مسيرة تجوب شوارع الرباط لعدم الإفلات من العقاب في اتجاه دفع القضاء للانخراط الكامل في مسار الكشف واستكمال ما تبقى من جوانب الحقيقة في ملفات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، نظمت هيئة متابعة توصيات المناظرة الوطنية حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالمغرب المسيرة الحقوقية الوطنية، صباح أول أمس الأحد بالرباط، وذلك تحت شعار»من أجل سلطة قضائية مستقلة كفيلة بجعل حد للإفلات من العقاب». المسيرة التي تعد الثالثة من نوعها على مدى الثلاث سنوات الماضية، شاركت فيها، بالإضافة إلى مكونات هيئة متابعة تنفيذ توصيات المناظرة الوطنية الأولى حول الانتهاكات الجسيمة بالمغرب المشكلة من المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف والمنظمة المغربية لحقوق الإنسان والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، مختلف الهيئات الحقوقية واليسارية وعدد من الفاعلين السياسيين والنقابيين ومجموعة من ضحايا سنوات الرصاص الباقين على قيد الحياة والذين مكنتهم حالتهم الصحية من التنقل إلى مدينة الرباط، حيث رفعوا شعار «من أجل سلطة قضائية مستقلة كفيلة بجعل حد للإفلات من العقاب» عنوانا أساسيا للمسيرة . خلال هذه الوقفة، أكد مصطفى المانوزي رئيس المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، في تصريح للصحافة، أن تركيز المسيرة على شعار «من أجل سلطة قضائية مستقلة..» يرتبط بالأساس بالدعوة من أجل تحمل هذه الأخيرة لمسؤوليتها في إجلاء الحقيقة كاملة في ملفات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وذلك بإعمال العدالة، وإنصاف الضحايا وعائلاتهم والمجتمع برمته. وأضاف المتحدث، أن الأمر بات ملحا خاصة وأن عددا من عائلات ضحايا الاختفاء القسري والاختطاف لجئوا للقضاء ووضعوا ملفات أبنائهم من الضحايا على أنظار هذه المحاكم، ويتوسمون منها أن تكون على قدر المسؤولية الموكولة لها قانونا، بل والامتثال لمقتضيات الدستور الجديد التي باتت تحرم الخضوع لكل تأثير أيا كان مصدره. ومن جانبه عبر منسق الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، عبد الرحيم الجامعي، عن انتقاده لمسار حقوق الإنسان في المغرب، أبرزها تلك التي ترجمها موقف المغرب اتجاه التوصية الأممية بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام على المستوى الدولي، حيث امتنعت الحكومة عن التصويت عليها للمرة الرابعة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، مضيفا أن عددا من الملفات المرتبطة بانتهاك حقوق الإنسان لازالت مفتوحة و تحتاج إلى معالجة عميقة، وأنه على أصحاب القرار أن ينتبهوا لكون استمرار الانتهاكات والسكوت عن معالجة الماضي وعدم تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، هي كلها أمور لا يمكن السكوت عنها وأن تستمر هكذا. أما خديجة الرياضي رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فقد أدرجت تنظيم المسيرة ضمن المناخ العام الذي يحيط بمسار حقوق الإنسان، والذي حسب تصريحها «لا نلمس كحقوقيين أن هناك إرادة سياسية فعلية لدى الدولة المغربية لتنفيذ التوصيات الصادرة عن هيئة الإنصاف والمصالحة واحترام التزاماتها في مجال حقوق الإنسان، قائلة» بالرغم من أن الحكومة عملت على المصادقة على جزء منها، خاصة من خلال المصادقة على عدد من على الاتفاقيات الدولية، لكن ذلك يقف عند مرحلة المصادقة دون أن يصل إلى مرحلة التنفيذ وملاءمة التشريعات الوطنية مع تلك الاتفاقيات حيث يبقى الوضع موسوما باستمرار الانتهاكات». وحملت الفاعلة الحقوقية المسؤولية للقضاء فيما يسجل من انتهاكات، على اعتبار أن القضاء في حسب قولها «عوض أن يكون آلية لحماية المواطنين من الانتهاكات وإنصاف الضحايا وعائلاتهم لازال آلية توظفها الدولة للمزيد من الانتهاكات والمس بحقوق الإنسان». هذا وخلال المسيرة التي انطلقت على الساعة العاشرة، من ساحة باب الأحد، في اتجاه ساحة محمد الخامس وسط العاصمة، أكد المشاركون على أهمية وجود سلطة قضائية كفئة، نزيهة ومستقلة لكونها تشكل دعامة أساسية لحماية الحقوق و الحريات، داعين إلى ضرورة تكريس قاعدة ربط المسؤولية بالمحاسبة ووضع حدا للإفلات من العقاب. كما شددوا على الارتقاء بهذه السلطة القضائية وضمان استقلاليتها يعد تحصينا وحماية للمكتسيات الحقوقية ولجعل المنظومة الكونية لحقوق الإنسان مرجعا يستند إليه في جميع المنازعات دون إقصاء أو ميز، معبرين من جهة أخرى عن تشبثهم بمطلب تقديم الدولة المغربية لاعتذار رسمي وعلني اتجاه جميع ضحايا انتهاكات الماضي، والعمل على التحفظ على مراكز الاعتقال السري صونا للذاكرة الجماعية ، هذا مع العمل في اتجاه استكمال الإصلاحات الدستورية والتشريعية والقانونية والمؤسساتية والتربوية الكفيلة بوضع أسس دولة الحق والقانون. هذا وجدد الحقوقيون في بيان بالمناسبة مطالبهم اتجاه الدولة بإلغاء عقوبة الإعدام و المصادقة على اتفاقية روما الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية، والعمل على وضع استراتيجية وطنية لمناهضة الإفلات من العقاب، مع الإسراع بتفعيل توصيات وإجراءات الإدماج الاجتماعي الخاصة بضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وإطلاق سراح كافة المعتقلين في إطار الملفات ذات الطابع السياسي.