يدعون إلى ترسيم اللغة الأمازيغية في بقية دول تامازغا إسوة بمبادرة المغرب فجر الدكتور الحسن أولحاج، عميد كلية الحقوق بجامعة الرباط أكدال، قنلبة من العيار الثقيل حين كشف، في مستهل مداخلته في الندوة العلمية للجامعة الصيفية بأكادير الأسبوع الماضي، عن التغيير الذي طرأ على الصيغة النهائية للدستور بعد إحالتها من طرف اللجنة الاستشارية المكلفة بالمراجعة الدستورية على أنظار الآلية السياسية التي يرأسها المستشار الملكي محمد معتصم والمكونة أساسا من ألوان الطيف السياسي والنقابي... وقال الحسن أولحاج، الذي كان عضوا في اللجنة الاستشارية المذكورة، إن الفصل المتعلق بالأمازيغية كان يحمل رقم 3، وإذا به تحول فيما بعد إلى رقم 5. مشددا على أن الصيغة النهائية لهذا الفصل كما أقرتها اللجنة، كانت تنص على أن «العربية والأمازيغية لغتان رسميتان»، وبقدرة قادر، أصبحت الصيغة المعتمدة تفصل تراتبيا بين اللغتين وتعطي الانطباع بأن ثمة لغة رسمية أولى وأخرى ثانية، يقول أولحاج، مضيفا أن ذلك يضرب في الصميم المقاربة المساواتية التي احتكمت إليها الصيغة الأصلية بعد اقتناع سائر مكونات اللجنة بالترافعات السياسية والثقافية والجمعوية التي أجمعت على المطالبة بدسترة وترسيم الأمازيغية على قاعدة المساواة بينها وبين العربية. وتساءل الدكتور أولحاج في معرض تدخله في الندوة العلمية التي تمحورت حول موضوع «تفعيل دسترة الأمازيغية.. تحديات وآفاق»، عن صيغتي الجمع والمفرد اللتين اجتمعتا في المادة التي تنص على إحداث «مجلس وطني للغات والثقافة المغربية» عوض الصيغة الأصلية التي تتحدث عن اللغات والثقافات المغربية، والتي أتت لتعكس قيم التنوع والتعدد والغنى والاختلاف التي تسم الشخصية المغربية، حضاريا وهوياتيا. هذا وطالب المتحدث بانسحاب المغرب من الجامعة العربية لأنها، في نظره، لا تعكس ذلك التنوع الثقافي واللغوي الذي يميز المغرب عن سائر الأقطار العربية التي تتصف بالنزعة الأحادية. كما دعا إلى تغيير اسم اتحاد المغرب العربي وتعويضه باسم جديد يتمثل البعد الأمازيغي أيضا، مقترحا اسم «اتحاد دول تامازغا» أو في حالة تشدد بعض الأطراف، يمكن الاكتفاء بإحدى الصيغتين، إما «الاتحاد المغاربي» أو «اتحاد المغرب الكبير». من جهته شبه المحامي والناشط الأمازيغي الصافي مومن علي الفصل الخامس من الدستور المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، بمثابة «قطعة من الذهب الخالص، أو من حجر كريم»، واعتبر أن الهيئة التي ستتكلف بإعداد القانون التنظيمي المنصوص عليه في هذا الفصل، «بمثابة الصانع الماهر المحترف، الذي يستخرج تمثالا رائعا، ومتقنا غاية الإتقان من هذه القطعة»، ومن هذا المنظور، دعا الصافي مومن علي إلى توخي الدقة في تكوين هذه الهيئة و»حسن اختيار أطرها لإنجاز هذه التحفة الرفيعة'. وتحدث الناشط الأمازيغي بإسهاب حول مختلف المراحل التي ينبغي أن يقطعها مسلسل تفعيل ترسيم الأمازيغية، على عدة مستويات: مستوى ميدان التطبيق، ومجالات الحياة العامة ذات الأولوية، ومستوى الأجرأة في مراحل التفعيل، وكذا سبل وكيفيات الإدماج. (أنظر نص مداخلة الأستاذ الصافي مومن علي على الصفحة 6 من هذا العدد). ولعل أهم ما ميز هذه الجامعة الصيفية، فضلا عن نوعية المداخلات والعروض القيمة التي ألقيت في رحابها من قبل نخبة من الباحثين والمفكرين، هو تتويج أشغالها بإصدار وثيقة هامة تحت عنوان «نداء أكادير». ويتضمن هذا النداء الذي توصلت بيان اليوم بنسخة منه، جملة من القضايا المرتبطة بصيرورة تفعيل ترسيم الأمازيغة في مختلف المجالات، مطالبا بضرورة «التعجيل بإصدار القانون التنظيمي الخاص بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية مع ضرورة إشراك الفاعلين الأمازيغيين في تهيئ مشروع هذا القانون طبقا لما ورد في البرنامج الحكومي من تعهد يجعل الأمازيغية ضمن الأولويات؛ وذلك في إطار تحصين المكتسبات والحفاظ على خيارات مأسسة الأمازيغية، المتمثلة في التوحيد والإلزامية والتعميم وحرف تيفيناغ». وركز «نداء أكادير» (الذي ننشر نصه الكامل على الصفحة السابعة من هذا العدد) على المجالات ذات الأولوية كالتربية والتعليم، والاتصال والإعلام، والثقافة، والعدالة والتشريع، وحقوق الإنسان، ومشروع الجهوية الموسعة.. داعيا الأحزاب السياسية والفرق البرلمانية إلى فتح نقاش مسؤول وعميق حول هذا القانون التنظيمي، مطالبا هيئات وتنظيمات المجتمع المدني الحقوقية والثقافية والنسائية والشبابية بتكثيف لقاءات الحوار والتداول في موضوع القانون التنظيمي من أجل بلورة التصورات والمقترحات الكفيلة بصياغة مشروع قانون تنظيمي يستجيب لتطلعات وانتظارات المغاربة في الترسيم الفعلي والعملي للأمازيغية. ودعا النداء إلى ترسيم اللغة الأمازيغية في بقية دول تامازغا إسوة بمبادرة المغرب وتعبيرا عن التعددية اللغوية والتنوع الثقافي اللذين يَسِمان في الواقع هذه البلدان تحصينا لهويتها من مخاطر الاستيلاب والعولمة. والعمل على التعاون في إرساء برامج إدراج الأمازيغية في التعليم والإعلام وفي مختلف قطاعات الحياة العامة بكل بلدان تامازغا.