بنهاية الدورة التشريعية الحالية، فتح باب النقاش مشرعا على المحطات الأخيرة التي بلغها المجلس الاجتماعي والاقتصادي، وذلك بتزامن مع نقاشات لا تقل أهمية تتعلق بما تؤكده مؤشرات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية من تدهور كبير في الوضعية الاقتصادية والاجتماعية، كانعكاسات طبيعية للأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، التي طالت عددا من القطاعات المهمة بالمغرب، وتمخضت عنه تأثيرات جانبية كبرى على المستوى الاجتماعي. وباستثناء الفيدرالية الديمقراطية للشغل التي حسمت في ممثليها داخل المجلس الاقتصادي والاجتماعي حسب تصريح أدلى به كاتبها العام عبد الرحمان العزوزي لبيان اليوم، ،لازالت النقابات الأكثر تمثيلية وجمعيات المجتمع المدني والجمعيات المهنية لم تحسم بعد لا في الأسماء ولا في الطريقة التي سيتم بواسطتها التعيين. وبقدر ما وجدت الفيدرالية، وفق تأكيدات عبد الرحمان العزوزي، سهولة في تحديد أعضائها وفق معايير الكفاءة والتجربة والفعالية، مازالت باقي النقابات والهيئات تعيش مخاضا عسيرا ونقاشات وصفها العربي القباج عضو المكتب الوطني للاتحاد العام للشغالين، في حديث لبيان اليوم، بالهادئة لحد الساعة، وبالمتوازنة على مستوى القيادات والزعامات التي تحظى وحدها بحق عرض الأسماء التي ستمثلها داخل المجلس. ويبدو أن المرسوم التطبيقي الذي صدر أخيرا، صعب مأمورية النقابات والهيئات والجمعيات المهنية، بحيث حدد عدد المقاعد المخصصة لكل نقابة وهيئة مهنية في المجلس الاقتصادي والاجتماعي، تاركا صلاحية تحديد الأسماء للزعامات النقابية. بهذا الخصوص يعيش الاتحاد المغربي للشغل على إيقاع مشاورات أولية، يرى ميلودي موخاريق نائب الأمين العام للاتحاد المغربي، في تصريح لبيان اليوم، أنها ضرورية لتحديد الأسماء التي يحق لها كسب العضوية في المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي أعلن عن ميلاده جلالة الملك محمد السادس في خطاب العرش لشهر يوليوز2008. وبعيدا عن ما أسماه موخاريق «مجرد أقاويل حول وجود تطاحنات نقابية مرتبطة بخلافات شخصية حول الأعضاء الذين سيكسبون أجرا شهريا قدره 25 ألف درهم كتعويض عن مهامهم داخل المجلس الاقتصادي والاجتماعي»، أكد هذا الأخير أن ما يجري داخل نقابته مجرد نقاشات تمهيدية تقودها الأجهزة التقريرية حول تركيبة المجلس وتمثيلية مختلف الأطراف، و إعمال المعايير الموضوعية في ذلك . وهو ما شدد عليه العربي القباج، الذي أوضح أن التوافق حول الممثلين الأكثر إلماما بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية سيكون الفصل، وذلك تفاديا لأية قراءة مغلوطة من قبل المناضلين، الذين خاضوا نقاشات واعية حول المجلس الاقتصادي والاجتماعي، كمؤسسة دستورية أسال مشروع قانونها التنظيمي الكثير من المداد، منذ أن طرحت الصيغة الأولى إشكالات المشهد النقابي والسياسي والحقوقي والاجتماعي وضرورة الوصول إلى نص مقبول ومتوازن ومتوافق عليه من قبل الجميع . من جانبها رفضت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل الحديث عن مشوار نقاشاتها لتحديد ممثليها في المجلس. واكتفى علال بلعربي عضو مكتبها التنفيذي، في رد على أسئلة بيان اليوم، بالقول «إن الموضوع غيرمطروح للنقاش في الوقت الراهن»، في تلميح إلى رفض الكنفدرالية للكوطا المخصصة لها(6 مقاعد). ويبدو أن الهيئات والجمعيات المهنية بحاجة هي الأخرى لمزيد من الوقت. فالنقابة الوطنية للتجار والمهنيين، وفيدرالية التقنيات الإعلامية والاتصال وترحيل الخدمات، والجامعة الوطنية للنقل الطرقي، والفيدرالية الوطنية للسياحة، والجامعة الوطنية لشركات التأمين، والجمعية المهنية لشركات التموين، والجمعية المغربية لصناعة النسيج والألبسة، والجمعية المغربية لتجارة وصناعة السيارات، والكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية، والفيدرالية البيمهنية للسكر، والاتحاد المغربي للفلاحة، وفيدرالية الصيد البحري. والاتحاد العام للمقاولات والمهن لازالت لم تحسم بعد في أسماء ممثليها.(مقعد واحد لكل هيئة). بهذا الخصوص قال منصف الكتاني رئيس الاتحاد العام للمقاولات والمهن، في تصريح لبيان اليوم، أن الحسم ليس بالأمر الهين بالنظر إلى ما ينتظره المغرب من المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي لا يمكن أن تكون له قيمة مضافة بالنسبة للمواطنين إلا إذا تم ضمان استقلاليته في التدبير المالي والإداري، وصلاحياته في تقديم الرأي والمشورة وإنجاز الدراسات والتقارير مع نشر آرائه وتقاريره في الجريدة الرسمية للدولة. ويضيف الكتاني أن «حل المشكل الآني المتعلق بالشخصيات التي ستحظى بالعضوية داخل المجلس وخصوصا بالنسبة للمقاولات والمجتمع المدني والخبراء، يعتبر بوابة رئيسية لبلوغ مؤسسة ذات مصداقية قادرة على إسماع صوتها لدى الجهازين التنفيذي والتشريعي». يشار إلى أن المرسوم التطبيقي وزع المقاعد الأربعة والعشرين على النقابات الأكثر تمثيلية، حيث منح الاتحاد المغربي للشغل ثمانية مقاعد؛ ستة في القطاع الخاص ومقعدان في القطاع العام، ونالت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ستة مقاعد بالتساوي بين القطاعين العام والخاص، وحصلت الفيدرالية الديمقراطية للشغل على أربعة مقاعد، ثلاثة في القطاع العام وواحد في القطاع الخاص، والاتحاد العام للشغالين بالمغرب بأربعة مقاعد موزعة على مقعد واحد في القطاع العام وثلاثة في القطاع الخاص، في حين تم منح مقعدين للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب يتوزعان بين القطاع العام والقطاع الخاص.