على تشكيل لجنة للتحقيق في أحداث العنف صادق المجلس التأسيسي التونسي يوم الخميس الأخير، على مقترح للحكومة بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في أحداث العنف التي جرت يوم الاثنين الماضي وسط العاصمة التونسية خلال مواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن. وعبر وزير الداخلية، علي العريض، الذي ووجه بانتقادات حادة من قبل أعضاء المجلس ومن الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني للاستعمال المفرط للقوة في التعامل مع المتظاهرين، عن استعداده للتعاون مع هذه اللجنة من أجل الكشف عن ملابسات هذه الأحداث، التي أسفرت عن وقوع العديد من الإصابات في صفوف المتظاهرين وقوات الأمن، وتسببت في أزمة حادة بين الحكومة والمعارضة.وقد أقر وزير الداخلية في رده على انتقادات النواب بوجود تجاوزات، مشيرا إلى أنه «ستتم محاسبة كل من تجاوز القانون في ما يتعلق بالتعامل مع المتظاهرين». لكنه مقابل ذلك، حمل الجهات التي دعت إلى التظاهر مسؤولية ما وقع، موضحا في هذا السياق أن بيانات صدرت عن بعض هذه الجهات تحدثت عن «زحف على الشارع لتحريره وإسقاط حكومة»، في إشارة إلى قرار وزارة الداخلية بمنع التظاهر في الشارع المذكور قبل التراجع عنه في ما بعد، وقال إنه كانت هناك مجموعات «تريد الصدام و الاعتداء على أعوان الأمن». وعن الاعتداءات التي طالت الصحفيين خلال تغطيتهم لهذه المظاهرة، دعا علي العريض رجال الإعلام إلى ضرورة ارتداء زي يميزهم أثناء تغطيتهم للمظاهرات، منتقدا وسائل الإعلام على ما وصفه بأسلوب «التضخيم التهويل»، الذي نقلت به هذا الحدث وفي «التمييز» في تحميل المسؤولية في ما حدث لقوات الأمن دون غيرها. وكانت نقابة الصحفيين التونسيين قد دعت أعضاءها وكافة الإعلاميين في مختلف المؤسسات الإعلامية التونسية إلى حمل الشارة الحمراء يوم الخميس الماضي ومقاطعة أنشطة وزير الداخلية لمدة أسبوع، احتجاجا على ما تعرض له الصحفيون من «اعتداءات»من قبل قوات الأمن أثناء تفريقها لتظاهرة يوم الاثنين الماضي. وقال العريض إنه لا يوجد سوى خياران «إما أن يسود منطق الدولة والقانون أو منطق الجماعات التي تريد فرض الفوضى وخدمة مصلحتها العامة»، معتبرا أن «عدم إدانة أعمال العنف سياسيا وإعلاميا»، يمثل «غطاء لجزء من العنف المنتشر» في البلاد. يذكر أن وزارة الداخلية قررت يوم 28 مارس الماضي منع التظاهر في شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي وسط العاصمة، حيث يوجد مقر وزارة الداخلية، معللة قرارها بما يسببه ذلك من تعطيل لحركة المرور وشلل تام للأنشطة التجارية في هذه المنطقة من العاصمة التي تعتبر منطقة سياحية بامتياز. ورفضت قوى المعارضة، خاصة اليسارية منها هذا الإجراء بالنظر لما يحمله شارع الحبيب بورقيبة من دلالة رمزية بالنسبة للثورة التونسية، حيث مثلت المظاهرة الضخمة التي شهدها هذا الشارع يوم 14 يناير 2011 أوج الانتفاضة الشعبية التي دفعت الرئيس السابق، زين العابدين بن علي إلى مغادرة البلاد في نفس اليوم. ونتيجة لذلك انتهزت المعارضة ذكرى عيد الشهداء (9 أبريل) ودعت، في تحد واضح لقرار وزير الداخلية، أنصارها للتظاهر في شارع الحبيب بورقيبة، فتدخلت قوات الأمن بشكل مكثف لمنع المتظاهرين، ومن بينهم العديد من القيادات السياسية والحقوقيين، الوصول إلى الشارع المذكور، مما أدى إلى مواجهات عنيفة بين الجانبين.