مثلت الرسالة التي وجهها جلالة الملك إلى المشاركين في الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإفريقي للتنمية المنعقدة في أروشا بتنزانيا، وأيضا تنظيم «يوم إفريقيا بالمغرب» في الرباط بمشاركة ممثلي عدد من الدول الإفريقية، مناسبتين لاستعادة الحديث والتفكير في حضور المملكة في القارة السمراء، وعلاقاتها بدولها، أي استحضار ... المغرب الإفريقي. هذا الأسبوع وجه سفراء عدد من البلدان الإفريقية في الرباط الدعوة إلى المملكة كي تستعيد عضويتها في الاتحاد الإفريقي، وهو ما رد عليه وزير الشؤون الخارجية والتعاون بكون المغرب لديه نفس الرغبة والشوق والإصرار للعودة إلى المنظمة إذا ما توفرت الشروط، مجددا التأكيد على أن المملكة لن تقبل الجلوس بجانب جمهورية وهمية غير موجودة على الخريطة وغير عضو في الأممالمتحدة، وأشار إلى أن أي دولة إفريقية لها نفس وضع المغرب لن تقبل بذلك. ويشار إلى أن موضوع عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي جرت إثارته مرات عديدة في السنوات الأخيرة من طرف أوساط مختلفة في القارة، كما أن تزايد عدد البلدان العضوة في الاتحاد، والتي سحبت اعترافها بالجمهورية الوهمية، بالإضافة إلى مميزات السياق السياسي والاستراتيجي الدولي والإقليمي، كل هذا جعل الموضوع متواترا في الاتصالات السياسية، وفي الأوساط الديبلوماسية والإعلامية. من جهة ثانية، فإن التقدم المسجل في السنوات الأخيرة على صعيد الفعل الاقتصادي والاستثماري للمغرب داخل القارة، سواء من طرف مؤسسات حكومية أو بمشاركة القطاع الخصوصي، مكن المملكة أن تكون اليوم المستثمر الثاني في القارة بعد جنوب إفريقيا، بالإضافة إلى آلاف الطلبة والمتدربين الأفارقة الذين تحتضنهم الرباط، وكل هذا يجعل العلاقات الاقتصادية والثقافية متواصلة إلى جانب العلاقات الروحية والإنسانية الممتدة في التاريخ. اليوم من مصلحة المغرب الحرص على مواصلة تكثيف هذا التعاون الاقتصادي مع دول القارة، إلى جانب الاستمرار في تطوير وتفعيل عضويته في عدد من الهياكل الإقليمية مثل: تجمع دول الساحل والصحراء والتجمع الاقتصادي للتنمية لدول إفريقيا الغربية وغيرهما، فضلا عن السير الحثيث في اتجاه تفعيل وتطوير اتحاد المغرب العربي، وهذه كلها مداخل جوهرية في سياق تعزيز حضور وعلاقة المغرب بإفريقيا. ولا يجب هنا أيضا إغفال تطورات الأحداث في منطقة الساحل والصحراء، وما تمثله من مخاطر أمنية وإستراتيجية تجعل المملكة معنية بما يجري فيها، وأيضا بالجهود الساعية لإقرار الأمن والسلم والاستقرار هناك، كما أن عضوية الرباط في مجلس الأمن الدولي تستوجب استحضار القضايا والانشغالات الإفريقية، والحرص على الفعل في مختلف دينامياتها. الرباط ما فتئت تؤكد على أن الواجهة الإفريقية تعتبر من ضمن أولويات سياستها الخارجية، وأقدمت على خطوات وإجراءات تجسد ذلك، كما أن المملكة حاضرة باستمرار لترسيخ السلم والأمن والاستقرار في القارة، ومن أجل بلوغ اندماج اقتصادي وتنموي قاري يحقق التقدم والعدالة الاجتماعية للشعوب الإفريقية.