فلاحون يدعون إلى إعادة النظر في جدولة الديون وآخرون يجهلون ما تروج له حملات التحسيس التي تقوم بها المراكز الفلاحية الأمطار الأخيرة إذن، وعلى عكس ما كان متوقعا، ساهمت بشكل كبير في إعادة الثقة إلى الساكنة بشكل عام، والفلاح بشكل خاص، الذي باشر، وبشكل فوري، عملية الحرث على امتداد تراب الإقليم بروح عالية، ونظرة متفائلة، بالرغم من أن بعض الامتدادات الجغرافية، كأولاد ارميش وأولاد رحو وأولاد أيلول والرواجح ..وغيرها من النقط الفلاحية، قد تضررت من التساقطات الرعدية الأخيرة بحيث تم إتلاف بعض المنتجات التسويقية، بها كالزيتون والحوامض. وعموما، يمكن القول إن التساقطات المطرية الأخيرة كانت في غاية الأهمية،لأنها أولا، جاءت في وقت مناسب لعملية الحرث،وثانيا لأنها «وُصفت» بالأمطار العادية التي لم تتسبب في كوارث طبيعية ولم تترك أضرارا جسيمة . يقول فلاح بمنطقة أولاد ارميش بجماعة حد بوموسى،» إن سقوط الأمطار في أواخر شهر أكتوبر وبداية نونبر، أمر عادي ولا يمكن اعتباره تأخيرا للموسم الفلاحي، لان حرارة المنطقة تسعف الفلاحة في النمو بشكل طبيعي وسريع، ولأننا كفلاحين تعودنا على هذا التأخير في نزول الأمطار الذي ميز السنوات الفارطة، فالمهم يقول إنها « جات الشتا في الوقت، ومازال اللي بغا يحرث يحرث». أما احد الكسابة بدوار سيدي عيسى، فقد أشار من جهته إلى أن المطر عموما، يشكل رمزا للعطاء وفألا حسنا يدل على الخير حتى وإن لم يأت في موعده، وقال بالحرف»هاذ الشتاء إلى ما نفعت الحرّاثة تنفع الكسَّابة»،مشيرا، بذلك إلى نقطة أساسية عرفها الإقليم في السنوات الماضية، وهي عزوف السكان عن الفلاحة، وهجرتهم نحو تربية المواشي والأبقار والدواجن، والى اعتماد الفلاحات التسويقية بالأساس. ولم يكن ما ارتآه (حسن.ر) وهو كسّاب له دراية بسوق الماشية والأبقار، ليتنافى مع ما ذهب إليه نظراؤه في تصريحاتهم لبيان اليوم، حين أشار إلى أن «لا فرق في هذه الجهة بالإقليم بين الكسّاب والفلاح، على اعتبار أنه لا يوجد فلاح بدون كسيبة، ولأن مدخول الفلاحة قد تدهور مقارنة بما تدره تربية الماشية، هذا بالإضافة إلى أن الفلاح أصبح بسبب السياسة المائية التي نهجتها الدولة عموما في حاجة ماسة إلى مدخول موسمي لتسديد ديون ماء السقي، وإلا تعرضت فلاحته برمتها إلى كساد «. هذه النقطة بالذات تشغل بال الفلاحين بالمنطقة، كما يظهر ذلك من خلال إفادات الكثيرمنهم ل» بيان اليوم»، هؤلاء دعوا المسؤولين بمركز الاستثمار الفلاحي، إلى ضرورة إعادة النظر في جدولة الديون، وأخذ بعين الاعتبار الفترات التي تتسم بشح الأمطار، والتي كثيرا ما يكون قطع مياه السقي خلالها عن الفلاح بدعوى تأخره في أداء مستحقات المركز، سببا حقيقيا في إتلاف المنتوجات بالكامل. وبخصوص النشاط المرتبط بمركز الاستثمار الفلاحي، والمديرية الجهوية للفلاحة، والجمعيات الفلاحية، ودور هذه الأجهزة المعنية بالزراعة في الإرشاد والتحسيس والتنوير في المجال الفلاحي، فقد أشار احد الفلاحين في المنطقة، انه لا يدرك مّا تتحدث عنه هذه الأجهزة، وان ما يعيه ويفهمه من حملاتها الموجهة للفلاحين، هو ضرورة أخد الزريعة والأسمدة، وضرورة الحرث في الوقت المناسب مع الأداء في الوقت المحدد لفاتورة السقي. وهو الأمر الذي يثير الاستغراب، لاسيما، وأن أغلبية الفلاحين الصغار لا يعلمون شيئا عن اللقاءات التحسيسية لهذه المراكز المذكورة، والتي تتغيى التعريف بمتطلبات الفلاحة العصرية وبآلياتها الفلاحية والصيغ الإنتاجية وطرق التسميد ومعالجة الأمراض التي تنخر جسم الزراعة بالمنطقة.وعلى عكس هذه الأهداف، فقد عبر عدد من الفلاحين عن تضررهم بشكل اكبر مما أسموه بالمنافسة غير الشريفة للفلاحين الكبار، ومن سطوة بعض» الشُّراة» دون وازع قانوني على غلة الزيتون والمنتجات التسويقية عبر السيطرة على أثمنة السوق بطرق باتت جد معروفة، بحيث أنها لا تترك خيارا أفضل أمام الفلاح الصغير . وليس هذا فقط، بل أشاروا أيضا إلى ما وصفوه ببؤس المرافق الاجتماعية، خاصة المدارس التعليمية، وبُعد الإدارة، وغياب فضاءات الترفيه، نتيجة العزلة التي تعاني منها المنطقة بفعل السياسات الترقيعية، التي طالت العديد من الطرق وتحولت بحكم وضعها الهش إلى مسالك وعرة، وفضاءات تحتضن ألاف الحفر، ولا أدل على ذلك مختلف الطرق المستحدثة أو التي عرفت إصلاحات جديدة بكل من جماعة حد بوموسى( دوار أولاد رحو ،أولاد ارميش نموذجا) أو بمركز دار ولد زيدوح أو بجماعة سيدي عيسى، والتي كانت محط نقاشات واسعة خلال دورة أكتوبر العادية،مما طرح عدة مشاكل لهؤلاء الفلاحين الذين وجدوا صعوبة في تسويق بضاعتهم بسبب الحالة الكارثية لهذه الطرق التي يستحيل معها ولوج شاحنات النقل إلى قلب هذه الدواوير، خصوصا في الفترة الحالية حيث بدأت عملية تسويق منتوج الزيتون الذي يشكل بحق رافدا أساسيا للاقتصاد المحلي ولمدخول الفلاحين بالجهة ككل. إن تطوير أداء الفلاح وتطوير منتجاته الفلاحية بالإقليم، لن يتأتى، من جهة، دون إعادة النظر في سياسة الطرق بالعالم القروي، فهي بإختلالاتها الآنية، أمست مطلبا إلزاميا يقتضي تضافر قوى كل الجهات المعنية محليا ووطنيا، في أفق إعادة الاعتبار ليس فقط للإنسان القروي، إنما أيضا للفلاحة القروية بهذه الجهة التي تسعى رغم كل هذه الاكراهات إلى تحقيق رقم مشرف في المعادلة الاقتصادية على الصعيد الوطني. ومن جهة ثانية لا يمكن الارتقاء بالقطاع الفلاحي، دون مراقبة فعالة لكافة الصفقات، التي تهم هذه المشاريع الإصلاحية التي تحولت إلى بوابة للاغتناء اللاشرعي، و حفزت رؤساء أغلبية الجماعات المحلية إلى نهج سياسة الترقيع هاته، والنموذج هنا بجماعة حد بوموسى وسيدي عيسى وأولاد بورحمون وغيرها من جماعات الإقليم التي انتفض بعض مستشاريها ضد ما شاب هذه الإصلاحات من خروقات، وقالوا علنيا، أن أي تحقيق نزيه قد يكشف رؤوسا عدة من المحتمل أن يكونوا متورطين في خروقات هنا وهناك..