جاءت تصريحات محافظ المصرف المركزي سلطان بن ناصر السويدي أمس واحدة من أغرب حالات الغموض بشأن المعايير المعتمدة لتمويل العقارات السكنية، بعد جدل استمر منذ مطلع العام حول إلزام البنوك بسقف إقراض لا يتجاوز 70% من قيمة العقارات للمواطنين، و50% للمقيمين. وقال السويدي في أول تعليق على الموضوع إن المصرف المركزي لم يقم بإصدار أية قرارات تلزم البنوك بنظام جديد يحدد سقوفاً لتمويل العقارات وأن الضوابط المعمول بها لم يطرأ عليها أي تغيير. وأوضح أن سوء الفهم نتج عن أن البنك المركزي أصدر “تنبيهاً" للبنوك بأنه يقوم حالياً بإعداد نظام جديد للتمويل العقاري، يتوقع أن يتضمن، عند إصداره، تحديداً لسقف وحدود التمويل في هذا القطاع، ولذا على البنوك أخذ هذه التوقعات بعين الاعتبار. ويأتي هذا التوضيح بعد ثلاثة أسابيع من الحديث الواسع في معظم وسائل الاعلام الاماراتية وعدد من وسائل الاعلام العالمية عن الضوابط الجديدة، التي تم استقبالها على أنها قرارات ملزمة. وكانت بعض المصارف قد سارعت لتطبيق المعايير الجديدة منذ بداية العام، وتلكأت مصارف أخرى وتحدثت عن اقتراحات لتعديل واحتمال إلغاء سقوف الاقتراض التي “وضعها" المركزي، وتبين الآن أنها كانت مجرد تنبيه من المركزي الاماراتي. وأكد السويدي لصحيفة الاتحاد الامارتية أن النظام الجديد للتمويل العقاري “لن يصدر إلا بعد استطلاع آراء البنوك في الدولة ومناقشة النظام معها، بجميع جوانبه... حدود التمويل العقاري وسقفه هي موضوع نقاش". وأوضح أن إنجاز النظام الجديد يحتاج الى ما بين 6 و9 أشهر على الأقل. وكان وسائل الاعلام قد تحدثت من بداية العام الحالي عن أن البنك المركزي حدد سقف التمويل العقاري السكني بحد أقصى هو 70٪ من ثمن المنزل للمواطنين و50٪ للمقيمين، وقد اعتبرها البعض خطوة مفاجئة للمصارف والسوق العقارية. ويقول مراقبون إن المصارف اعتبرت ذلك “قرارا"، بل إن ممثلي 20 مصرفا عاملا في الامارات عقدوا اجتماعاً لبحث “القرار" مقترحات بديلة للمصرف المركزي. وطالب بعضها بتأجيل تطبيق “القرار". ويقترح بعض المصرفيين باعتماد ضوابط أخرى مثل فرض رسوم مرتفعة على العقارات التي يعاد بيعها في إطار زمني محدد، وذلك للحد من عمليات المضاربة في العقارات، وهو نشاط له تأثير أكبر في خلق الفقاعة العقارية في الماضي. وقال السويدي إن ما حصل كان سوء فهم لدى وسائل الإعلام، وأكد أنه لم يصدر أي تعميم أو قرار عن المصرف المركزي، وإنما فقط تنبيه للبنوك، يتعلق بمعايير متوقع اعتمادها في النظام الجديد. لكن بعد المراقبين استغربوا استمرار سوء الفهم لنحو 3 أسابيع. ونقلت صحيفة الاتحاد عنه قوله إن “النظام الجديد الذي يعمل المصرف المركزي على إعداده، سيسمح بتوفير سيولة أكبر للقطاع العقاري بالدولة في المستقبل عند إقراره". وأوضح السويدي أن البنك المركزي سيقوم خلال الفترة المقبلة بإجراء استطلاع لرأي البنوك العاملة بالدولة، حول النسب المقترحة للتمويل العقاري والمعايير الأخرى التي يشملها النظام الجديد، وأنه سيعمل مع البنوك للتوصل إلى أفضل الصيغ الممكنة في هذا المجال، حيث سيصار بعد ذلك إلى رفع المقترح إلى مجلس إدارة المصرف المركزي لمناقشته وإقراره. وقال “من وجهة نظرنا فإن أي عملية تنظيم للتمويل العقاري ستزيد من إمكانية وحدود التمويل المتوافرة للقطاع، لأن الكثير من الأمور مثل مدة القرض وحدود الاستقطاع والرهون، ستكون واضحة أمام البنوك".