تجاوب جمهور مدينة الرشيدية بشكل كبير مع العرض المسرحي «صياد النعام» الذي قدمته فرقة مسرح أونامير من أكادير بقاعة فلسطينبالرشيدية، ضمن فعاليات الدورة الخامسة لمهرجان الرشيدية الذي نظم هذه السنة تحت شعار «تافيلالت أيقونة ثقافة الصحراء». وقد تمكن هذا العرض الذي جمع لأول مرة ما بين احتفالية عبد الكريم برشيد صاحب النص وتقنية إخراج المسرح الثالث للمخرج عبد القادر أعبابو، من خلق فرجة مسرحية في بعدها الفني والفلسفي وفق ما يروم له أب الفنون من إيصال الفكرة في جانبها التربوي وتهذيب الذوق بما أن الفرجة المسرحية هي أرقى أشكال الفرجة الأخرى، في ذات الوقت تمكنت جمعية الرشيدية من خلال برمجتها لهذا العرض من الوفاء لموضوعة المهرجان، كمهرجان ثقافي جمع بين الفن والأدب والفكر والثقافة. مسرحية «صياد النعام» تدور حول شخصية محورية وهي شخصية «محجوبة» التي قامت بتشخيصها الفنانة الصاعدة سلوى أعبابو في تجسيد مكثف لواقع المرأة المغربية في مختلف أبعادها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية وما تعانيه من حيف على هذه المستويات، وذلك في قالب فني وفكاهي حافل بالدلالة الرمزية مستندة على قاموس لغوي يمزج بين اللغة الدارجة والعربية الفصحى، واعتماد حقول دلالية متعددة كالحقل الديني والحقل السياسي والثقافي والاجتماعي وهو ما جعل التجاوب مع العرض يتم بطريقة سلسة وكأن حوارا مسبقا كان بين المخرج والجمهور، الذي رأى في «صياد النعام» صرخة استنكارية لمعاناة المرأة مع الرجل بشتى تمظهراتها فوق الخشبة، بل وحتى معاناتها مع النفس الخبيثة من خلال شخصية «الشيطان» أو «الذئب» اللذين يحيلان على مكر الواقع ومكر المجتمع بكل ترسباته الثقافية والاجتماعية والدينية. وتعد هذه المسرحية، أول عمل لمسرح «أونامير» يتعامل فيه المخرج عبد القادر اعبابو المنتمي لتيار المسرح الثالث مع مؤلف ينتمي لتيار الاحتفالية، عبد الكريم برشيد، حيث تسجل فرقة مسرح أونامير نوعا من الانفتاح على صنف درامي خاص، ينهل من المسرح الاحتفالي. ويتعلق الأمر بتطبيق معايير ومبادئ الإخراج السينوغرافي للمسرح الثالث الذي يعتمد بشكل كبير على لغة الجسد وعلى بساطة الديكور على المسرح الاحتفالي، وهو أسلوب اعتمده عبد القادر عبابو للتأكيد على رغبته في التجديد والتغيير على مستوى العناصر الضرورية لأية تجربة إخراج تهدف الاستمرارية. وفي مسرحية «صياد النعام» استخدم عبابو، الذي راكم ثلاثين سنة من التجربة في مجال الإخراج، الأدوات المنهجية والجمالية والتقنية الأنسب ليتعمق في النص ويسلط الضوء على خصوصياته الدرامية، والهدف من ذلك حسب المخرج، يكمن في الاعتماد على قوة الخيال والابتكار لصنع مشهد مسرحية جدلية تستجيب لنداء الاستراتيجية التواصلية والفلسفة الجدلية للمسرح. يشار إلى أن المسرحية حظيت بدعم وزارة الثقافة ضمن الميزانية المخصص للدعم المسرحي برسم الموسم المسرحي 2010-2009.