إحداث عدد من المرافق الاجتماعية النموذجية لتحسين ظروف تلقي المرضى للعلاجات سعيا إلى الارتقاء بجودة الخدمات الاستشفائية المقدمة للمواطنين وجعل المرفق الصحي فضاء للتكفل والمصاحبة الاجتماعية والدعم النفسي، تعززت المنظومة الصحية خلال السنوات الأخيرة بإحداث عدد من البنيات ذات الطابع الاجتماعي، من قبيل مؤسسات «دار الأم» ومراكز التكفل بالشباب ضحايا الإدمان ومرضى السرطان والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، لما لهذه الفضاءات من قيمة مضافة نوعية وأدوار هامة في تحفيز العلاج ودعم الشخص المريض وأسرته على حد سواء. ومن هذا المنطلق، تم إحداث عدد من هذه المرافق الاجتماعية النموذجية، وفي مقدمتها مؤسسات دار الأم والطفل التي تكتسي أهمية بالغة في تحسين ظروف تلقي الأطفال المرضى للعلاجات، لاسيما المصابين بأمراض مزمنة صعبة العلاج وطويلة أمد التكفل، وكذا اعتبارا لمساهمتها الملموسة في دعم أسر هؤلاء الأطفال وتقليص نفقات علاجهم، وذلك على غرار «دار الأم» التي تم مؤخرا، وضع حجرها الأساس. ويعكس وضع الحجر الأساس لإنجاز هذه الدار،بغلاف مالي قدره 5،3 مليون درهم ممولة بالكامل من طرف مؤسسة محمد الخامس للتضامن، العناية الخاصة بقطاع الصحة من خلال ضمان تكافؤ الفرص في الولوج إلى العلاجات وجعلها في متناول جميع شرائح المجتمع إلى جانب إحاطتها بالمواكبة الاجتماعية اللازمة ، كما يجسد الحرص على التتبع الميداني لأوراش تطوير البنيات التحتية الاستشفائية وتحسين جودة الخدمات الصحية الأساسية وتقريبها من المواطنين. وهكذا، ستوفر «دار الأم» المحدثة بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدارالبيضاء، الظروف والمناخ الاجتماعي الملائمين لاستقبال أمهات الأطفال المنحدرين من المناطق النائية والأوساط الهشة والذين يعالجون من أمراض مستعصية تستلزم التكفل والرعاية لمدة طويلة، بما يعكس المقاربة الاجتماعية المندمجة المؤطرة لهذه المبادرات التي تشرف عليها مؤسسة محمد الخامس للتضامن. وتأتي هذه البنية الاجتماعية الجديدة لتنضاف إلى دار الطفل ، التي تم تدشينها بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدارالبيضاء، والتي تتيح تطوير أنشطة الدعم الاجتماعي والتربوي وتكوين الأطفال الذين يتلقون علاجا طويل الأمد بالمركز، إلى جانب كونها مكانا حميميا للتلاقي والتواصل وفضاء للتسلية والترفيه، فضلا عن تمكينها الأطفال نزلاء المستشفى من الإبقاء على ارتباطهم بالعالم الخارجي ومتابعة الدراسة داخل الفضاء الاستشفائي. وفي سياق متصل، أضحى ولوج الفئات المعوزة إلى العلاجات الطبية أولوية مختلف الفاعلين في القطاع الصحي، لاسيما مؤسسة محمد الخامس للتضامن التي ما فتئت تعمل، في إطار الشراكة التي تجمعها مع الوزارة الوصية، على تقوية قدرات المستشفيات العمومية، وذلك من خلال مدها بالتجهيزات الطبية وعتاد الإسعافات المتنقلة، علما بأن المؤسسة شرعت في بناء وتجهيز عدة وحدات متخصصة في الولادة وعلاج المحروقين والمصابين بداء السرطان، مما مكن من تعزيز الطاقة الاستيعابية للبنيات المتواجدة والتكفل بعدد أكبر من الأشخاص المعوزين. والأكيد أن تزويد البنيات الاستشفائية بمرافق اجتماعية من قبيل مؤسسات «دار الأم»، يأتي لينضاف إلى مختلف أوراش تطوير المنظومة الصحية، وعلى رأسها نظام المساعدة الطبية (راميد)، الذي سيمكن 5،8 مليون نسمة من الولوج المجاني وشبه المجاني للعلاجات، حيث سيكون بوسع المستفيدين الحصول على الخدمات التي تقدمها 2581 مؤسسة للعلاجات الصحية الأساسية تضعها الدولة رهن إشارتهم بما في ذلك 2030 مركزا صحيا و111 مستشفى محليا وإقليميا و12 مستشفى جهويا و19 مستشفى جامعيا. وهنا تنبغي الإشارة إلى أن هذا النظام النموذجي على المستويين الإقليمي والقاري يأتي في ظل الجهود الحثيثة المبذولة من طرف الوزارة الوصية والرامية إلى سد الثغرات التي تعتري القطاع، وذلك من خلال نهج إصلاح شامل ومستدام يستهدف جميع أجهزته ومناهج تدبيره، وهو ما تشهد عليه التحولات الملموسة التي عرفتها المنظومة الصحية بعد نحو أربع سنوات من شروع الوزارة في تفعيل بنود استراتيجيتها القطاعية 2008 -2012. وعلى ضوء مجموع هذه المعطيات، يمكن القول إن البنيات الاستشفائية من الجيل الجديد لم تعد مرافق لتلقي العلاجات وتقديم الخدمات الصحية وحسب، بل أضحت أيضا فضاءات للتكفل والمصاحبة والدعم النفسي تستهدف الفئات الاجتماعية المنحدرة من الأوساط المعوزة، بالمقام الأول، بهدف مساعدتها على تحمل أعباء الاستشفاء والاستفادة من المساندة المعنوية التي يحتاجها المريض وأسرته على حد سواء.