عبر الفرنسيون أول أمس الدور الأول من الانتخابات الرئاسية، وانطلقت المرحلة الثانية التي ستتوج يوم سادس ماي بانتخابات الدور الثاني. وبقدر ما أن نتيجة الدور الأول جاءت مطابقة لما توقعته استطلاعات الرأي على صعيد تأهل ساركوزي وهولاند للدور الثاني، فإنها مع ذلك خيبت آمال الرئيس المرشح بجعله يحتل الرتبة الثانية ( 26 في المائة من الأصوات) خلف منافسه الاشتراكي (29 في المائة)، وعززت بذلك فرص هذا الأخير للفوز في الدور الثاني، وبالتالي منح مقعد رئاسة الجمهورية للحزب الاشتراكي الذي لم ينله منذ زمن الراحل فرانسوا ميتران. الانتخابات الفرنسية كشفت أيضا عن حصول مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبين على أزيد من 18 في المائة من الأصوات، ما يعتبر تقدما واضحا، ويمثل، في نفس الوقت، مصدر قلق كبير للأجانب في فرنسا، خاصة أنه للحصول على أصوات حزب الجبهة الوطنية لن يتردد ساركوزي، مثلا، في التوغل بخطابه ومواقفه في أدبيات وشعارات اليمين المتطرف، وأساسا في قضايا: الهجرة، الإسلام، الهوية الوطنية، الأمن وغيرها. وفي السياق نفسه، فإن الإقبال على صناديق الاقتراع (أزيد من 80 في المائة)، بالإضافة إلى خريطة توزيع الأصوات بين كبار المرشحين ستفرض بلا شك على الرئيس المقبل الانكباب أكثر على قضايا داخلية، وعلى ملفات أساسية باتت اليوم تعتبر من أبرز مطالب وأولويات الشارع الفرنسي. نتيجة أخرى لا تخلو من أهمية كشف عنها الدور الأول من الرئاسيات الفرنسية، وهي التي حصل عليها مرشح جبهة اليسار جان لوك ميلونشون ( 11 في المائة)، وهي نتيجة مهمة، تكشف عن تراجع الحزب الاشتراكي الفرنسي على مستوى احتكار أصوات «شعب اليسار»، وبالتالي بروز فاعل جديد، وتنامي دينامية قد تقود إلى نوع من التعدد وسط اليسار الفرنسي على صعيد التنافس الانتخابي، وربما قد تدفع أيضا إلى نوع من المراجعات وسط الحزب «الأكبر» في البناء الداخلي، وفي علاقاته بالمحيط القريب. بلا شك، إن المغرب يتابع تطور التنافس الانتخابي في فرنسا، ويتطلع، سياسيا واقتصاديا، إلى الرئيس المقبل وإلى برنامجه ومواقفه من مختلف القضايا ذات الصلة بالعلاقات الثنائية والإقليمية والدولية، ولكن اقتراع أول أمس الأحد بين لنا جميعا أهمية الانخراط الشعبي في التصويت وفي المشاركة الانتخابية والسياسية (أزيد من 80 في المائة)، وهذا درس مهم لتجربتنا الديمقراطية، كما بين لنا تبدلات المواقع الحزبية وتغير الأحجام والأوزان الانتخابية (نتيجة مارين لوبين، ونتيجة جان لوك ميلونشون)، وبين لنا ثالثا مستوى المواكبة الإعلامية لتفاصيل الاقتراع قبل وبعد الأحد، وكيف تمكن السياسيون والإعلاميون معا من صناعة الحدث الانتخابي، وتحويله إلى فرجات تلفزيونية جاذبة للاهتمام، ومؤثرة على قرار الناخبين، وعاكسة لمميزات وأولويات المشهد السياسي والمجتمعي في البلاد. هي دروس تستحق القراءة هنا عندنا. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته