شكل «بيينال» الفن الإفريقي المعاصر٬ الذي يعد أبرز تظاهرة ثقافية بمنطقة غرب إفريقيا٬ مناسبة للاحتفال خلال الأسبوع الجاري٬ بالصداقة المغربية السنغالية في بعدها الإنساني والثقافي في سان لوي٬ المدينة الواقعة بشمال السنغال التي احتضنت إحدى أوائل الجاليات المغربية بالخارج. هذه التظاهرة كانت مناسبة تم على هامشها الاحتفاء بتبادل ثقافي حافل بالدلالات٬ احتضنه منزل سكينة خليل٬ الفنانة التشكيلية المغربية التي تعيش عشقها للفنون التشكيلية بين الدارالبيضاء وسان لوي. فالفنانة التشكيلية٬ وهي أيضا رئيسة جمعية مغاربة سان لوي٬ قامت بتجميع فقرات برنامج متميز على هذه التظاهرة٬ من خلال دعوة شعراء وراقصين وأدباء إلى مدينة الرسم. فما بين 11 و22 ماي٬ افتتحت ورشات للفنون التشكيلية في إطار حميمي بمقر إقامة الفنانة بتعاون مع جمعية شعراء وأدباء سان لوي والفرقة الفنية زومبا. وتعكس مبادرات الفنانة صدى عمل جبار من أجل إعادة تفعيل التوأمة بين مدينتي فاس وسان لوي٬ وكذا بخصوص مشاريع تهدف إلى تعزيز العلاقات المغربية السنغالية من قبيل افتتاح المركز الثقافي المغربي بسان لوي. وترتبط مدينة سان لوي٬ العاصمة التاريخية لإفريقيا الغربية٬ باتفاقية توأمة مع العاصمة الروحية للمملكة فاس منذ سنة 1979٬ واستقبلت المدينة التي كانت عاصمة السنغال قبل استقلال البلاد٬ أولى الجاليات المغربية بالخارج٬ خاصة التجار الذين قدم الأوائل منهم إلى بلاد تيرانغا مع نهاية القرن الثامن عشر. وكشاهد على الروابط العريقة ذات الأوجه المتعددة التي توحد المدينتين والبلدين٬ فقد استضاف مقر إقامة الفنانة كلا من الدكتور باكاري سامبي مؤلف كتاب « الإسلام والديبلوماسية.. السياسة الإفريقية للمغرب»٬ وهو الأكثر صاحب أكبر مبيعات بالسنغال٬ والذي تمت مؤخرا إعادة نشره من طرف دار النشر فينيكس بالولايات المتحدة. وأمام جمهور يضم مثقفين وفنانين سنغاليين٬ من بينهم أليون بادارا بيي رئيس الأدباء بالسنغال وأليون بادرا كوليبالي رئيس جمعية الأدباء والشعراء بسان لوي ولوي كامارا الحاصل على الجائزة الكبرى لقائد الدولة في الآداب٬ ألقى الدكتور باكاري سامبي محاضرة تطرقت إلى «جذور العلاقات بين المغرب والسنغال.. علاقة في خدمة التعاون المستدام»٬ نجح من خلالها في الانطلاق نحو إنجازات شخصيات متفردة٬ من أجل إعادة تشكيل تاريخ علاقات متعددة الأبعاد طبعت روابط البلدين بختم التميز. ويعتبر المؤلف أنه وبعيدا عن النظريات السياسية الاستراتيجية٬ فمن المهم إظهار الطريقة التي يستطيع من خلالها الأفراد غير المؤسساتيين٬ وعبر التحكم في الرموز الدينية٬ تأكيد حضورهم داخل ميدان كنا نعتقد أنه مخصص للمؤسسات والدول٬ ألا وهو الديبلوماسية. كما توقف الكاتب على الخصوص عند أسر مغربية « برادة٬ بوغالب٬ كنون٬ بنجلون٬ الصقلي٬ بنونة٬ لحلو٬ خليل٬ العراقي٬ الشاوي٬ بن طلحة٬ البقالي٬ مكوار٬ الديوري٬ بنسودة وغيرهم»٬ كانت رائدة الحضور المغربي بالسنغال وساهمت في توطيد الروابط بين البلدين من خلال بعد ديني حاضر بقوة من خلال إسلام صوفي حملت مشعله الطريقة التجانية. وقد أثارت الشهادات حول هؤلاء الأشخاص العاديين مشاعر كل أولئك الذين أقاموا بالمغرب أو عرفوا مدينة سان لوي في السابق٬ كما عززت النقاشات الغنية التي ميزت الحوار٬ فكرة ضخ دماء جديدة في العلاقات بين المغرب والسنغال٬ خاصة من خلال تجديد اتفاقية التوأمة بين فاس وسان لوي. وفي إطار هذه الدينامية٬ فإن الجالية المقيمة بسان لوي٬ ومركز الأبحاث والتنمية الاجتماعية وجامعة غاستون بيرجي بسان لوي ستعمل بشكل مشترك من أجل تجسيد هذا المشروع٬ مما سيشكل مصدر سعادة كافة المغاربة والسنغاليين الذين يجمعهم عشق متبادل لثقافتي البلدين الصديقين.