الديربي البيضاوي.. فرصة لنبذ العنف والقتل باسم الرياضة يصل ديربي البيضاء بين الرجاء والوداد هذه السنة نسخته ال ( 112) ، وهي المواجهة الرياضية التي تعودنا أن تشد أنفاس الآلاف من عشاق الفريقين، ومعهم الملايين من المتتبعين بجل المدن المغربية، رفقة شريحة مهمة من أفراد الجالية المغربية بمختلف القارات. وبعيدا عن القراءات التقنية التي تحاول استعراض الحصيلة من زاوية المنتصر والمنهزم، وعدد الأهداف المسجلة في مرمى هذا الفريق أو ذاك، والاجتهاد في سرد بعض حالات التفوق التي طبعت تاريخ هذا الديربي، وما يترتب عن ذلك من إثارة النعرات والأحقاد إلى درجة يتصور معها البعض هذه المقابلة الرياضية العادية، كموقعة داخلها مفقود وخارجها مولود، فإن اللغة الواجب اعتمادها لا بد وأن تختلف كليا عما سبق، كمساهمة أساسية في تهيئ الظروف اللازمة، حتى نجعل من هذا اللقاء السنوي الهام، موعدا للفرجة والمتعة، وتكريسا لجمالية الرياضة، كفعل إنساني راق... يتميز ديربي الأحد القادم بالتأثير الكبير لأحداث الشغب وما نتج عنها من تعبئة وطنية جعلت الكل يشعر حقيقة بخطورة الظاهرة، التي لم تعد حدثا منعزلا كما كان من قبل، بقدر وما تحولت إلى واقع مرير يقتضي اليقظة والحزم في تطبيق القانون، وانطلاقا من شعور الجهات الرسمية بدرجة هذه الخطورة، تقرر حضور وفد وزاري لمباراة الديربي يتقدمهم رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، مصحوبا بثلاثة وزراء وهم الحسين الوردي وزير الصحة، مصطفى الرميد وزير العدل والحريات، ومحمد أوزين وزير الشباب والرياضة. وإذا كان هذا الحضور النوعي ليس جديدا بالنسبة لهذه المباراة الهامة، فان الحيثيات التي ترافق نسخة هذه السنة جعلت كل الخطوات تقرأ على نحو مغاير، وقد جاءت تصريحات وزير العدل خلال اللقاء الإعلامي الذي عرفه مركب الرجاء يوم الأربعاء واضحا وحازما، إذ لا تساهل مع مثيري الشغب، وأن كل مخالف سيحاكم وفق قانون الشغب، الذي جعل من إثارة الشعب والعنف خلال المباريات الرياضية جريمة يعاقب عليها القانون. وقد اتخذت مجموعات من التدابير والترتيبات من أجل مرور الديربي في جو رياضي يعكس رتبته الدولية المتقدمة، وفي هذا الإطار جندت المصالح الأمنية 3500 رجل أمن، كما تقرر فتح أبواب المركب ابتداء من الساعة العاشرة صباحا، مع تخصيص عدد محدود من التذاكر، وفرض رقابة مشددة على المزورين، ومنع الأحداث من الدخول دون مرافقة أوليائهم، كل هذه الإجراءات وغيرها، جعلت من المباراة حدثا استثنائيا يسترعي انتباه كل المتتبعين سواء داخل المغرب وخارجه، وخاصة الاتحاد الدولي لكرة القدم، الذي جاء خطاب رئيسه جوزيف بلاتر خلال زيارته للمغرب، ايجابيا فيما يخص تعليقه على أحداث الشغب التي عرفتها كرة القدم المغربية منذ بداية الموسم الحالي. وبعيدا عن أجواء الشعب، فان المباراة تكتسي أهمية خاصة بالنسبة للفريقين، فالرجاء بصفته الفريق المضيف، يرى في نتيجتها فرصة للاقتراب من المقدمة والاحتفاظ بكامل الحظوظ في المنافسة على اللقب، في حين ينظر إليها الوداد كتعويض لموسم قد يكون أبيضا بالنسبة للفريق الأحمر الذي عاش فترات متباينة طيلة موسم، ولم ينعم بالاستقرار المطلوب على مستوى الإدارة التقنية، وهو ما انعكس بالسلب على نتائجه وترتيبه. وإذا كان كل فريق يسعى بطبيعة الحال إلى تحقيق التفوق فوق رقعة الملعب، فان الروح الوحدوية التي طبعت اللقاء الإعلامي الأخير، هي التي يجب أن تميز العلاقة بين الناديين الكبيرين، فقد أكد الرئيس عبد السلام حنات، أن ما يجمع الرجاء والوداد أكبر مما يفرقهما، وأن فريقه مستعد لتنظيم مشترك لكل مباريات الديربي، وللعمل على أن توزع مداخيل مباراتي الذهاب والإياب مناصفة بين الفريقين، وهذه خطوة جد ايجابية من شأنها ليس فقط التخفيف من حالات التوتر والتشنج بين الناديين والتي تصل في بعض الأحيان إلى حدود غير مقبولة، بل فرض مجموعة من التصورات المشتركة فيما يخص إصلاح كرة القدم الوطنية، وتشكيل قوة اقتراحية يمكنها مناقشة أفكار ومشاريع الجامعة التي تبقى قرارات فوقية لا تراعي أبدا مصالح القاعدة... المطلوب هو أن نجعل من الديربي ( 112 ) فرصة للاحتفال والمتعة الرياضية، وأن يكون مناسبة للتأكيد على الرفض المطلق لكل فكر هدام يجعل من الرياضة فرصة للقتل والتخريب..