الفلاحون الكبار يطالبون بجبايات متشاور بشأنها والصغار يعتبرونها نهاية لنشاطهم الانتاجي تشرع الحكومة، بداية من الدخول المقبل، في تفعيل المقتضيات القانونية وإعداد المراسيم الخاصة بإلغاء امتياز الإعفاء الضريبي، الذي ظل القطاع الفلاحي يستفيذ منه منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي بعد موجة جفاف عمرت لخمس سنوات متتالية. التحرك الحكومي أثار تخوفات الفلاحين الكبار منهم والصغار الذين اعتبروا عودة العمل بالضريبة الفلاحية في ظل الظروف المناخية الصعبة التي يجتازها المغرب من شأنه أن يهدد ويقضي على فرص الإنتاج والاستثمار في القطاع بصفة النهائية، مشيرين إلى أن الاستشارات التي ستباشرها وزارة الفلاحة والصيد البحري مصيرية للمهنيين ولمستقبلهم». بهذا الخصوص، قال بلاغ للاتحاد المغربي للفلاحة، توصلت بيان اليوم بنسخة منه، إن «استئثار الحكومة بالقرار والعمل بعيدا عن المشورة وعدم إشراك المعنيين والاستعانة، بدل ذلك، بآراء تقنيين، لن يفيد لا القطاع الفلاحي ولا المصلحة العامة للبلاد»، مشيرا إلى أن «الفلاح المغربي فرد من أفراد المجتمع المغربي يعنيه تعزيز مداخيل الخزينة، لكنه يصر على أن يكون من ضمن الطاقم الدارس والمعد لمشروع الضريبة على الفلاحين في حال اتضاح التوجه نحو إقرارها». وشدد بلاغ الاتحاد المغربي للفلاحة على أن «الفلاحين هم أولا مواطنون لا يعترضون على مشروعية مبدأ خضوعهم للضريبة، لكنهم في المقابل يتمسكون بحقهم في إبداء الرأي بكل شفافية ووضوح وإشراكهم في إعداد النصوص والمراسيم المقننة لمشروع الضريبة الفلاحية صونا لحقوق وخصوصية قطاعهم الإنتاجي الذي يختلف عن باقي القطاعات لا من حيث القدرة على التحكم في حجم التكاليف ولا في مستويات المخاطر المرتبطة بالتقلبات المناخية». بلاغ الاتحاد لم يستسغه صغار الفلاحين الذين يرفضون أداء الضريبة كيفما كان نوعها على اعتبار أن «الظرفية الحالية التي أفرزتها نتائج الموسم الفلاحي الحالي والتي خلفت وراءها حزمة من المآسي وعبئا ثقيلا من الديون على كاهل الفلاحين الذين لا يجدون ما يسدون به الرمق، سوف يستمر مفعوله السلبي خلال المواسم المقبلة، مما قد يؤدي إلى رمي العديد من الفلاحين خارج محيط الإنتاج»، حسب تصريح لنوح أمرزان، رئيس جمعية الأطلس لصغار الفلاحين لبيان اليوم. ويثير موضوع الإعفاء نقاشا ساخنا ويقسم النواب والمستشارين بين فريق مؤيد لإنهاء هذا الإعفاء على اعتبار أن منطق التضامن الاجتماعي والعدالة الجبائية يفترض على كل من يجني أموالا من نشاط ما أن يؤدي الضريبة، وبين مطالب بتكييفه ليفرض فقط على كبار المنتجين ويعفى صغار الفلاحين من أي ضريبة. ولا يختلف الفريقان على أن الحكومة بحاجة، قبل اتخاذ أي قرار خلال الدخول السياسي والبرلماني القادم، إلى التأني والحوار وضمان استشارة واسعة قبل صياغة وإعداد النصوص القانونية المرتبطة بسن الضريبة على القطاع، آخذة بعين الاعتبار حقيقتين لا ثالثا لهما، يقول عباس الطنجي الخبير الزراعي وأستاذ معهد الزراعة والبيطرة لبيان اليوم، تتعلقان بالواقع الهيكلي للفلاحة المغربية. فإقرار الضريبة الفلاحية والقطع مع سنوات طوال من الإعفاء الجبائي، يوضح عباس الطنجي، «يجب أن يأخذ بعين الاعتبار، من جهة، طبيعة المنتجات المستهدفة وحيويتها في تحقيق الأمن الغذائي ودورها في جلب العملة الصعبة وحجم الاستثمارات التي تتطلبها وشدة تأثرها بالتقلبات المناخية، ومن جهة أخرى غلبة صغار الفلاحين في الهيكلة الفلاحية المغربية الذين يشكلون السواد الأعظم من الفلاحين الذين تصل مداخيلهم إلى مستويات متدنية ولم يستفيدوا قط من امتيازات مخطط المغرب الأخضر» . وعلمت الجريدة من مصادر متطابقة، أن وزارة الفلاحة ستعمد الأسبوع الجاري، الى إطلاق مشاورات مع المهنيين حول الضريبة الفلاحية، من أجل الوصول إلى نظام ضريبي فلاحي يتوقع أن يهم الأول الاستغلاليات الكبرى التي تحقق فائض قيمة مهما، وأن يراعي الثاني الأوضاع الاجتماعية الهشة للفلاحين الصغار وضرورة التضامن معهم.