الحبارى يسترجع حياته البرية في مدينة أكادير أمام توصية معاهدة الاتجار الدولي بشان فصائل الحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض في سنة 1973 بواشنطن، وخاصة في الملحق (1) بكون طائر الحبارى يعتبر من الأنواع المهددة بالانقراض، باتت أنظار الدوائر البيئية تبحث عن بدائل لحماية هذا الطائر الجميل من الانقراض. فبعد الاجتماع الثالث للأطراف المشاركة في معاهدة المحافظة على الحيوانات البرية المهاجرة في نيروبي سنة 1994، حيث ذكر الملحق (1) أن حبارى منطقة شمال غرب إفريقيا (معرضة للانقراض)، في حين أكد الملحق(2) من نفس الاجتماع أن الحبارى الآسيوية تستفيد من (حماية غير كافية)، صدرت توصية بنقل الحبارى من الملحق (1) إلى الملحق (6) لمعاهدة CITES... تعد مدينتا أكاديروالراشيدية محطتان رئيسيتان لتربية طائر الحبارى حيث تم اختيار مدينة أكادير كمركز للإنتاج والأبحاث العلمية والدراسات بفعل مناخها المثالي لموسم إنتاج طويل يمتد من شهر يناير إلى يونيو. في حين أعدت محطة مدينة الراشدية لإطلاق الطيور وإعادة تأهيلها في بيئتها الطبيعية بحكم تميزها بالطابع البري، الموطن الطبيعي لطائر الحبارى. وتعتبر المؤسسة الدولية لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود لحماية وتنمية البيئة الفطرية بالمغرب، التي يوجد مقرها بأكادير، من بين أولى المؤسسات التي أحدثت بمنطقة شمال إفريقيا حرصا على حماية المجال الطبيعي والكائنات الفطرية، وبهدف إجراء الأبحاث العلمية والدراسات الخاصة بالطبيعة الصحراوية لطائر الحبارى. وكان ولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود، في إطار اهتماماته وأنشطته المتعددة في مجال البيئة، وراء هذه المبادرة قبل أن يعقبها إحداث مراكز أخرى من قبيل مركز الإمارات لتنمية الحياة الفطرية في مدينة ميسور، بتمويل من دولة الإمارات العربية المتحدة، إضافة إلى مشاريع أخرى بالجزائر. ويوضح الدكتور سامي جاد الله مدير عام المؤسسة الدولية لحماية وتنمية البيئة الفطرية، أن عمل المؤسسة، وطبقا لتوجيهات مؤسسها الأمير سلطان بن عبد العزيز، يشمل مجال المحافظة على البيئة والوسط الطبيعي وحمايته، واتخاذ مختلف الإجراءات الكفيلة بحماية طير الحبارى من الانقراض في المغرب من خلال وضع برنامج متكامل يرمي إلى تنفيذ «التفريخ المحبوس»، وذلك باستعمال الوسائل العلمية والفنية الحديثة في مجال التلقيح والحضانة الاصطناعيين. كما تحرص المؤسسة على توظيف وتكوين الأطر المغاربة وفق مقاربة تشاركية في تدبير وإعداد أرضية واسعة من المختصين الخبراء في فن وعلم إنتاج وإطلاق طائر الحبارى. وتفتخر المؤسسة، يضيف الدكتور سامي، بموظفيها المغاربة بمختلف الأقسام والتخصصات الذين أبانوا عن كفاءات عالية في المجال، بعدما كان برنامج التفريخ مقصورا ومحتكرا على الأوروبيين. وتعتبر مؤسسة الأمير سلطان بن عبد العزيز من أوائل المؤسسات التي أدمجت برنامج تأهيل وتكوين الأطر كجزء أساسي من مهامها. طائر الحبارى «كلاميدوتيس اوندولاتا» ينتمي طائر الحبارى لعائلة (otididae) التي تشمل 22 نوعا. وتعتبر هذه الفصيلة الممثل الأول لفصيلة الشلاميدوتيس التي يميز فيها بين ثلاثة أنواع: طائر شمال إفريقيا وطائر جزر الكناري والطائر الآسيوي. ويعتبر طائر الحبارى المسمى باللغة اللاتينية باسم كلاميدوتيس اوندولاتا (chlamydotis undulata) من طيور الصحراء العداء النادرة وغير المهاجرة والتي تطير مسافات قصيرة باحثة عن أماكن نزول الأمطار مصدر طعامها. وهو يعيش في السهول القاحلة والسهوب والمناطق شبه الصحراوية ذات الغطاء النباتي المفتوح أو المنتشر والقصير. وهو الطائر الوحيد من بين طيور جنسه الذي يحب العيش في المناطق الصحراوية ومتأقلم جدا معها. وينتمي إلى فصيلة (gruifromes) إلى جانب الكركيات والتفلقيات. حبارى شمال إفريقيا حبارى شمال إفريقيا طائر ذو حجم متوسط يتراوح وزنه عند الكبار بين 1100 و1400 غرام بالنسبة للإناث وبين 1500 و2400 غرام بالنسبة للذكور، موطنه المفضل هو الوسط شبه الجاف القاحل والرملي الذي يفضل المشي فيه أو الجري عوض الطيران. وهذا النوع ذو نظام غذائي متعدد إذ يتكون من اللافقاريات (40%)، وخاصة النمل، والدود ومن الأعشاب الصحراوية (60%). طير الحبارى من الطيور الأرضية يعد طير الحبارى من الطيور الأرضية ويتميز برأس صغير ورقبة طويلة ومستقيمة. ويغطي حنجرة ورقبة الذكر أثناء التكاثر تشكيلة من اللون الرمادي والأسود والأبيض الأجزاء العليا بنية رملية والأجزاء السفلية بيضاء. الذكر في خارج موسم التكاثر والأنثى واليافع يفتقدون العلامات البينة الموجودة على الرقبة. الطيران سريع مثل طيور الصيد بأجنحة محدبة وصلبة ومن تم تنكشف الأجنحة البيضاء بالكامل تقريبا. طائر الحبارى جد مدلل يعتني به عناية خاصة، في فترة الخصوبة ما بين يناير إلى حدود شهر يونيو يظل في نشوة مغمورة في حين تتلكأ أنثاه في خطواتها في نخوة وتتبختر وترمي بنظرات خجولة، مبرزة مفاتنها في عفة وإيماءات زهو ودلال، في حين يعرض ذكر الحبارى فحولته منتشيا في حركات استعراضية ورقصات دائرية، نافخا رقبته ناصبا ريشه الأبيض المسدل على قمة رأسه، وفي الخط الأسود الذي يهبط نحو عنقه، مبرزا جمال ريشه المستور في تمازج بديع وحركات إيقاعية، وفي اتساق جميل مع أداء عدة صفقات بالجناح قصيرة في الهواء بتفاعل ليبلغ الذروة في تماهٍ وانتشاء. التلقيح الاصطناعي يتوالد طائر الحبارى عن طريق التلقيح الاصطناعي حيت يتم جمع السائل المنوي بواسطة التعرض للذكر بمهارة وبطريقة تقنية جد دقيقة ومن قبل مختص مستأنس مع الطائر عندما يحاول الركوب على أنثى وهمية يتم تهييئها لنفس الغرض. فيجمع السائل المنوي في صحن يتم امتصاصه في أنبوب للعينيات. وبذلك يتم جمع الحيوانات المنوية من كل إفراز من الطيور التي بلغت سنتين من العمر ليستعمل مباشرة في التلقيح المهبلي للأنثى الحقيقية، كل ذلك يتم بتنسيق مع مختبر للجينات لوضع برنامج التلقيح المناسب، من أجل تحسين الجودة في معرفة (النسب) خاصة وأن القرابة العائلية في مثل هذه الحالات تنجب جيلا غير صالح ومشوه، وكما هو العادة عند الإنسان يتم التلقيح عبر اختيار الأفضل والأبعد من الذكور والإناث. العناية على عدة مراحل ويسهر فريق عملي وبيطري مؤهل على معاينة طيور الحبارى يوميا واتخاذ الإجراءات الوقائية خاصة في مرحلة التفقيس، حيث يوضع البيض في (فقاسات) خاصة وفق قياسات الرطوبة والحرارة المناسبتين والمتأقلمتين مع الظروف المناسبة كأم بديلة تبعا لعناية مركزة. كما توضع كتاكيت الحبارى بعد التفقيس في حضانات مركزة ابتداء من الأسبوع الأول وبعد عشرة أيام تخرج هذه الصغار لتوضع في أقفاص صنعت لهذا الغرض ويتم التعامل معها كطير صحراوي منذ الصغر. إذ توضع في غرف كبيرة تتميز بتهوية جيدة يتم استعمالها بالتناوب على أساس إعطاء كل غرفة راحة بيولوجية محددة. وبذلك يتم التعامل مع طيور الحبارى وكأنها صغار الدجاج وليس طيور صحراوية بحاجة إلى الشمس والهواء الطلق حيث يفسح لها المجال للخروج والمشي كيلومترات لتنمية وتقوية عضلاتها. وفي نفس السياق، وكما يؤكد د. سامي، فإن برنامج الوقاية الصحية المتبع يراعي جميع الاحتياطات اللازمة قبل الولوج إلى مرحلة الإنتاج كما يتبع برنامج صارم للأمن الحيوي (bio security). مختبر الجينات ويشير مدير عام المؤسسة أن الحباري يحقن بالتطعيم الجرثومي الفيرومي الفيروسي ضد الأمراض حيث يسهر على قسم الإنتاج فريق من التقنيين والبيطريين المحترفين وفريق من العلماء المؤهلين في علم الوراثيات وعلم البيولوجيا الجزيئية، إذ تضم المؤسسة الدولية لحماية وتنمية البيئة الفطرية مختبرا لعلم الوراثيات للمساهمة في إدارة قطيع طائر الحبارى المربى في الأسر. وهو مجهز بوسائل وتقنيات خاصة بإجراء الفحوص الجينية على الحمض النووي من بينها آلات (PCR) وتقنية توالي مقاطع الدي.إن.إي الآلي. كما يتم استعمال تجهيزات أخرى كجهاز الالكتروفوريز، وجهاز المحضنة - المحركة، وجهاز فحص الحمض النووي الريبوزي، وجهاز اليكتروبوراتور وجهاز الطاردة النابذة. ويتم بذلك إنجاز بروتوكولات اختبارات الكشف الروتينية لمعرفة حالة طيور الحبارى وتشتمل على الفحص الكروبولوجي وعلم الجراثيم وعلم الميكروبات وكيمياء الجسم وعلم الدمويات وعلم المناعة. مصنع للأعلاف بالمحمية وتتوفر المحمية على مصنع للأعلاف لتغذية طيور الحبارى، وفضلا عن كون المصنع آلية لتعقيم الحبوب والمواد الغذائية الأخرى من البكتيريا والتلوث الفيروسي الجرثومي، فهو يمكن من إنتاج الكميات المحددة من المواد الغذائية والقيام بالتجارب في الموضوع مع خبراء في مجال التغذية، مما يساعد على تحديد التوازن الغذائي المناسب. ويشار إلى أن غذاء الحبارى يتألف عادة من كائنات حية كالديدان التي تعتبر مصدرا جيدا للبروتين لصغار الطيور. ويذكر أن الإنتاج السنوي للمحمية بمدينة اكادير المغربية يتراوح ما بين 1200 إلى 1500 طائر في الموسم، علما أن المشرفين على المؤسسة يأملون في مضاعفة العدد خلال السنوات الخمس القادمة، كما يطمحون إلى تجهيز محطة إطلاق ثابتة في منطقة بوذنيب، خصوصا وان مركز مدينة الراشيدية أضحى يلعب دورا محوريا ليس فقط كمركز تأهيل وإطلاق الطيور بل كمركز إنتاج أساسي كذلك.