وجه، أول أمس الخميس، المشاركون في الندوة التي تحتضنها ويلتون بارك (65 كلم جنوبلندن) حول المغرب العربي ، نداء عاجلا إلى دول المنطقة لتسريع مسلسل الاندماج كشرط لا غنى عنه لتأمين رفاهية شعوب المنطقة، وحمايتها من أخطار عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي. وأجمع عدد من الخبراء الاقتصاديين والسياسيين على أن الاندماج على مستوى المنطقة المغاربية يعد خيارا لا مفر منه في سياق دولي معولم يتسم بالتنافسية التي تزداد حدتها يوما بعد يوم. وأكدوا على وجوب تحلي بلدان المغرب العربي بالواقعية، من خلال تجاوز الخلافات ذات الطابع السياسي، من أجل تحقيق طموحات سكانها في الاندماج. وأشار أنتوني أو-سيليفان، رئيس القسم المكلف بتنمية القطاع الخاص في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، إلى أن «الاندماج سيشكل مصدر قوة للمنطقة في مواجهة المحاورين الدوليين»، مبرزا أن خلق الثروات وإحداث مناصب الشغل لفائدة الشباب يعد التحدي الأساسي الذي يجب أن ترفعه الدول المعنية. وأكد المتدخلون على الدور الهام الذي يمكن أن يضطلع به القطاع الخاص في خلق التآزر اللازم من أجل الدفع بالاستثمارات وتعزيز جاذبية المنطقة التي تتوفر على إمكانات كبيرة، محذرين، من احتمال تفويت فرص الاستثمار على الصعيد الدولي في إطار العولمة. وأبرز عدد من المتدخلين أن أغلب الدول المغاربية تعاني من ضعف تنوع نسيجها الاقتصادي الذي يرتبط بشكل كبير بقطاع الطاقة مما يحول دون استفادة. دول المنطقة من فرص جذب الاستثمارات ويعوق التكامل بين الدول المغاربية الخمس. في هذا الإطار، أبرز أو-سيليفان، على الخصوص، التجربة المغربية الرائدة، التي تعمل على تعزيز تنوع اقتصادها من خلال تطوير قطاعات جديدة توفر فرصا واعدة كالقطاع المالي، والأوفشورينغ (ترحيل الخدمات)، والطيران، وقطاع صناعة السيارات والفلاحة. واعتبر أن السياسة المغربية يمكن أن تشكل مصدر إلهام بالنسبة للدول الأخرى، مشيرا إلى إحداث المغرب لمراكز جهوية للاستثمار اضطلعت بدور أساسي في تشجيع وتحفيز الاستثمار. واسترعى القطاع المالي المغربي انتباها خاصا خلال النقاشات من خلال تتبع المشاركين لعرض للمدير العام لبورصة الدارالبيضاء، كريم حجي، سلط فيه الضوء على المنجزات التي حققها المغرب في هذا القطاع الذي يفرض نفسه حاليا كمحرك حقيقي ومحور أساسي في التنمية الجهوية. وذكر، في هذا الصدد، بقرار إحداث «كازا فاينانس سيتي»، الذي يعكس موقع المغرب كثاني أقوى قطاع مالي في إفريقيا بعد دولة جنوب إفريقيا. وقال إن الابناك المغربية تتواجد في 17 بلدا إفريقيا، مستعرضا الأسس السليمة التي يقوم عليها القطاع بفضل الإطار القانوني الذي يتماشى مع المعايير الدولية. ولاحظ المسؤول أن «كازا فاينانس سيتي» يمكن أن يساعد في خلق «المغرب العربي المالي». وتميزت الجلسة الافتتاحية للندوة التي تواصل الى غاية يوم الجمعة، بمشاركة الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون يوسف العمراني، والوزير البريطاني المكلف بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا أليستر بيرت، والوزير الجزائري المكلف بالشؤون المغاربية عبد القادر مساهل. ويروم هذا اللقاء، الذي شارك فيه ، أيضا، عدد من المسؤولين السياسيين والاقتصاديين ومستثمرون وباحثون أكاديميون، بحث سبل تطوير الإمكانيات الاقتصادية للمغرب العربي وتشجيع التعاون بين البلدان المغاربية.