إعادة النظر في تأطير الفئات الصغرى.. والاهتمام بالرياضة المدرسية تعيش كرة القدم الوطنية لحظات فراغ تبحث من خلالها عن الخلف المفقود داخل المنتخبات الوطنية، ومن أجل البحث عن خلف منتج وصفوة كروية فاعلة تتيح لنا تمثيلا يليق بسمعتنا الرياضية الدولية التي اكتسبناها خلال الحقب السالفة. وقد يتطلب الأمر أساليب تقنية وإدارية ومالية بالنسبة للفئات الصغرى، وهي مسؤولية على عاتق كل الفاعلين في الحقل الرياضي، وبمختلف توجهاتهم سواء كانوا سياسيين أو رياضيين. فالكل معني بالأمر لتحقيق هذه الرغبة الجامحة التي افتقدناها منذ عقود، والتي هي مطلب أساسي بالنسبة لكافة المتداخلين في الشأن الكروي، خصوصا بعد الخيبة المدوية لمنتخبنا في نهائيات كأس إفريقيا للأمم الأخيرة بالغابون وغينيا الاستوائي. وقد استقينا آراء مجموعة من الأطر الوطنية في موضوع غياب الخلف. عبد الرحيم طاليب مدرب النادي المكناسي: بصراحة تصنيفنا العالمي (61) والافريقي (11) يعبر بجلاء عن التراجع الرهيب الذي عرفته كرتنا، والأمر عادي إذا أخذنا بعين الاعتبار تواضع العديد من لاعبينا المحترفين نتيجة عدم المشاركة ضمن نواديهم، لقد كانت دورة (إل-جي) مؤشرا بضعف مستوانا رغم أن قدرات اللاعبين الذين شاركوا عالية لكن ضعف التنافسية تحول دون إبراز المؤهلات لأن اللياقة البدنية أهم شيء خصوصا على المستوى الافريقي وألخص مشكلة الخلف في ثلاث عناصر هي: - الرجوع إلى الاهتمام والاعتناء بالفئات الصغرى. - الاعتماد على بعض اللاعبين المحليين الجاهزين لاكتمال أجزاء المنتخب وسد ثغراته. - إرادة سياسية للنهوض لكرة القدم. إن الظرف يحتم علينا أن نقف وقفة تأمل ونضع نتائج نهائيات «الكان» الأخيرة في الميزان لكي يتضح لنا ما يجيب فعله حتى لاتستمر الهزات والكبوات ونخرج مستقبلا خاوي الوفاض على غرار ما عهدناه. كمال فوزي مدرب المولودية الوجدية: الكأس الإفريقية الأخيرة التي احتضنتها الغابون وغينيا الاستوائية، عرت الوجه الحقيقي لكرتنا المغربية، وتأكدنا من مستوانا المهزوز، وكذا التسيير المرتجل، إضافة إلى أن كرة القدم المغربية لن تصنعها الدعاية ولا التهريج، يجب أن نعيد النظر في هيكلتها في تخطيطها غير المعقلن وفي بعض اللاعبين لايمثلوا في كل الحالات ماتحتضنه ملاعبنا الوطنية من موهوبين، رغم عدم احترافهم ولاعبو المغرب الفاسي (نموذج يهتدى به). الكأس الافريقية الأخيرة تدعونا من جديد لفتح حقيقة كرتنا فيما يتعلق بالخلف، فهناك أشياء لابد من مراجعتها وتتعلق بالتسيير داخل الأندية وما عليه من مؤاخذات من إهمال للفئات الصغرى والاعتماد على النتائج الآنية مع الفراغ التقني لدى بعض منتخباتنا وما عاشه منتخب الكبار أيام كنا ننتظر قدوم المدرب البلجيكي وكأننا ننتظر «هلال» سيطلع علينا من السماء. ألح على إعادة النظر في التأطير المتعلق بالفئات الصغرى والعمل على البناء على المدى البعيد. فالظرف يحتم الابتعاد على الهوية الفرنسية والبلجيكية وإقرار هوية مغربية في مدارسنا التكوينية، في أطرنا المغربية الكفأة، الخلاصة هي سياسة تغيير شمولية إذا كنا ننشد النهوض من جديد والرجوع إلى الريادة القارة والتألق المفقود. حسن أوغني مدرب الإتحاد البيضاوي: الكأس الافريقية بالغابون وغينيا الاستوائية، عرت وجه منتخبنا المقنع وكان بمثابة ضوء أحمر يشتعل، وعلامة ممنوع المرور، لانريد أن نتكلم أكثر من هذا لأن بعض الألسنة المكسورة تغضب في مثل هذه الحالات، كما لانريد أن نحاسب أحدا وهذا ليس من حقنا إنما نأسف أن تسقط كرتنا بهذا الشكل ونقدم وجها قائما في أكبر التظاهرات القارية. أعتقد أن الحل يكمن في الرجوع إلى الهيكلة المعقلنة للنوادي بالاعتماد على أبنائها على مدارسها في التكوين، فجل فرقنا حتى الرائدة أو ما يصطلح عليها بالقاطرة لانعتمد على أبنائها بقدرما تنتدب اللاعب الجاهز، وهذه أكبر الخطايا والأمثلة كثيرة فحين يعتمد على أبناء الفريق الصاعدين من الفئات الصغرى تكون النتائج جيدة إن كان آنيا أو على المستوى المتوسط في حين لانجني من وراء الاعتماد على لاعبين جاهزين إلا على الظرفية الحالية وقد لاتعطي أكلها في غالب الأحيان والتجارب عديدة ولا داعي لذكرها. الظرف جد حساس ولابد من تكاثف جهود الجميع إذ نحن أردنا أن يكون لكرتنا خلف يمثلنا في التظاهرات الدولية خير تمثيل وما منتخب زامبيا الشاب إلا درس لقن للجميع. محمد نجمي مدرب اتحاد المحمدية: أين غابت دوريات الأزقة؟ أين غابت الملاعب المثناترة بالأحياء؟ أين غابت العناية والاهتمام بالفئات الصغرى؟ أنا بدوري انتشلت من دوري الحي حين ولجت صفوف الرجاء البيضاوي، لقد أتى العمران على كل شيء، فأين هي السياسة الرياضية التي نتوخى منها إعداد الخلف، فحتى المدارس التي كانت تنجب لاعبين موهوبين من حين لآخر لم يعد لها ذلك الدور، لذا أنادي بإرجاع البرامج القديمة وما أعطت من نتائج إيجابية مع بنية تحتية مهمة تكفل للصغار اللاعب خارج النوادي ولن يتأتى ذلك إلا بالكف عن العمران الذي استحوذ على جميع المساحات منها ما هو قانوني ومنها غير ذلك. لقد حان الوقت لسياسة حكومية هادفة في هذا المجال، كفانا من الكبوات، كفانا من التراجع فلدينا مواهب يمكن أن تصقل مع الاهتمام والتتبع، فالبرامج الهادفة لتشجيع الفئات الصغرى هي الكفيلة بتطوير لعبة كرة القدم وضمان الخلف. محمد العزيز مدرب سابق لاتحاد طنجة وايت ملول: يجب خلق لجنة خاصة بالفئات الصغرى على مستوى أعلى سلطة وهي الجامعة والوزارة الوصية، لأن جزءا كبيرا من الساكنة المغربية تقل أعمارها عن العشرين وأن إحدى اهتماماتها الأساسية هي ممارسة الرياضة وبالخصوص كرة القدم، وبالتالي تدعيم الرياضة سيحمي الشباب من عدة معضلات كالانحراف، لقد هملنا الفئات الصغرى، والبنية التحتية الخاصة بها والنتيجة حتميا عدم إيجاد الخلف، إن الظرف الحالي يحتم تصورا يتمحور حول الأهداف المتوخاة من الممارسة، فطبيعي إذا ما غاب الاهتمام بالفئات الصغرى وهي القاعدة والدعامة أن يتراجع مستوى الكبار لأن البناء يبدأ من القاعدة، هناك شيء أساسي لابد من إثارته فاللاعبون المحترفون والذين مارسوا بالبطولة الوطنية قبل الاحتراف تكون عطاءاتهم أحسن بكثير من نظراتهم القادمين من أوروبا، يجب الاضطلاع على جوانب الاخفاق والاختلال لا إعطاء مبررات واهية، أجزم أن إخفاقاتنا تكمن في عدم اهتماماتنا بالفئات الصغرى التي تضم مواهب كثيرة تقبر في مهدها لعدم الاعتناء والاهتمام بها. الرياضة هي وسيلة للتقدم الاقتصادي وبالتالي يمكنها أن تساعد على خلق مناصب شغل وبولوج عالم الاحتراف لدى أنديتنا، أصبح لزاما أخذ أولوية الرياضة كاهتمام سياسي يحمي شبابنا من عدة معضلات كالانحراف والبطالة وتوفير الجو المناسب والملائم للممارسة بالنسبة لشبابنا من شأنها أن يمكنه من إبراز موهبته وقدراته وبالتالي يكون خلفا فاعلا ومنتجا، فأكبر الحراس المغاربة إذا ما رجعنا إلى الوراء نجد الممارسة بالشارع وبالضبط دوريات الأحياء هي التي أفرزتهم وعليه يتحتم وضع برامج هيكلية، بنيوية لدى كل الفرق بالنسبة لفئاتها الصغرى لأنها أساس نجاحها ومدارس كرة القدم بأنديتنا لا تعطي ما ينتظر منها في غياب الاهتمام والدعم اللازمين، فصيانة الملاعب وتجند كل المكونات البشرية من شأنه انتشال فئاتنا الصغرى من براتين الظل والعودة بنا الأضواء يكمن كذلك في هيكلته الادارية والمالية والتقنية. ومع كل هذا يبقى التفاؤل قائما على الخلف في ظل عزم جميع المكونات على وضع مخطط قار وهادف في إطار تنفيذ مشاريع تنموية محليا ووطنيا.