حفل ديني إحياءً لذكرى الإسراء والمعراج لفائدة رائدات المساجد    قافلة تضامنية لتوزيع الملابس والأغطية الشتوية بجماعات إقليم الفحص أنجرة    وفاة خمسيني ب"بوحمرون" في مارتيل تُثير المخاوف وتُجدد الدعوات للتوعية الصحية    وفد من الدبلوماسيين من الكاريبي يشيد بزخم التنمية بجهة الداخلة    الركراكي: هدفنا الظفر بلقب "كان 2025" ومجموعتنا تضم منتخبات متمرسة وعنيدة    أخنوش: استقرار بلادنا بقيادة ملكية ووجاهة الخيارات الحكومية جعلت من السياحة قصة نجاح حقيقية    لقجع: الملك يتابع تنظيم كأس إفريقيا    لقجع: المغرب وفر كل الظروف لإنجاح كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم 2025    نقابة التعليم العالي تدين حملة التشهير في حق أستاذين وتطالب بتفعيل المساطر القانونية    المعارضة تنتقد احتساب مغاربة العالم ضمن السياح الوافدين على المملكة    وزارة التجهيز والماء توفد لجنة للبحث في ملابسات وفاة 5 أشخاص بورش بناء سد المختار السوسي    انهيار صخري يغلق الطريق الساحلية بين تطوان والحسيمة ومديرية التجهيز تسارع لإعادة فتحها    كأس أمم إفريقيا 'المغرب 2025': الإعلان عن المدن والملاعب التي ستستضيف المنافسات    السلطات الوقائية تتمكن من انتشال جثث ضحايا تارودانت    إحباط محاولة تهريب 42 كيلوغراماً من الشيرا بميناء طنجة المدينة    مونديال 2030.. الحكومة تعمل على الارتقاء بمنتجات الصناعة التقليدية لإبراز أصالة الهوية الوطنية وتلبية رغبات السياح الوافدين (أخنوش)    العرائش أنفو    تسعة ملاعب مغربية تستضيف النسخة ال35 من كأس إفريقيا    إغلاق ميناء طنجة في وجه الملاحة البحرية    توقيع اتفاقية لاحتضان المغرب رسميا مقر جمعية الأندية الإفريقية لكرة القدم    أداء متباين في بورصة الدار البيضاء    عملية حد السوالم إستباقية أمنية و يقظة إستخباراتية في مواجهة الخطر الإرهابي.    وزارة التجهيز تحذر من أمواج عاتية بعلو يتراوح بين 4 و6.5 أمتار الخميس المقبل    الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية يشيد بالرؤية السامية لجلالة الملك للنهوض بالسياحة في المغرب    أخنوش: لدعم السياحة نفذت الحكومة في عز الجائحة مخططا استعجاليا بقيمة مليارَي درهم    مستشفيات طنجة: خلية طوارئ تعمل 24/24 لمواجهة وباء بوحمرون بخطة عمل استباقية    رئيس الحكومة: 8.5 مليون ليلة مبيت للمغاربة في الفنادق المصنفة سنة 2024    توقعات بعودة التساقطات الثلجية إلى مرتفعات الحسيمة    رحو يدعو إلى عقلنة استغلال المعطيات الشخصية في "السجل الاجتماعي"    مئات الآلاف من النازحين يعودون إلى شمال غزة في مشهد إنساني مؤثر    طهاة فرنسيون مرموقون: المطبخ المغربي يحتل مكانة متميزة في مسابقة "بوكوس دور"    الجامعة الوطنية للصحة بالمضيق-الفنيدق تصعّد ضد تردي الوضع الصحي    ناس الغيوان تلهب حماس الجمهور في حفل استثنائي في ستراسبورغ    بما فيها "الاستبعاد المدرسي".. "الصحة" و"التعليم" تطلقان تدابير جديدة في المدارس لمواجهة انتشار الأمراض المعدية    بعد النتائج السلبية.. رئيس الرجاء عادل هالا يعلن استقالته من منصبه    الدفاع الجديدي يطالب بصرامة تحكيمية ترتقي بالمنتوج الكروي    مسرح البدوي يخلد الذكرى الثالثة لرحيل عميد المسرح المغربي الأستاذ عبدالقادر البدوي.    هروب جماعي من سجن في الكونغو    مشاهير مغاربة يتصدرون الترشيحات النهائية ل "العراق أواردز"    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    المعارضة تطالب باستدعاء التهراوي    المال من ريبة إلى أخرى عند بول ريكور    أمطار وزخات رعدية متوقعة في عدة مناطق بالمغرب مع طقس متقلب اليوم    متى تأخر المسلمون، وتقدم غيرهم؟    الولايات المتحدة تعلن تمديد وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل حتى 18 فبراير    ريدوان يهدي المنتخب المغربي أغنية جديدة بعنوان "مغربي مغربي"    الكرملين ينتظر إشارات من واشنطن لاجتماع محتمل بين بوتين وترامب    الصين: قدرة تخزين الطاقة الجديدة تتجاوز 70 مليون كيلووات    وعود ترامب الثلاثة التي تهم المغرب    وفد عسكري مغربي يزور مؤسسات تاريخية عسكرية في إسبانيا لتعزيز التعاون    سكان قطاع غزة يبدأون العودة للشمال بعد تجاوز أزمة تتعلق برهينة    تايلاند تصرف دعما لكبار السن بقيمة 890 مليون دولار لإنعاش الاقتصاد    برودة القدمين المستمرة تدق ناقوس الخطر    ندوة ترثي المؤرخة لطيفة الكندوز    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفنان يوسف شطاطي: النبش في دواخل الناس لتضمينه في أعمال إبداعية
نشر في بيان اليوم يوم 13 - 07 - 2012

يلتقط يوسف أي شيء من الأرض ثم يضيف إليه أشياء أخرى. يمد يده إلى بحيرة الصباغة الصغيرة٬ يحرك الفرشاة على الأشياء التي التقطها من الأرض٬ ثم "فجأة" نجد أنفسنا أمام لوحة فنية كاملة. هكذا٬ بهذه البساطة المتناهية٬ يبدع يوسف شطاطي٬ منذ أزيد من 20 سنة٬ في ما يسميه "فن البقايا".
في ورشته بقرية الصناع التقليديين بوجدة٬ يتفاخر يوسف٬ شأن كل فنان يعشق ما أبدعت يداه٬ بمنجزاته الفنية. يحول الرجل كل ما يصادفه على قارعة الطريق أو يجده في "بيت الخزين" أو تقع عليه عيناه في أي مكان وتحت أي شكل إلى لوحة فنية. لا مشاكل. المادة الأولية لا تكلف سوى صفر درهم٬ لكن قيمة المنجز الإبداعي تتمثل في "الإضافة" التي يقدمها الفنان٬ تتمثل فيه هو٬ كما كان يقول نجيب محفوظ.
يحكي يوسف٬ الذي توقفت حياته الدراسية في الصف الخامس ابتدائي٬ أنه كان في زمن الطفولة الأولى يعمد إلى أحجار الوادي ونوى المشمش والمتلاشيات التي يبحث عنها هنا وهناك ثم يشكلها على الطريقة التي تستهوي العين. "عشت محروما من اللعب الطفولي ومن الذهاب إلى السينما٬ لأن هذا الفن ابتلع كل أوقاتي"٬ يقول الرجل في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء.
أدرك الرجل أن هذه الهواية "الغريبة" يمكن أن تصبح مصدر رزق. كان يقضي الليالي الطوال في العمل٬ لا يحتاج الأمر سوى إلى شيء من النباهة وخفة اليد: أضف السلك الصدئ إلى الخاتم المتآكل واستثمر بقايا ثريا قديمة ثم أبدع في تشكيل هذه المواد وركز جيدا حين تستعمل الصباغة التي تأتي بها من الأرض والبهارات وأشياء أخرى. والنتيجة: صندوق "تراثي"٬ هكذا يبدو٬ لحفظ الوثائق والنقود.
وحين حمل أغراضه٬ من المتلاشيات والبقايا طبعا٬ واستقر بقرية الصناع التقليديين٬ أحس بأن أبواب الرزق صارت تضيق. كان يرى كيف يقبل الزبناء على الصناع التقليديين٬ من حرفيي الزليج البلدي وغيره٬ وتمر الأيام تلو الأيام دون أن تمتد يد تطرق باب ورشته الصغيرة.وهنا٬ استفزت روحه المتوثبة فأبدعت الحل: تزيين الأبواب والجدران ب"المتلاشيات" و"البقايا".
وانفتحت٬ بذلك٬ في الأفق المسدود فجوة أمل صغيرة. كان يوسف يقضي يومه في الورشة يستقبل الزبناء ويمضي ليله في البيت ينحت ويلون ويقطع ويدق. "الصنعة بنت الليل"٬ يعقب الرجل. ثم سرعان ما فتح حسابا على موقع تواصل اجتماعي وصار يعرض منجزاته الفنية ويفاوض ويناقش ويبيع..
في مسار هذا الرجل٬ الذي لم يتخط في دراسته النظامية عتبة "الشهادة" الابتدائية٬ نقاط ضوء كثيرة تلتقي جميعها في بؤرة "العصامية" و"الفن الفطري" والرغبة الشخصية في التحدي وإثبات الذات. وهي المعاني التي تشربها في مدرسة أرحب إسمها الجهد والعرق والتضحية.."كنبقش للناس في قلوبهم"٬ يقول يوسف بلكنته الوجدية الجميلة.
ويقصد الفنان العصامي أنه ينقب (يبقش) عن أعمق ما في دواخل الناس ليضمنه في أعماله الإبداعية٬ مفصحا٬ بذلك٬ عن نزوعه الإنساني الفطري وعن سر خطير من أسرار الإبداعية حين تبحث عن أعمق ما في الإنسان وتخاطب أصدق ما فيه.
ويبدع يوسف٬ بحسب مهتمين٬ في مجال فني دقيق وجدير بالعناية صار يطلق عليه "إعادة التدوير الفني"٬ على غرار 'إعادة التدوير الصناعي" ذي التكاليف المالية الباهضة٬ وهو جنس فني يضع في حسبانه التوفيق بين متطلبات الحفاظ على البيئة ومقومات ترقية الأذواق الفنية وفق رؤية جمالية لا تختزل العالم في منجزاته المادية التي تتم٬ في الغالب الأعم٬ على حساب البيئة بمعناها الواسع.
ولم يكتف يوسف٬ الذي اشتغل لسنوات عازفا للقيثارة ومغنيا (في الأعراس والحفلات العائلية)٬ بتطوير أدواته الإبداعية ومهاراته الفنية فحسب٬ بل انفتح على جمعيات المجتمع المدني وصار مؤطرا "متطوعا" للفتيات والنساء في "فن البقايا".
"لا تكلف الدروس التي أقدمها شيئا. لا زجاج ولا صباغة زيتية ولا إطارات. تبحث النساء عن البقايا والمتلاشيات في بيوتهن٬ ثم نفسح المجال للخيال لنبدع سوية تحفا فنية"٬ يؤكد الفنان الوجدي٬ قبل أن يخرج شهادات التقدير والتكوين التي راكمها طوال 20 سنة ويبسطها على الطاولة وبريق فخر خفي يشع من عينيه.
ماهو الإبداع يتساءل فيلسوف الجمال. "أن تبدع من لا شيء.." يجيب المبدع العصامي يوسف شطاطي بلغة الحال٬ لا بلغة المقال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.