بعد انفتاحها في السنة الماضية على الناقد السينمائي المتميز الأستاذ مصطفى المسناوي وتكليفه برئاسة لجنة تحكيم مسابقة الدورة 14، ارتأت إدارة مهرجان السينما الافريقية أن تنفتح هذه السنة على وجه آخر من وجوه النقد السينمائي بالمغرب متمثلا في الأستاذ الجامعي محمد الدهان. وهذا الاختيار يمكن اعتباره، في حد ذاته، نوعا من التكريم لهذا المناضل السينمائي المحنك، على الواجهة الثقافية، الذي مارس التنشيط السينمائي منذ أواخر الستينات من القرن الماضي داخل "الاتحاد المغربي للنوادي السينمائية "وبعده في إطار" الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب"، التي يعتبر أحد مؤسسيها البارزين يوم 11 مارس 1973 الى جانب الأستاذ نور الدين الصايل وآخرين. وهو تكريم فني يأتي بعد تكريمه العلمي في ماي الأخير بكلية الآداب والعلوم الانسانية أكدال بالرباط حيث يعمل كأستاذ للتعليم العالي متخصص في السوسيولوجيا. واذا كان الأستاذ مصطفى المسناوي معروفا بحضوره المنتظم في صحافتنا المكتوبة عبر كتبه ومقالاته النقدية وأركانه الساخرة، يا أمة ضحكت... نموذجا، وابداعاته القصصية والسيناريستية وترجماته لنصوص بعض كبار المفكرين وعلماء الإنسان وأبحاثه الفكرية والسينمائية وتغطياته لبعض كبريات المهرجانات السينمائية العربية والأوروبية وغيرها، فالملاحظ أن الأستاذ محمد الدهان ينتمي الى فصيلة المثقفين المغاربة الشفويين الذين لم يعطوا أهمية لتدوين أفكارهم وتحليلاتهم ومواقفهم وتصوراتهم لواقعنا الثقافي والفني، ورقيا أو الكترونيا، إلا في السنوات الأخيرة، حيث نشر بعض المقالات والأبحاث السوسيولوجية والسينمائية وفتح مدونة خاصة به على الشبكة العنكبوتية، منذ نونبر 2009، ضمنها بعض كتاباته المتمحورة حول السينما والتلفزيون تاريخا ونظرية وأخبارا وتغطيات وغير ذلك. لقد تربى محمد الدهان في أحضان حركة الأندية السينمائية منذ كان تلميذا بالثانوي في مكناس، وزاد ارتباطه بهذه الحركة الثقافية عندما انتقل إلى الرباط لمتابعة دراسته الجامعية في الفلسفة وعلم الاجتماع والأنتروبولوجيا وغيرها من العلوم الإنسانية، حيث تحمل مسؤولية تسيير أول مكتب وطني لجامعة الأندية السينمائية، وكان واحدا من الذين أسسوا تظاهرة السينما الافريقية بخريبكة سنة 1977. شاهد الدهان المئات من روائع السينما العالمية وقرأ العديد من الكتب والمجلات السينمائية وشارك في جملة من الندوات ولجن التحكيم والمهرجانات السينمائية الوطنية والأجنبية ونشط العديد من جلسات مناقشة الأفلام ونظم تظاهرات علمية جامعية ونشر بعض المقالات في منابر مختلفة وأنتج ونشط من 1987 الى 1990 برنامجا تلفزيونيا بعنوان "الشاشة الكبرى" بالقناة الأولى للتلفزيون المغربي استضاف من خلاله العديد من وجوه السينما الوطنية والعربية والعالمية. ويعتبر حضوره في أي مهرجان سينمائي مكسبا، وذلك لأنه يضفي حيوية ملحوظة على الجوانب الثقافية لكل مهرجان بفضل ثقافته السينمائية الموسوعية وتدخلاته العميقة في الندوات وجلسات مناقشة الأفلام وغيرها.