عبر رفيق الحداوي، المدير العام السابق للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS ) مابين سنة 1995 و2001 ، عن سعادته بمثوله أمام القضاء، لأول مرة منذ 11 سنة، بعد تقاعده»، لأنه كان ينتظر هذه الفرصة لإبداء وجهة نظره حول الإختلالات التي عرفها الصندوق. وأضاف المتهم، المتابع من أجل جناية «المساهمة في تبديد أموال عمومية عند الاستماع إليه، من طرف غرفة الجنايات الابتدائية بالدار البيضاء، الخميس الماضي، «لم تتم مواجهتنا بملفات مضبوطة ووثائق دقيقة، وتقرير لجنة تقصي الحقائق البرلمانية حيرنا كمسؤولين سابقين..، فما عشناه في مؤسسة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مخالف للوقائع التي جاء بها تقرير لجنة تقصي الحقائق الذي تم إعطاؤه أبعادا أخرى». وأشار أيضا، أنه في غياب رد فعل رسمي من الحكومة حول تقريرلجنة تقصي الحقائق البرلمانية المنجز سنة 2002، قام بتوجيه رسالة إلى رئيس مجلس المستشارين آنذاك، طالب فيها بعقد اجتماع مع أعضاء لجنة التقرير ووزير التشغيل ومدراء الصندوق من أجل دراسة خلاصات التقرير، غيرأنه ووجه برد فعل سلبي من طرف رئيس المجلس آنذاك، الذي اعتبر أن طلبه صعب التحقيق، لكون تقرير اللجنة النيابية، كان أول تقرير لتقصي الحقائق يتم إنجازه في مجلس المستشارين. وأكد رفيق الحداوي، في رده على أسئلة المحكمة، أن تقديم صورة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، أمام الشعب المغربي، كمؤسسة عمومية شغلها الشاغل تبديد المال العام، هو عبث في حد ذاته، مشيرا في الوقت نفسه أن CNSS، عاجز وغير قادر ، اليوم ،على تحصيل 40 حوالي مليار درهم ،شأنه في ذلك، شأن الدولة التي تعاني بدورها من مشاكل في تحصيل مستحقاتها المادية. كما أفاد رفيق الحداوي، أنه خلال بداية الألفية الجديدة، قدم تقريرا يضم عشرات من الصفحات للمجلس الإداري الذي لم يجتمع أعضاؤه لأكثر من ثماني سنوات، كما أشار أيضا إلى أن هناك مجموعة من المقاولات لاتؤدي مستحقاتها للصندوق لكونها تابعة لدوائر عليا على حد تعبيره، مضيفا، أنه كشف هذا الأمر، عند استفساره، عن سبب عدم مراسلة CNSS لهذه المقاولات من أجل أداء مابذمتها من مستحقات. كما تساءل عن خلفيات عدم متابعة المفتش العام السابق للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الذي سبق أن طرده بمجرد توليه مسؤولية إدارة الصندوق، قبل أن يفاجأ بكون المفتش العام السابق، أسندت له مسؤولية مستشار لدى اللجنة النيابية لتقصي الحقائق. وعند مواجهته بالقرارات الأصلية المتعلقة بالتعويضات الممنوحة لفائدة أطر بالصندوق، الحاملة لتوقيعه الخاص، تدخل دفاعه، وتساءل عن خلفيات ودواعي إقحام وثائق ضمن الملف المعروض على المحكمة، لم يعرضها قاضي التحقيق على موكله، وهو الأمر الذي اعتبره الدفاع مسا بمبدأ المحاكمة العادلة. وأرجع المدير العام السابق ل CNSS، ضعف تسيير هذا الأخير، إلى غياب نظم المعالجة المعلوماتية خلال العقود الأولى بعد إنشائه، إضافة إلى عدم وجود أطر مؤهلة بشكل عال، مضيفا في الوقت نفسه، أن حسابات الصندوق خلال تحمله المسؤولية، كانت تخضع لرقابة شديدة، وأن تقارير يومية كانت ترسل إلى وزارة المالية. كما لم تفته الإشارة، بالحديث عن إنجازاته خلال إشرافه على تسيير المؤسسة، ومنها اعتماد خطط التكوين المستمر والمراقبة والتدريب المهني وإجراء امتحانات الكفاءة. وعن سؤال عن المنح التي صُرفت بأثر رجعي خلال 1995 عن سنوات 92 و 93، نفى المدير العام السابق للصندوق علمه بها، مضيفا أنه «..لأول مرة أسمع بهذه الملفات»، والتمس من هيئة المحكمة، إمداده بأصول هذه القرارات الموقعة باسمه، الشخصي، ومواجهته مع الشخص الذي حررهذه التعويضات. ولم يقف المتهم عند هذا الحد، بل عرج على موضوع علاقة النقابات بتسيير الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، حيث كشف عن فحوى اتصال له مع القيادي النقابي الراحل، (م. ع) الذي دعاه إلى رفع يد النقابة عن تسيير الصندوق، حيث أجابه هذا الأخير، بكون النقابات لاعلاقة لها بتسيير الصندوق. وعن سؤال للمحكمة، إن كان قد مورست عليه ضغوطات من طرف النقابات، قال المتهم رفيق الحداوي، إنه بعد تكليفه بمسؤولية إدارة الصندوق من طرف الملك الراحل الحسن الثاني، ومساندته من طرف الوزير الأول السابق، عبد الرحمن اليوسفي، اتصل به وزير الداخلية السابق ادريس البصري، وطالبه هذا الأخير،بعد عقد لقاء معه بعدم المس بمصالح النقابات، لكونها تمثل الدولة، على حد تعبير رفيق الحداوي. ولم يخف الحداوي، أن كل محاولاته من اجل إعادة النظر في تمثيلية النقابات في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي قد باءت بالفشل. هذا ويتابع في الملف 25 متهما في حالة سراح، ضمنهم مدراء سابقون إلى جانب كتاب عامين للصندوق و أشخاص آخرين بعد متابعتهم من طرف النيابة العامة، من أجل ارتكابهم جناية «المساهمة في تبديد أموال عامة».