انسحاب «فيوليا» يرغم المجلس على جمع نفايات العاصمة أخذ مجلس مدينة الرباط على عاتقه مسؤولية التدبير المباشر لمرفق النظافة وجمع النفايات الصلبة، منذ إعلان شركة «فيوليا» المكلفة منذ 2008 بتدبير هذا القطاع انسحابها، وبالتالي فسخ العقد الذي يربطها بالمدينة. وتأتي خطوة مجلس العاصمة في انتظار دخول متعهد جديد لتدبير هذا المرفق. وسجل أناس الدكالي، عضو مجلس مدينة الرباط، في حديث مع «بيان اليوم» أن قطاع النظافة بالعاصمة، ظل دائما أحد النقط السوداء بالمدينة، ولم يتحسن هذا المرفق مع شركة فيوليا وباقي الشركات المفوض لها مهمة تدبير هذا القطاع، مشيرا إلى أن النقاش الجاري حاليا داخل مجلس المدينة يرتكز أساسا على اختيار نمط جديد للتدبير في هذا المجال، يأخذ بعين الاعتبار التجارب السابقة ويستخلص منها العبر، ويهدف إلى اعتماد تقنيات جديدة من شأنها تقديم خدمات ذات جودة أحسن ولربما بتكلفة أقل. ومنذ نهاية الأسبوع الماضي، أبلغت شركة «فيوليا» المكلفة بتدبير مرفق النظافة وجمع النفايات بالعاصمة السلطات المختصة، ممثلة في ولاية الرباطسلا زمور زعير، ومجلس مدينة الرباط، بقرارها القاضي بسحب أنشطتها، وبالتالي فسخ العقد الذي يربطها بالمجلس منذ 2008، وتكلف المجلس بالتدبير المباشر لهذا المرفق عن طريق الوكالة المؤقتة، منذ قرابة الأسبوع . وأدرك مجلس مدينة الرباط، حسب أناس الدكالي، أن تجربة التدبير المفوض لجمع النفايات بالعاصمة «أثبتت فشلها ومحدوديتها «، كما بين ذلك التشخيص الذي خضع له هذا المرفق الذي وقف على العديد من النقائص، والتي كانت هي نفسها موضوع تقارير المجلس الأعلى للحسابات، سواء على مستوى المراقبة، أو على مستوى تعدد المحاورين والمتدخلين، ثم أيضا على مستوى غياب التنسيق بين هؤلاء المتدخلين. فشل تجربة التدبير المفوض لقطاع النفايات الصلبة بالعاصمة الإدارية للمملكة، حسب عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية والنائب البرلماني بفريق التقدم الديمقراطي بمجلس النواب، يجد مبرره من خلال العلاقة المتوترة بين سلطات الوصاية وبين الشركة. ويتجلى في إخلال الشركة ببنود دفتر التحملات وعدم التزامها به، كما تقف على ذلك مصلحة المراقبة التابعة للبلدية، وبالتالي باتت تصدر عقوبات مالية يتم السهر على استخلاصها، بحكم النظام الخاص للعاصمة، من قبل مصالح الولاية . هذا الإخلال، الذي اتسم أحيانا أخرى كثيرة بتدني مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، أدى إلى الدخول في نزاع بين المجلس والشركة، بسبب تأويل الإطار القانوني وشروط العقد الذي يجمعهما، حسب الدكالي. ويؤكد أناس الدكالي أن التأويل الخاطئ لمقتضيات الإطار التعاقدي يعود بالأساس إلى غياب مؤشرات واضحة للجودة وعدم وضع آليات للتحكيم، في حال نشوب نزاع، قادر على الفصل بين الطرفين المتعاقدين. كما أضاف الدكالي أن دفتر التحملات الذي حازت بموجبه شركة «فيوليا» عقد التدبير المفوض لقطاع النفايات الصلبة «لا يلزمها بالنتائج الجيدة». وقال المستشار الجماعي إنه نتيجة تواتر العقوبات والإنذارات الموجهة للشركة بسبب إخلالها بالتزاماتها القانونية، فضلا على عدم تحقيقها للنتائج المتوخاة، «كان أمام مجلس المدينة إمكانية فسخ العقد الذي يربطه بها». وعن الأسباب التي منعت مجلس مدينة الرباط من اتخاذ هذا القرار منذ البداية، يقر أناس الدكالي بوجود ما أسماه «خلل في مسلسل اتخاذ القرار» على مستوى العاصمة. وإضافة إلى التأويل الخاطئ لمقتضيات النظام الخاص للرباط كما جاء به الميثاق الجماعي، فإن المكتب الموسع الذي يعتبر ثمرة إرادة سياسية جماعية لتدبير توافقي لشؤون العاصمة..يعرف بدوره خللا في انسجاميته مما يؤثر على قوة ونجاعة القرار. هذه الإشكالية تحيل على أخرى أكبر منها يعيشها مجلس مدينة الرباط، حسب أناس الدكالي، والتي تتمثل في عدم الاستقرار السياسي (ظاهرة الترحال) لأعضاء المجلس، وهو ما يؤثر سلبا على التدبير المحلي وعلى جودة الخدمات العمومية، ومن المتوقع أن يؤثر، لا محالة، على القرار الذي سيتخذه المجلس في اختيار النمط الجديد للتدبير بالعاصمة، خصوصا في قطاع النفايات الصلبة. ويبقى التساؤل معلقا هل يختار مجلس مدينة الرباط صيغة للتدبير المباشر، الذي يسري العمل به الآن منذ إعلان شركة «فوليا» انسحابها، أم أن المجلس سيفتح الباب أمام شركات أخرى عن طريق طلب عروض لهذا الغرض، أم أنه سيتجه إلى منح هذا المرفق لشركة تنمية محلية، كما ينص على ذلك الميثاق الجماعي، بالرغم من الإشكال القانوني والمسطري الذي قد يطرحه هذا الاختيار. جمعية العقد العالمي للماء بالمغرب.. وانسحاب «فيوليا» اتخذت شركة فيوليا من جانب واحد قرار فسخ عقد التدبير المفوض لقطاع النظافة الذي كان يربطها بمجلس مدينة الرباط، ويأتي هذا القرار ضمن مسلسل التخلي عن الالتزامات الذي بدأته هذه الشركة بانسحابها من قطاع النقل الحضري بنفس المدينة بداية السنة الجارية. إن الانسحاب بهذه الطريقة ليوضح بالملموس أن عقود التدبير المفوض تتسم بالهشاشة القانونية وغير مبنية على دفاتر تحملات بالتزامات مضبوطة وواضحة، وهي بذلك تخدم مصالح الرأسمال الخاص بدل الجماعات الحضرية وعبرها المواطن المفروض استفادته من هذه الخدمات. إن مجلس مدينة الرباط ،الذي سجل إخلال الشركة المفوضة بتعهداتها في ضمان خدمة جمع النفايات وتدبيرها ، فوجئ يوم 27 يوليوز 2012 عن طريق مراسلة توصل بها من شركة «فيوليا» تخبره فيها وبكل بساطة بانسحابها الفوري من قطاع النظافة بالعاصمة الرباط. إن هذا الانسحاب وبهذه الطريقة المرفوضة على المستويات القانونية، الأخلاقية والسياسية، (والذي اعتبره عمدة الرباط أخيرا نقمة في طياتها نعمة) ليؤكد سلامة موقف العديد من قوى المجتمع المدني وعلى رأسها جمعيتنا أكمي-المغرب الرافض لكل تفويت لخدمات المواطنين الأساسية للرأسمال الخاص مغربيا كان، أو أجنبيا. في هذا الإطار فإن جمعية العقد العالمي للماء بالمغرب؛ خصوصا بعد الفشل الكبير الذي عرفه التدبير المفوض لقطاعي النقل والنظافة من طرف فيوليا في الرباط، وكذا النقص الملحوظ في خدمة توزيع المياه وجودتها؛ لتجدد مطالبتها بإجراء مراجعة شاملة تهم أسس سياسات الدولة والجماعات المحلية المتعلقة بالخدمات العمومية الأساسية للمواطنين، بشكل يستوعب خلاصات التجارب التي أتبثت أن الرأسمال الخاص بطبيعته غير قادر على العمل على تحقيق المصلحة العامة حتى ولو كان ذلك في إطار شراكات تجمعه بالقطاع العام، ليبقى الخيار المنطقي الوحيد هو العودة بقطاعات الماء والكهرباء والتطهير بأنواعه... لكنف التدبير العمومي المباشر في إطار تشاركي، ديمقراطي وشفاف بما يخدم فعلا مصلحة المواطن.