وزارة الصحة تعمل على إعادة هيكلة المستشفيات العمومية وأقسام المستعجلات لضمان التكفل بالمريض بجودة أفضل وفي زمن أقل أكد الحسين الوردي وزير الصحة أن المصالح الاستعجالية بالمستشفيات العمومية تعرف على مدار السنة نشاطا مهما وحيويا بجميع المستشفيات العمومية وبمختلف مستوياتها (محلية، إقليمية، جهوية وجامعية) أو نوعية تخصصها (عامة أو متخصصة) . وأوضح الوردي في معرض جوابه على أسئلة النواب خلال جلسة الأسئلة الشفوية ليوم الإثنين الماضي أنه خلال سنة 2011 بلغ عدد زوار المصالح الاستعجالية على الصعيد الوطني ما يناهز 4.449.139 زائرا أي بزيادة 9.13% مقارنة مع سنة 2010 التي ناهز فيها هذا العدد 4.076.736 زائرا. وأشار الوردي أن العرض الاستعجالي يبقى حاضرا ومحترما رغم التفاوت القائم بين الجهات، لكن الطلب على الخدمات الاستعجالية أصبح بدوره متزايدا وملحا أمام الإكراهات التي تعرفها هذه المصالح فيما يخص التجهيزات وقلة الموارد البشرية بمختلف تخصصاتها. واعتبر الوزير أن الأوضاع التي تعرفها أو تعيشها مصالح المستعجلات لا تعود كلها، بالضرورة، إلى الإكراهات البنيوية التي تعاني منها هذه المصالح؛ بل تساهم فيها وبشكل كبير نوعية الحالات الاستعجالية المعروضة عليها والتي لا تدخل، كما يقول الوزير، أغلبيتها في خانة حالات استعجالية حيوية، الشيء الذي يغرق هذه المصالح في أجواء غير صحية وغير سليمة على رأسها الاكتظاظ. وأكد الوزير أن وزارة الصحة، و بناء على ما ورد في التصريح الحكومي المتعلق بالقطاع، عازمة على إعادة تنظيم وهيكلة المهام التي تقوم بها هذه المصالح على صعيد جميع المستويات المكونة للمنظومة الصحية حتى تُؤدي دَوْرَها وفق معايِيرَ تُمَكِّنُ المرضى من الحصولِ على خدمات جيدة وفي ظروفٍ وأوقاتٍ معقولة. كما سَتُعْطَى الأولويةُ إلى عمليةِ الاستقبالِ والتوجيهِ داخلَ هذه المصالحِ نظراً لِتَوَافُدِ العديدِ من المرضى عليها بهدف الاستفادة من استشارة طبية لا تَتَّسِمُ في الغالب بالاستعجالية والحيوية المطلوبتين. وفي هذا الصدد، أوضح الوزير أن الوزارة تعمل على إعادة تنظيم ودعم مسلك المستعجلات الطبية على المستوى الجهوي، الإقليمي، والمحلي، وخلق 80 وحدة استعجالية طبية للقرب بالمناطق البعيدة عن المؤسسات الاستشفائية أو في الأقاليم التي لا تتوفر على مؤسسة استشفائية في الوقت الراهن، وتطوير أقطاب استعجالية متخصصة، وذلك بإطلاق تأهيل أربعة (4) أقطاب للمستعجلات الطبية بكل من الفارابي بوجدة وابن طفيل بمراكش وابن رشد بالبيضاء ومستشفى سيدي بنور. وأشار الوزير إلى أن هذه الإجراءات ستمكن من استقبال 6 ملايين من المغاربة في أقسام المستعجلات مقابل 4 ملايين ونصف تقريبا حاليا. مضيفا أنه يتم حاليا إنجاز مشروع يتعلق ب: «النقل الصحي بواسطة المروحية» بجهتي تانسيفت - الحوز وتادلة - أزيلال حيث تم الشروع في الإجراءات الإدارية والتقنية المتعلقة باقتناء خدمات النقل الصحي بواسطة المروحية. كما أشار إلى إجراءات أخرى من بينها إحداث شعبة ممرض متخصص في مجال الخدمات الاستعجالية والعناية المركزة، وإطلاق طلبات العروض لاقتناء 6 سيارات الإسعاف من فئة A مجهزة تجهيزا جيدا. وفي جواب عن سؤال حول ضعف الخدمات الصحية بالمستشفيات العمومية، اعترف الوزير أن هذه المؤسسات تعاني بالفعل من عدة نقائص تؤثر سلبا إما على نوعية العلاجات التي تقدمها هذه أو على حق الولوج إلى الخدمات الاستشفائية، وذلك بسبب العديد من الحواجز التي يعاني منها المرضى المنحدرون من الوسط القروي ( البعد الجغرافي، قلة أو انعدام وسائل التنقل والاتصال). وشدد في نفس الوقت على أن الإشكالية المزمنة التي تعاني منها المستشفيات العمومية أكثر والتي تؤثر سلبا في عملية العلاج والاستشفاء تتعلق بالتأطير، خاصة النقص الحاد في الموارد البشرية. ولذلك اعتبر الوزير أنه لا بد من إعادة النظر في العلاقة الموجودة بين المواطن والمؤسسات الصحية العمومية سواء تعلق الأمر بالمؤسسات الصحية الأساسية أو المستشفيات أو مصالح المستعجلات. وأضاف أن أكبر التحديات التي تواجه الوزارة هي التكفل بالمريض في مدة زمنية أقل، وبالخصوص النساء الحوامل، لدرء للمخاطر التي يمكن أن تنجم عن التماطل في عملية التكفل؛ مما يقتضي بالضرورة إزالة الحواجز الإدارية والمادية والطبيعية التي تحول دون استفادة المرضى من الخدمات الاستشفائية. وفي هذا الصدد، قررت الوزارة وضع جدول زمني، طبقا للتوجيهات الواردة في البرنامج الحكومي، يقضي بإنجاز تدابير استعجالية على المدى القصير و»تدابير مبنية على برامج» على المدى المتوسط التي تمتد لفترة 2012-2016. ومن بين التدابير الأساسية التي تهدف إلى تقريب الخدمات الصحية من ساكنة الوسط القروي وتسهيل الولوج إلى الخدمات الاستشفائية و الاستعجالية وكذا الارتقاء بمستوى هذه الخدمات، أشار الوزير إلى العمل على إسراع تعميم نظام المساعد الطبية لتمكين المرضى المعوزين من الاستفادة بسهولة من الخدمات الاستشفائية كحق مشروع، وتوسيع الرعاية المجانية للتكفل بالمضاعفات الناجمة عن الحمل وكذا الفحوص والتحاليل المخبرية للنساء الحوامل، وخلق وحدات استعجالية طبية للقرب بالمناطق النائية أو المدن الصغيرة التي لا تتوفر على مؤسسة استشفائية أو بعيدة عنها (80 وحدة)، وإطلاق 20 وحدة جديدة للمساعدة الطبية لإنقاذ الحوامل بالوسط القروي قصد ترحيلهم والتكفل بهم في أسرع وقت إلى دور الولادة أو أقرب مؤسسة استشفائية إذا اقتضى الأمر ذلك، وتحسين الحكامة السريرية والإدارية لرفع نسب الاستشفاء والاستشارات الطبية المتخصصة، وتعزيز توفير الموارد البشرية وذلك بمحاربة مزاولة الطب بصفة غير قانونية وتوظيف الممرضين خريجي معاهد التكوين الخاصة بالإضافة إلى الرفع من عدد مناصب الشغل، (وللإشارة فقد تم هذا خلال سنة 2011 الرفع من عدد الأطر الطبية وشبه الطبية والإدارية المعينة بالمستشفيات، وهكذا أصبحت المستشفيات بعد تزويدها بهذه الأطر تتوفر على موارد بشرية مهمة يبلغ عددها 18149 من الأطر الطبية وشبه الطبية والإدارية موزعة على الشكل التالي: 2207 طبيبا اختصاصيا؛ 1064 طبيبا عاما؛ 150 صيدليا؛ 122 جراحي أسنان؛ 10901 ممرضا في مختلف التخصصات؛ 3705 إطارا إداريا وتقنيا.) كما أشار الوزير في هذا الصدد أيضا إلى دعم الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص في إطار رؤية شمولية لاقتناء خدمات الأطباء وخدمات التشخيص، وإقرار نظام المدوامة، إلى جانب نظام الحراسة والخدمة الإلزامية، بالمؤسسات الصحية العمومية لتوسيع قاعدة الاشتغال خارج التوقيت العادي لفئة عريضة من المستخدمين والموظفين...الخ، مع تفعيل وأجرأة مضامين النظام الداخلي للمستشفيات فيما يتعلق بالإجراءات والحقوق والواجبات. في نفس السياق، وجواب على سؤال حول ما سمي ب» تماطل الحكومة بخصوص التزامها بالبنيات التحتية على المستوى الصحي والاستشفائي» استعرض الوزير عددا من المشاريع المتعلقة بشبكة الخدمات الصحية الأساسية خلال السنوات الخمس الأخيرة وكذا المشاريع التي في طور الإنجاز أو المبرمجة، وأوضح في هذا الصدد أنه تم إحداث 115 مؤسسات صحية جديدة بينما يوجد 140 مشروع في طور الإنجاز أو المبرمجة. وأضاف أن 230 عملية إعادة البناء: تمت خلال السنوات الخمس الأخيرة مقابل 100 مشروع في طور الإنجاز أو المبرمجة، إضافة إلى عمليات التوسعةالتي يوجد 37 مشروع منها في طور الإنجاز أو البرمجة. وأشار الوزير إلى مشاريع خلق مساكن وظيفية للأطباء والممرضين منها291 مشروع في طور الإنجاز أو المبرمجة. أما بخصوص شبكة الخدمات الصحية الاستشفائية، فقد أكد الوزير أنه تم خلال السنوات الخمس الأخيرة إنشاء 17 مؤسسة استشفائية جديدة منها 3 مستشفيات تابعة للمركزين الاستشفائيين الجامعيين بفاسومراكش. وقد نتج عن هذه المشاريع خلق ما يزيد عن 1620 سريرا. كما يجري حالي إحداث 55 مؤسسة صحية استشفائية أخرى جديدة، 31 منها في طور الأشغال و24 في طور الدراسات؛ وكذا تهييء(mise à niveau) 51 مؤسسة استشفائية وذلك بتوسيعها، أو إعادة هيكلتها، 43 منها في طور الأشغال و8 في طور الدراسات. أما فيما يتعلق بالموارد البشرية الضرورية لتجاوز الخصاص المسجل وضمان ولوج متكافئ للخدمات الصحية، يقول الحسين الوردي، فقد تم خلال سنة 2010 توظيف 2594 من الأطر الطبية وشبه الطبية والادارية، وخلال سنة 2011 واصلت الوزارة مجهوداتها الرامية لتعزيز المنظومة الصحية الوطنية من خلال توظيف 2502 من الأطر الطبية وشبه الطبية والادارية، فيما بلغ العدد الاجمالي للمناصب المفتوحة في جميع التخصصات برسم سنة 2012، 1687 منصبا. من جهة أخرى، وجوابا عن سؤال حول وضعية المرضى النفسانيين، جدد الوزير التذكير بالتزامات المغرب الدولية المتعلقة باحترام الحقوق الإنسانية وبتطبيق جميع الاتفاقيات المصادق عليها والمرتبطة بمكافحة التمييز الذي يتعرض له المرضى العقليون. وأكد أن الوضع الراهن للصحة النفسية للمغرب جعل وزارة الصحة تضع هذا المجال على رأس أولوياتها، واتخذت في هذا السياق عدة إجراءات ضمن مخطط عمل الوزارة 2012-2016 الخاص بالصحة العقلية، منها ما يهم البنية التحتية، ومسألة الموارد البشرية، والميزانية المصاحبة. وفي هذا الصدد أشار الوزير أن الوزارة ستعمل على تدارك الخصاص المسجل في الأسرة بتوفير 800 سرير لتعزيز القدرة الإيوائية والانتقال من 2234 سرير إلى 3000 قبل نهاية سنة 2016. وذكر أنه ثلاثة مراكز لمعالجة الإدمان: تطوان، مراكش والناظور قد قد شرع في العمل بها في هذه السنة، إضافة إلى بناء ثلاثة مراكز أخرى بكل من أكادير، فاس، والحسيمة في أفق سنة 2013؛ مع توسيع الخدمات في 4 مراكز في حدود 2016 طنجة، العرائش، القصر الكبير وشفشاون؛ وفيما يخص الموارد البشرية: ذكر الوزير أن مخطط الوزارة ينص على الحد من الخصاص على هذا المستوى من خلال تكوين 30 طبيبا نفسيا سنويا؛ وخلق4 أقسام جامعية للطب النفسي للأطفال والمراهقين، بتعاون مع وزارة التعليم العالي، لتكوين 10 أطباء نفسيين متخصصين في السنة، إضافة إلى تكوين 185 ممرض(ة) متخصص في السنة. أما فيما يتعلق بالميزانية، فأشار الوزير إلى أنه قد تم في سنة2012 تخصيص 35 مليون درهم لتطوير ورفع مستوى مرافق الأمراض العقلية، و50 مليون درهم للأدوية، مذكرا أنه أعطيت للصحة النفسية والعقلية أولوية قصوى سَتُصَاحَب بقفزة نوعية لميزانية 2013. أما بالنسبة للأدوية فقد تم ضمان استفادة 150.000 مريض سنويا بالمجان، بالإضافة إلى توسيع برنامج الحد من مخاطر تعاطي المخدرات للوصول الى 8000 مدمن مستفيد من الخدمات في 2016 من ضمنهم 2000 مستفيدا من العلاج الاستبدالي بالميطادونا. وبخصوص شريحة المتشردين، قال الوزير أن الوزارة أخذت على عاتقها ومنذ عدة سنوات دعم الشراكات بين القطاعات، لا سيما دعم إرساء إستراتيجية متكاملة بين كل القطاعات المعنية من أجل التكفل الشامل لهذه الفئة من المواطنين، لما يشكله حل ظاهرة التشرد من استعجالية. وأضاف أن الوزارة تأخذ بعين الاعتبار احتياجات المرضى للسنوات المقبلة، ضمن «خطة وطنية للصحة النفسية» تهدف إلى تعزيز الصحة العقلية والوقاية من الاضطرابات النفسية، في إطار من العدالة والمساواة بين جميع المواطنين، وضمان العلاج بأقل تكلفة، وذلك اعتمادا على استراتيجية خاصة ترمي إلى توطيد البرامج متعددة الاختصاصات، مع دعم النسيج الجمعوي من أجل الحد من العجز المستمر ببلادنا في ما يخص الإجراءات المجتمعية لتحسين الأحوال اليومية للشريحة المتشردة.