عبد الحق عشيق: نصحنا الملاكمين بالإفطار من أجل الاستعداد جيدا للمنافسات دخل الرياضيون المسلمون في حيرة من أمرهم منذ وصولهم إلى لندن للمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية التي تصادف شهر رمضان، وانقسموا بين مؤيدين لاتباع فتاوى المجالس العلمية ودور الإفتاء التي أباحت الإفطار، وبين متشبثين بأداء فريضة الصوم. ويشارك نحو 3 ألاف رياضي ورياضية ينتمون إلى دول إسلامية في الألعاب الأولمبية التي تستضيفها عاصمة الضباب لندن حتى 12 غشت الجاري، وباءت نداءات العديد من المسؤولين بها بالفشل جراء طلب تقديم أو تأخير موعد الدورة الحالية فسحا للمجال امام تكافوء الفرص الذي يعتبر احد شعارات الهيئة الدولية، لان اللجنة الاولمبية الدولية عللت الرفض بان المواعيد الاولمبية معروفة مسبقا وعلى ضوئها تستعد الدول المضيفة لها ولا يجب تغييرها فجأة. وأجازت بعض المجالس العلمية للدول الاسلامية وكبار مشايخها الافطار للرياضيين خلال الالعاب الاولمبية دون أن تفرض لجانها الاولمبية ذلك على رياضييها ورمت الكرة بين أيادي الاخيرين لتقرير مصيرهم جراء الصيام من عدمه في الاولمبياد، فيما حاولت بعض الاتحادات إقناعهم بالافطار بناء على تجارب سابقة. وفي هذا الصدد قال مدرب المنتخب المغربي للملاكمة عبد الحق عشيق في تصريح لوكالة فرانس برس «بالنظر الى صعوبة رياضة الفن النبيل والى ضرورة التدريب مرتين في اليوم فإن الملاكمين لا يقوون على ذلك وهم صائمون وبالتالي يتعين عليهم الافطار من أجل الاستعداد جيدا للمنافسة»، مضيفا «جلسنا مع جميع الملاكمين وتحدثنا إليهم في الموضوع لاقناعهم بضرورة الافطار». وتابع «لدينا تجربة كبيرة في هذا المجال، فليست المرة الأولى التي تصادف فيها مشاركتنا في إحدى البطولات الدولية شهر رمضان، ولذلك نصحنا الرياضيين بضرورة الافطار، لم تكن المسألة سهلة لأن جميع ملاكمينا ملتزمون بفرائض الاسلام والصوم، استغرق الاجتماع 3 ساعات وخرجنا بقرار الإفطار». وأردف قائلا «سمحنا للرياضيين بالصيام في اليوم الاول على سبيل التجربة وحتى لا نكون دكتاتوريين معهم، وقد تدربوا بالفعل مرتين في اليوم، الأول ووجدوا بأن الأمر صعب للغاية. جربنا أيضا التدريب بعد الافطار، لكن ذلك لم يكن مجديا لأن الفترة بين الافطار والسحور قصيرة جدا». وأوضح «الصيام يؤثر كثيرا على الملاكمين لان مشاركتهم تتوقف على الوزن، فهم مطالبون بالتدريب والتغذية حفاظا على لياقتهم وقوتهم ووزنهم، والصيام يقود الى تخفيف وزن ويضعف قوتهم خصوصا وان المباريات ستقام بعد الظهر وهذا مؤثر جدا»، مبرزا «القرار لم يكن ليتخذ لو صادفت الألعاب الأولمبية الأيام الأخيرة من شهر رمضان لأن جميع الملاكمين سيكونون متأقلمين مع الأجواء الرمضانية وسينافسون دون أي تأثير، بيد أن الأمر في لندن ليس كذلك». وأشار عشيق إلى أن الجامعة الملكية المغربية للملاكمة، اتخذت قرار الافطار منذ فترة طويلة ولم تنتظر فتوى المجلس العلمي الأعلى في المغرب لإجازة الإفطار «لاننا نعرف جيدا ما ينتظرنا»، وطالب المسؤولين عن اللجنة الاولمبية الدولية باعادة النظر في جدولة الالعاب الاولمبية خصوصا في حال مصادفتها شهر رمضان لأن الالاف من المسلمين يخوضون غمارها وبالتالي يجب منح تكافوء الفرص أمام الجميع. وكان المجلس العلمي الأعلى أعلن أنه يجوز للرياضيين المغاربة المشاركين في دورة الألعاب الأولمبية الإفطار شريطة أن يقضوا (يصوموا) ما أفطروه من أيام بعد انقضاء رمضان وقبل حلول شهر رمضان المقبل. بيد أن لاعبي المنتخب الاوليمبي المغربي لكرة القدم، رفضوا الانصياع إلى فتوى المجلس العلمي والى قرار مدربهم الهولندي بيم فيربيك بالافطار وقرروا الصوم على الرغم من أن اغلبهم يحترف في الديار الاوروبية (16 بين 18 لاعبا). وقال حارس المرمى الوداد البيضاوي المنتقل حديثا إلى اتليتكو مدريد الاسباني ياسين بونو «الصيام فريضة يجب القيام بها، وأعتقد أن الله سينصفنا ويساعدنا أيام المباريات وحتى في التدريبات، نحن معتادون على اللعب في رمضان ولن يؤثر علينا ذلك». في المقابل، قال عداء الماراتون الاردني مثقال العبادي «جربت منذ وصولي الى لندن التأقلم مع الصيام والتدريبات لكنني وجدت بان الامر صعب نوعا ما، لأنني أشارك في سباق من بين أكثر السباقات حاجة إلى تخزين الطاقة»، مضيفا «أعتقد بأنني سأتراجع عن الصيام خصوصا بعدما سجلت نقصا في الأملاح المعدنية بعد تجربة التدريبات العادية ساعتين قبل وبعد الافطار». أما حسن رفعت المنسق العام للبعثة الاماراتية فقال «بعض الرياضيين يصومون والبعض الاخر يفطر، ليس هناك أي توجه رسمي من اللجنة الأولمبية الاماراتية بهذا الأمر، فكل رياضي يتصرف حسب راحته وظروفه، ففي رياضة الجودو مثلا الرياضي حميد الدرعي يصوم ثم يتمرن بعد الافطار لأن المدرب اخذ على عاتقه أن يجري التدريبات بعد الافطار». من جهته، اوضح علاء الدين جبر أحد أعضاء البعثة المصرية «البعثة المصرية قابلت المفتي قبل المغادرة الى لندن وقد قال لهم انتم على سفر وربنا ييسر، فقد اعطى الترخيص للرياضيين وهم يتصرفون حسب راحتهم». من جهتها اكدت ريهام سويلم رئيسة بعثة القوس والنشاب «هناك فريقان، واحد يصوم والاخر يفطر، كل حسب ظروفه والمسابقة التي يخوض غمارها، انه امر اختياري وكل واحد يرى الموضوع من زاويته». يذكر أن مفتي مصر أجاز قبل أسابيع إفطار الرياضيين المصريين في دورة الألعاب الاولمبية. أما متسابق التجديف النيجري حمادو دجيبو ايساكا فاوضح بأن رياضية الجودو وحدها ستفطر فيما سيصوم الرياضيون الخمسة الاخرون، وقال «هناك فتاوى عدة بطبيعة الحال، لكننا قررنا أن نصوم لأن الأولوية إلى الدين وليس إلى الالقاب، وبما أن مشاركتنا رمزية في حد ذاتها بالنظر إلى إمكانياتنا الضعيفة مقارنة مع باقي الدول العظمى، فإن الصوم سيكون أولويتنا».