«الدار البيضاء حبي» فيلم استثنائي عن المغرب شعر المخرج جون سلاتري عندما زار المغرب لأول مرة بألفة شديدة تجاهه، كما لو أنه انتزع من صور الشرق الغريب التي استحضرتها هوليوود. ذلك الاختلاف بين صورة المغرب وواقعه هو الدافع لعمل سلاتري الرائع عن بلد يحبه بوضوح، والذي يجعل فيلم “الدارالبيضاء حبي" رداً مدروساً على الثقافة الشعبية في أمريكا. وأمضى شابان مغربيان ثلاثة أسابيع في السفر عبر بلدهم يصوران ما يرونه بكاميرا رقمية، بينما يمران على الاستوديوهات والمواقع التي شكلت الخلفية لكثير من أفلام هوليوود الشهيرة، وهي صناعة صقلها المغرب. وتتخلل الفيلم لقطات لأناس عاديين مرتبكين بشكل ودود أو متوترين وهم يعرضون آراءهم أمام الكاميرا عن هوليوود ونجومها العالميين كما تتخلله مقتطفات من أفلام كلاسيكية مثل فيلم “كازابلانكا" الذي يقدم أفكاراً مغلوطة شائعة معادية للعرب، مثل “لا يمكنك أن تثق فيهم"، و"كلهم متشابهون". وقال سلاتري بعد عرض الفيلم في مهرجان دبي السينمائي الدولي هذا الأسبوع “فكرنا في أن نذهب في هذه الرحلة، وأن نكون فريق التصوير الأمريكي الغبي الذي يذهب ليصور هذا الفيلم التقليدي مستخدماً المغرب، لكننا أردنا تغيير ذلك". ومضى يقول “في الواقع لم يكن هناك نص مكتوب، لكن الرحلة كانت رحلتهما، ومن ثم تتبعناهما أينما ذهبا. وبتلك الطريقة كانا في الحقيقة يخرجان الفيلم". وقام بالتصوير حسن الذي يقدم سرداً عن الرحلة بالفرنسية، وتتنقل الصور من مشاهد للحياة اليومية التقطتها الكاميرا إلى علاقته المتوترة الهزلية مع رفيقه في الرحلة إلى فرقة موسيقية صادفوها في مكناس تقدم موسيقى “الملحون" المغربية التقليدية. ويستخدم حسن الذي كان في ذلك الوقت طالباً في مدرسة لسينما الواقع الرحلة في عمل مشروع دراسي، بينما يريد رفيقه زيارة عمه الذي يحتضر في الناحية الأخرى من البلد. ويدمج سلاتري لقطات من التلفزيون المغربي لمهرجان مراكش السينمائي يظهر فيها الممثل الكوميدي المغربي بشار سكيريج، وهو يعلن أن بلداً لا ينتج فناً خاصاً به لن يكون له تاريخ أبداً. وكان ذلك تلميحاً إلى أنه ينبغي للحكومة أن تبذل مزيد لتشجيع صناعة السينما المحلية بدلاً من تأجير مواقع تصوير كي تقدم من خلالها هوليوود تصويراً مشوهاً للواقع. وقال سلاتري، وهو أمريكي من أصل أيرلندي، ويقيم في كاليفورنيا “يجري تدمير صناعة السينما الوطنية في كثير من البلدان، أو جرى تدميرها بسبب القوة التسويقية الهائلة التي تمتلكها هوليوود". وأضاف “يدمرون الأفلام الصغيرة.. يدمرون فرص القصص الصغيرة". والفيلم الذي استغرق إنجازه سبعة أعوام يستعير من كتاب “العرب الأشرار في السينما" الذي ألفه جاك شاهين، ودرس فيه الصور النمطية السائدة المعادية للعرب في هوليوود. ويشير عنوان الفيلم إلى فيلم “هيروشيما حبيبتي"، الذي أخرجه الفرنسي ألان رينيه في عام 1959.