تعيش مجموعة من الجامعات الرياضية مشاكل كثيرة، حيث تفجرت الخلافات وكثرت الاحتجاجات، لتتطور الأمور إلى تنظيم وقفات أمام مقر وزارة الشباب والرياضة، كما هو الحال بالنسبة لجامعة التايكواندو، التي يبدو أن القائمين عليها أصبحوا مفصولين تماما عن القاعدة. بجامعة كرة القدم بدأ يتحرك المعارضون من أجل الدفاع عن مصالح الأندية التي يمثلونها، بعد التجاهل الذي طال الأندية التي وجدت نفسها تصارع بدون سند. بألعاب القوى، الوضعية جد مقلقة، والأصوات المطالبة بالانصاف والمصالحة مع أم الرياضات كسبت مؤيدين جدد. في السباحة هناك خلافات لا يمكن تجاهلها، أما في كرة السلة فهناك جمود واضح بعد استقالة الرئيس. في كرة اليد الكل بقاعة الانتظار يترقب الجديد؛ في الكرة الطائرة يستمر المؤقت بعد الفشل في عقد الجمع العام، نفس الحال بالنسبة لجامعة الجمباز التي تخلصت من السنوات الطويلة للرئيس الكولونيل. بجامعة الملاكمة، الأمور ليست على مايرام نظرا لكثرة الملاحظات والانتقادات الموجهة للمكتب الجامعي، بالتنس تؤكد النتائج أن هذه اللعبة تسير نحو الأسفل، والمغرب الذي كان ضمن المجموعة العالمية، انحدر الى المجموعة الإفريقية الثانية. مشاكل كثيرة اذن يتخبط فيها القطاع الرياضي على الصعيد الوطني، رغم المجهودات التي بذلت ورغم الميزانيات التي أهدرت... أغلب هذه الجامعات التي تعيش حاليا مشاكل بالجملة، شهدت تغييرا على مستوى الرئاسة، بعد تعيين رجالات كان يعتقد أنهم رجال المرحلة، حيث جيء برؤساء من عالم المال والأعمال والمؤسسات الكبرى، نصبوا دون استئذان على رأس جامعات أولمبية، الا أن التجربة حتى الآن جاءت بنتائج عكسية، بعد الفشل في فهم خصوصية الفعل الرياضي، والتعامل مع الوسط بنوع من التعالي والتهميش، والنتيجة تحول الجامعات الى مؤسسات لاعلاقة لها بالمجال، بعد أن وجد الرياضي نفسه وسط عالم غريب عنه. الواضح، أن سياسة الاعتماد على شخصيات نافذة لقيادة الجامعات لم تعط النتائج المنتظرة، لأن الذي يغيب عن ذهن أصحاب الحل والعقد، أن اختزال الأزمة في قضية أشخاص، ومدى ارتباط هذا الاسم أو ذاك بمراكز النفوذ والقرار، لم ولن يكون أبدا مدخلا رئيسيا لحل إشكال الممارسة الرياضية المزمن، على اعتبار أن المشكل أعمق بكثير مما يتصورون، إذ يصل إلى سؤال السياسة الرياضية وعجز الدولة عن تدبير ملف حيوي، رغم كل المحاولات التي بدلت، فإن الفشل كان دائما حليفها، لأنها ببساطة لا تعالج الجوهر ولا تنفذ إلى العمق، بقدر ما تكتفي بتلميع الواجهة. فقد كان من الممكن في إطار التعاطي مع هذا الملف، أن تدار الأمور بجدية، وبروح من المسؤولية وبكل تجرد بعيدا عن الأحكام المسبقة والكليشيهات الجاهزة، وذلك باتخاذ التدابير الكفيلة بوقف نزيف التراجع عن طريق إعطاء القطاع الرياضي المكانة التي يستحقها بصفته قطاعا استراتيجيا، وباعتباره وجه من أوجه التنمية المستدامة، في وقت يعيش فيه المغرب على إيقاع العديد من الأوراش المفتوحة في مجموعة من المجالات، لكن القطاع الرياضي ظل بعيدا عن هذه الأولوية، رغم ارتباطه الوطيد بالعديد من أوجه التنمية الحيوية في أبعادها المختلفة، الاقتصادية والاستثمارية منها والاجتماعية والسياسية. إن القطاع في حاجة إلى سياسة مندمجة بإشراك كل المتدخلين في إطار خضوع لسياسة مسطرة وبرامج محددة الأهداف والغايات، أو ما يمكن أن نطلق عليه خارطة طريق، يقطع الطريق نهائيا وإلى غير رجعة مع أساليب متجاوزة بقوانينها وهياكلها وعقلياتها، شكلت للأسف منطلق التعاطي مع هذا الملف منذ فجر الاستقلال. لابد من سياسة رياضية واضحة وفق مجالات التخطيط تمتد لثلاث أو خمس أو حتى عشر سنوات، تعمل على أسس سليمة تمنح سلطة القرار آليات المراقبة والتتبع والتدخل في كل لحظة يتضح فيها حدوث اختلالات قد تزيغ بقاطرة الرياضة الوطنية عن المسار المحدد لها سلفا، مع احترام تام للأساليب الديمقراطية. الرياضة الوطنية في حاجة إلى تشكيل أرضية يساهم فيها كل المتدخلين وبصفة خاصة الفاعلين الاقتصاديين، أرضية تسمح بصياغة برنامج سياسي حكومي محدد الأهداف والغايات واضح المعالم والأسبقيات، قادر على إصلاح حقيقي للأزمة، برنامج مندمج، منفتح على المستقبل بكل ما يحمله من تحديات...