ليل الدكاليين والعبديين كله عبادة شهر رمضان بجهة دكالة عبدة كسائر المدن المغربية، حيث تمتلئ المساجد والزوايا عن آخرها لأداء الصلوات الخمس، سيما بالمساجد العتيقة التي مازالت تحتفظ نوعا ما بطابعها التقليدي في إحياء الشعائر المتعارف عليها منذ سنوات خلت، حيث تنشط الطرق الصوفية بشعائرها الدينية، كما يزداد الإقبال على التديّن من قبل كل الفئات والأعمار، وزيارة الأضرحة والتعلق بها بشكل قوي، وخصوصًا ضريح مولاي بوشعيب بآزمور ومولاي عبد الله أمغار وسيدي بو الذهب وغيرها من الأضرحة المتواجدة بكل جزء من هذه الجهة. وتبقى لصلاة التراويح خاصية منفردة حيث تعرف تدفقا بشريا هائلا سيما في المساجد التي يؤم التراويح فيها قراء شباب ذووا أصوات شجية وحسنة يتقنون قراءة القرآن بقواعدها وبالترتيل الجميل، حيث تضيق جنبات المساجد هذه بالمصلين ويصلي بعضهم في الشوارع المحاذية، لدرجة أن البعض يأتي قبل موعد الصلاة بساعة لضمان مكانه في الصفوف الأمامية، خاصة الوافدون على المدن من النواحي المجاورة والقريبة لها. لكن مقابل هذا الزخم الإيماني المتجسد في كثافة أعداد المصلين في شهر رمضان والإقبال على الدروس والمحاضرات الدينية التي تبتدئ مباشرة بعد صلاة العصر وحرص الأسر المغربية على صلة الرحم وزيارة الأقارب، هناك عادات عرف بها سكان جهة دكالة عبدة خلال هذا الشهر الفضيل تحول جو الليل إلى نهار بعد صلاة العشاء وأداء صلاة التراويح، حيث يسارع الناس إلى الاجتماع والالتقاء لتبادل أطراف الحديث سواء داخل البيوت أو على موائد المقاهي وهنا يبرز الشاي المغربي المنعنع والمنسم ببعض الأعشاب من قبيل الزعتر والفليو كأهم عنصر من العناصر التقليدية المتوارثة، في الوقت الذي تنظم ببعض البلديات والجماعات بعض الحفلات والسهرات العمومية في الشوارع والحارات، إلى ساعات متأخرة قد تستمر لحدود وقت السحور والتي يعلنها صاحب الطبل أو النفار الذي يطوف كل أرجاء المدينة معلنا إيذان السحور والاستعداد للتوجه للمسجد بقصد أداء صلاة الفجر. وبعدها يبقى بعض الناس في المساجد بقراءة القرآن وتلاوة الأذكار الصباحية، بينما يختار البعض الآخر أن يجلس مع أصحابه في أحاديث شيّقة لا تنتهي إلا عند طلوع الشمس.