يختتم البرلمان اليوم دورة أبريل، ويتوجه أعضاء الغرفتين لقضاء عطلهم إلى غاية انطلاق دورة أكتوبر المقبلة، والمناسبة تجسد فرصة أخرى لتقييم الحصيلة ورصد الاختلالات، وبالتالي إعادة طرح موضوع الممارسة البرلمانية في بلادنا وضرورة تأهيلها. بالرغم من كون الدورة البرلمانية المنتهية شهدت لحظات هامة من النقاش السياسي، خصوصا بمناسبة عرض الحكومة لحصيلتها النصفية، وأيضا على هامش صدور تقرير المجلس الأعلى للحسابات، أو من خلال أشغال الحوار الجاري حول الإعلام والمجتمع، فإن المهمة الرئيسية الأولى لأي برلمان في العالم، وهي التشريع، خلفت خلال هذه الدورة حصيلة متوسطة، فضلا على أن المبادرة التشريعية، وكما يحصل منذ سنوات، لا زالت بيد الحكومة، وهذا اختلال جوهري مثير، يتحمل مسؤوليته البرلمان وأيضا الحكومة، ويقتضي انكبابا جديا وإرادة سياسية حقيقية لتجاوزه. جلسات الأسئلة الشفوية أصبحت لوحدها دليلا كافيا على حاجة مؤسستنا البرلمانية لإصلاح جذري وتأهيل حقيقي، حيث أن مواضيع الأسئلة وطرق طرحها والأجواء العامة للجلسات ومستوى الخطاب الذي تنقله القناة الأولى أسبوعيا، يدفع المواطنين إلى الإحجام عن كل فعل سياسي وليس الاهتمام به والانخراط فيه. وإذا أضفنا إلى هذا مستوى الأسئلة الكتابية كذلك، وضعف اللجوء إلى مسطرة لجن تقصي الحقائق، والأجواء التي تمر فيها أعمال اللجان، فإن المهمة الرئيسية الثانية للبرلمان المتمثلة في مراقبة عمل السلطة التنفيذية هي الأخرى تفرض كثير كلام. الكلام هنا ليست له أية خلفية عدمية، ولا ينكر مجهود عدد من البرلمانيين وكفاءتهم السياسية والتقنية، إنما القصد أن إصلاح فعلنا البرلماني وتأهيله بات ضرورة ديمقراطية ووطنية، ولم يعد من المقبول في كل مرة أن نكرر الكلام نفسه والمطالب ذاتها. الحاجة ملحة للإصلاح في المنظومة السياسية والدستورية والتنظيمية، والحاجة ملحة إلى الحسم في استكمال ما تراكم لدى الغرفتين من نصوص ومشاريع منذ فترة طويلة، وفي تنظيم العلاقة بين الغرفتين، وفي تمكين الفرق والبرلمانيين من وسائل العمل ومن الموارد البشرية المؤهلة لتطوير مستوى أدائهم، وفي الحد من كل الشعبويات التي تبرز في جلسات الغرفتين بين حين وآخر، وفي استغلال بعض المقتضيات لغير أهدافها، كما يحصل مع مسألة الإحاطة في مجلس المستشارين، وفي إعادة تنظيم جلسات الأسئلة الشفوية.... من جهة أخرى، استمرت خلال دورة أبريل ظواهر أخرى مثل: الترحال البرلماني، وتغيبات البرلمانيين، وهذه قضايا تستدعي هي الأخرى انكبابا جديا على معالجتها إجرائيا ومسطريا، لكن أساسا على المستوى السياسي... المغرب اليوم في حاجة إلى إصلاح حقيقي لمؤسسته البرلمانية، وإن إعادة الاعتبار لها هو إعادة اعتبار للعمل الديمقراطي وللسياسة بصفة عامة، وكانت الحكومة قد أعلنت عزمها فتح مشاورات حول الإصلاحات السياسية في أفق انتخابات 2012، وورش العمل البرلماني وقوانين الانتخابات يمثل محورا مركزيا ضمن هذا الاصلاح.