جمعوية، مما يجعلها تساهم بفعالية في جهود المنتظم الدولي من أجل تحسين التكفل بالمرضى وتطوير الخبرة في المواضيع المرتبطة بمحاربة السرطان. وبصفتها سفيرة النوايا الحسنة للمنظمة العالمية للصحة من أجل النهوض بعلاج السرطان والوقاية منه، فإن صاحبة السمو الملكي الأميرة للا سلمى ما فتئت تعمل على وضع محاربة السرطان بالمغرب في سياقه الدولي ومن ثم مساهمتها في اللقاءات الدولية والإقليمية للمنظمة العالمية للصحة، فضلا عن كونها عضوا في الاتحاد الدولي ضد السرطان منذ 2006 ورئيسة التحالف الإقليمي لمحاربة السرطان على مستوى منطقة شرق المتوسط ، كما انخرطت الجمعية في «فرايموورك كونفنشين أليانس» سنة 2008. وتعتبر عملية توعية وتحسيس المواطنين بخطورة هذا الداء وضرورة الوقاية منه محورا أساسيا من محاور اشتغال جمعية للا سلمى لمحاربة داء السرطان، وذلك من منطلق الوعي بأن تبديد الغموض حول هذا المرض العضال هو شرط أساس لتنظيم استراتيجية لمحاربته من خلال الوقاية والكشف المبكر والتعبئة الاجتماعية. وفي هذا الصدد، فإن جمعية للا سلمى لمحاربة داء السرطان ما فتئت تعمل ، منذ تأسيسها ، على تحسين التكفل العلاجي والتشخيصي لمرضى السرطان، اعتمادا على ثلاثة محاور أساسية تتمثل في أنسنة المراكز أو وحدات الأنكولوجيا المتواجدة، وتجهيز الوحدات الصحية للبحث في السرطان، وإحداث بنيات أساسية متخصصة في علاج السرطان (مراكز الأنكولوجيا، وأنكولوجيا الأطفال، ووحدات القرب للعلاج الكيماوي، ومراكز الامتياز المتخصصة في طب الأورام النسائية) هكذا، فإن تمويل وتأهيل وتجهيز وأنسنة وبناء الوحدات الصحية المخصصة للتكفل بالسرطان يعتمد على موارد جمعية للا سلمى لمحاربة داء السرطان والجهات المانحة والشركاء المغاربة والدوليين،وذلك بشراكة مع وزارة الصحة. ويعتبر تمكين كافة المرضى من الولوج إلى الأدوية ومن المساواة في علاج المرض، أحد الأهداف الأساسية لجمعية للا سلمى لمحاربة داء السرطان. ومن ثم فإن برنامج «ولوج المرضى المعوزين للأدوية» يمكن المرضى المعوزين المعالجين في وحدات الصحة العمومية من الاستفادة من أدوية مضادة للسرطان مجانا،وذلك وفق معيرة البروتوكولات العلاجية (انتقاء كيفي وكمي)، وإعداد إطار لوجيستي لدورة الأدوية (شراء، توزيع، إدارة وتدبير النفايات)، وتنظيم تكوين الأطر الصحية،وتأهيل وتجهيز الصيدليات وقاعات الإعداد. ووعيا منها بأن علاج السرطان غالبا ما يستغرق وقتا طويلا ويمثل لحظة صعبة بالنسبة للمرضى وأقربائهم ،لا سيما وأن مشكل الإيواء قد يكون، في أحيان كثيرة، أحد أسباب التخلي عن العلاج والانتقاص من فعاليته، انكبت الجمعية على إحداث فضاءات للإيواء المؤقت تسمى «دور الحياة» على مقربة من كل مركز أنكولوجي، علما بأن الجمعية تفوض تدبير طلبات المرضى التي تستجيب لمعايير الاستقبال (البعد، الدخل المتواضع، نوعية العلاج...) إلى لجنة في كل مركز استشفائي جامعي تتكون من أطباء وأطر من وزارة الصحة. وتهدف هذه الدور، بالأساس، إلى إيواء المرضى وعائلاتهم طيلة مدة العلاج المتنقل،وتأمين متابعة منتظمة لعلاج المرضى ومواكبتهم من خلال مدهم بالدعم المعنوي والنفسي الضروري، إلى جانب تنظيم أنشطة اجتماعية وثقافية لفائدتهم، حيث يرافق المقيمين بهذه الدور فريق متعدد الاختصاصات يتألف من مهنيي الصحة وأطباء نفسيين ومساعدات اجتماعيات يسهرون على راحتهم خلال فترة الإقامة ، إضافة إلى فريق من المتطوعين يؤمن مختلف الأنشطة الاجتماعية والثقافية وينظم زيارات خارجية وحفلات عشاء وحفلات موسيقية وكذا جلسات للتربية الغذائية والنظافة. وللإشارة، هناك ثلاث دور للحياة أنشأتها جمعية للا سلمى لمحاربة داء السرطان في كل من الدارالبيضاء ومراكش وأكادير،إلى جانب دار أخرى بالرباط تسيرها جمعية أصدقاء المعهد الوطني للأنكولوجيا بدعم من الجمعية،علما بأن هذه الأخيرة أطلقت عملية تهم تشييد دور للحياة في كل من فاس وطنجة ودار للأطفال بالدارالبيضاء.وتساهم جمعية للا سلمى لمحاربة داء السرطان في مكافحة هذا الداء بمعية منظمات غير حكومية وجمعيات أخرى تعمل في هذا الميدان، حيث توجد العديد من الجمعيات بالمغرب تكافح السرطان ،من بينها هيئات أحدثت منذ 20 سنة، وتشتغل في مجالات متنوعة، منها جمعيات تهتم بالمرأة وبسرطان الثدي، وجمعيات عبأت جهودها لمساعدة الأطفال وأخرى تعطي الأولوية للوقاية. وتعد مساعدة الأطفال المصابين بالسرطان من الانشغالات الأساسية لجمعية للا سلمى لمحاربة داء السرطان التي تولي عناية خاصة ،أيضا، لمرافقة المرضى الشبان ومساعدتهم على معايشة مرضهم بصورة أفضل. والأكيد أن الأعمال الجليلة التي تقدمها جمعية للا سلمى لمحاربة داء السرطان والمجهودات الجبارة التي تبذلها في مجالات المساعدة والمصاحبة والتكفل بمرضى الداء الخبيث والوقاية منه،تشكل خير وسيلة للتغلب على هذا الداء والحيلولة دون انتشاره.