يفتتح البرلمان، بمجلسيه، في الأسبوع المقبل دورة أكتوبر، وبذلك سيعود الموضوع البرلماني إلى واجهة الكلام، وستتوجه الأنظار إلى المؤسسة التشريعية لمتابعة عملها، وأيضا دورها في تقديم أشغال أوراش التأهيل التشريعي والمؤسساتي في بلادنا. إن المؤسسة البرلمانية معنية، بشكل رئيسي، بما تحياه البلاد من مسلسلات إصلاح، وأيضا من صعوبات ومشاكل، ومن ثم، لن ينحصر أفق انتظار المواطنات والمواطنين في التفرج على البوليميك بين مختلف الأطراف الحزبية داخل القبة، ولا في إغراق الحديث في متاهات الشكليات والحصص الزمنية، وإنما سيتركز الاهتمام أساسا حول قدرة ممثلي الأمة على إخراج النصوص القانونية الضرورية لتفعيل مقتضيات الدستور الجديد، وحول نجاحهم في تحسين جودة ونجاعة السياسات العمومية، خاصة في الميادين الاجتماعية والاقتصادية وذات الصلة بواقع ومستقبل شعبنا. هنا تكمن مسؤولية برلمانيي الغرفتين معا، وهنا يجب أن يحدث التنافس والاجتهاد، وذلك حتى يساهم الكل في مواجهة التحديات الكبرى المطروحة على بلادنا اليوم. من المؤكد أن الانشغال التشريعي والسياسي سيكون كبيرا ومتشعبا هذا العام، حيث أن الدورة البرلمانية المرتقبة ستتميز بعرض وإقرار القانون المالي، كما أن الحكومة يتوقع أن تكشف عن مخططها التشريعي، الذي يبقى البرلمان المعني الأولى بإحكام تفاصيله ومقتضياته وإنجاز مساطره، بالإضافة إلى أن العام المقبل قد يعرف الحسم في الاستحقاقات الانتخابية المتبقية، وفي الإطار القانوني والتنظيمي المتعلق بها، إلى جانب ملفات إصلاحية جوهرية أخرى مطروحة في الساحة الوطنية منذ مدة، وكل هذه الأجندة المكثفة تستدعي استنفارا حقيقيا من لدن البرلمانيين وأحزابهم، وتعبئة جماعية لإنجاز النصوص والقرارات المطلوبة، وبالتالي تقوية المنجز التشريعي وتحسين جودته. وفي السياق نفسه، فإن البرلمان مطالب كذلك بتطوير أدواته الذاتية ومنظومته التدبيرية والتأطيرية الداخلية، حتى يكون في مستوى الفعل في كامل الأجندة المشار إليها، وهنا لابد من استكمال مسلسل تأهيل القوانين والأنظمة الخاصة بكل غرفة، وعلى مستوى التنسيق بين الغرفتين، بالإضافة إلى متابعة إعمال الإجراءات ذات الصلة بتغيبات البرلمانيين، وتعزيز انفتاح المؤسسة التشريعية وتواصلها مع الرأي العام، ومع وسائل الإعلام. إن نجاح أداء منظومتنا البرلمانية الوطنية، وجودة ما يقدمه التلفزيون عنها من صور ومشاهد، من شأنهما تمكين المؤسسة التشريعية من امتلاك ثقة المواطنات والمواطنين، وبالتالي استعادة ثقة الناس في السياسة وفي الانتخابات وفي الأحزاب وفي ... المستقبل، وهذا هو التحدي الحقيقي والكبير المطلوب من برلماننا وبرلمانيينا الحرص على رفعه وكسب رهاناته.