مناسبة لاستحضار ماقامت به المؤسسة في مكافحة الجريمة والإرهاب تكتسي الذكرى 56 لتأسيس أسرة الأمن الوطني من طرف جلالة المغفور له محمد الخامس، والتي تحل يوم غد الأربعاء، دلالات عميقة لدى الشعب المغربي عامة، وأسرة الأمن الوطني على وجه الخصوص، وتشكل مناسبة لاستحضار الدور الهام الذي يقوم به رجال الأمن من أجل ضمان السلم والأمن ومكافحة الجريمة والإرهاب. كما أنها مناسبة تجدد فيها أسرة الأمن الوطني العهد على مواصلة أداء واجبها والانضباط والتعبئة واليقظة وفي التزام تام بسيادة القانون وتشبث بمقدسات المملكة وثوابتها الراسخة. لقد برهن رجال الأمن في العقد الأخير عن نجاعة فائقة في ميدان الوقاية وتفكيك شبكات الإرهاب والإجرام وبسرعة فائقة يشهد لهم بها شركاؤهم على الصعيد الدولي. وما الأبحاث التي قامت بها قوات الأمن في حادث الاعتداء الإرهابي الذي ضرب مطعم (أركانة) بمراكش قبل سنة والتي مكنت من الوصول في ظرف قياسي إلى منفذي الاعتداء إلا مثال على ذلك، ودليل على حنكة وقدرة رجال الأمن المغاربة في القيام بمهامهم. وشكل تطوير آليات العمل وتقنيات التدخل وتوسيع نطاق مجالات الحضور الميداني، وتطوير مناهج التكوين، وتأهيل العنصر البشري، وحسن تدبير الموارد البشرية، محط اهتمام دائم بالنسبة لمؤسسة الأمن الوطني منذ إحداثها. وشهدت هذه المؤسسة، خلال السنوات الأخيرة، تحولات كبيرة، همت بالأساس، تدعيم الموارد البشرية بالعنصر النسوي، إذ تقلدت المرأة إلى جانب الرجل مسؤوليات ومهاما أبانت فيها عن قدرات متميزة وكفاءات عالية، كما اعتمدت في مجال تطوير مناهج التكوين على تعزيز دور الشرطة التقنية والعلمية وتقريب مصادر الخبرة من الشرطة القضائية في مكافحة الجريمة. ولتحديث تكوين الأطر الأمنية وتأهيلها، وملاءمة التصور المعرفي والمنهجي لنظم البحث الدولية، أدرجت المديرية العامة للأمن الوطني، خلال السنوات الأخيرة، مادة حقوق الإنسان ضمن قائمة المواد الأساسية التي أصبحت تدرس في معاهد ومدارس الشرطة بغية الرقي والرفع من كفاءة رجال الأمن ومؤهلاتهم المهنية. كما وضعت المديرية العامة للأمن الوطني مجموعة من الآليات والوسائل لدعم التكوين في مجال حقوق الإنسان، أبرزها العمل على إصدار مدونة لأخلاقيات رجال الشرطة. ويتلاءم هذا التكوين مع التزامات المغرب الوطنية والدولية الخاصة بحقوق الإنسان والتطلعات الحقوقية، فضلا عن إرساء دولة الحق والقانون وتحقيق شرطة المواطنة. واعتمدت هذه المؤسسة الوطنية أيضا مفهوم الشرطة المجتمعية لتطبيق فلسفة القرب تلبية لحاجيات المواطنين الأمنية اليومية، ومواصلة عملها الدؤوب من أجل ترسيخ التواصل مع محيطها. ونظرا لهذا الدور الحيوي لأسرة الأمن الوطني ما فتئ جلالة الملك محمد السادس يولي عناية خاصة لأفرادها، تجسدت في الجهود المبذولة لفائدتهم وذويهم في مجال الخدمات الاجتماعية، خاصة منها الضمان الصحي والسكن الاجتماعي، والقروض والتأمين والعمل الاجتماعي والتربوي والتأطيري. فعلى المستوى المهني والاجتماعي، شهدت سنة 2010 صدور ظهير شريف مكن المديرية العامة للأمن الوطني من نظام خاص بغية تحسين الظروف المهنية والمادية والاجتماعية لأسرة الأمن الوطني من خلال الزيادة في الأجور، بالإضافة إلى تعزيز وتطوير الخدمات الاجتماعية. وينص هذا الظهير الشريف، بالخصوص، في مادته السابعة على تمتع جميع موظفي الأمن الوطني بحماية الدولة، مما قد يتعرضون له من تهديدات أو هجومات أو إهانات أو سب(...)، وكذا التعويض عن الأضرار الجسدية التي يمكن أن يتعرضوا لها أثناء مزاولتهم مهامهم(...). ويذكر أن مؤسسة الأمن الوطني تعتبر عضوا بالمنظمة الدولية للشرطة الجنائية (أنتربول)، وتشارك بفعالية في المؤتمرات الإفريقية والعربية والدولية من أجل تعزيز أواصر التعاون بين المغرب وباقي شركائه في مجال تبادل التجارب والمعلومات في مجال مكافحة الجريمة الدولية بكافة أنواعها. ويظل 16 مايو 1956 تاريخ إحداث المديرية العامة للأمن الوطني، نقطة انطلاق جهاز أمني مغربي حديث بمؤسسات عصرية ترمي إلى الحفاظ على أمن البلاد والمواطنين والممتلكات وضمان استقراره والسهر على احترام القانون وبلورة منظومة الشرطة الاجتماعية وتأهيل سياسة القرب واحترام حقوق الإنسان.