باريس لا يمكن أن تعترف بأي شكل من الأشكال بأنها أصيبت بالشيخوخة والكبر، وهذا ما يجعلها تبحث عن دماء شابة وجديدة تضخ فيه بعض الحيوية والحياة، منطلقة من قناعتها بأن أي دار متخصصة بالهوت كوتير تحتاج إلى مبدع وراءها. لهذا كان ظهور اسم بشرى جرار على لائحة برنامج الهوت كوتير، بمثابة نسمة صيف عليلة تعطي الأمل بأن القادم قد يكون حلوا وأن الموضة تتجدد على كل المستويات في عاصمة السحر والأناقة. بشرى التي تنحدر من أصول مغربية سبق لها العمل في دار «بالنسياجا» لعدة أعوام، ثم مع كريستيان لاكروا.كان بإمكانها أن تبحث عن دار أخرى تنضوي تحتها، لا سيما أن سيرتها الذاتية غنية وخبرتها طويلة تجعلها مكسبا لأي واحدة من هذه البيوت، لكنها اختارت أن تصمم وتبدع تحت اسمها، لتقدم في الموسم الماضي أول تشكيلة من توقيعها نالت الإعجاب، على الرغم من عدد قطعها المحدود وألوانها التي اقتصرت على الأسود والبيج. سمحت بشرى لنفسها بمساحة من الانطلاق تجلت، مثلا، في فستان من دون أكمام من جلد الماعز مزين بياقة من الفرو تنسدل من جانب واحد إلى الركبة وتتخللها تفاصيل من الذهب، على شكل حواشٍ من اللاميه، فضلا عن القصات المبتكرة للظهر التي تكشف عدة جماليات. اما طريقة تنفيذها وتفصيلها كانت لافتة، تشي بأن وراءها مصممة لها باع طويل. وجاءت ثاني تشكيلة لها ، لتؤكد هذه الحقيقة. فهي من المصممين الذي يرفعون شعار «القليل كثير» معتمدة على التفصيل المحسوب والفنية الهادئة التي لا تتوخى الاستعراض بقدر ما تتوخى مخاطبة امرأة عصرية، لكن تعشق التميز. عرضها أكد أيضا أن باريس وفقت أخيرا إلى مصممة شابة تجمع بين الحرفية والابتكار والدقة. فقد اشتغلت عليها بشرى وكأنها مصممة ودكتور جراح يقوم بعملية حساسة جدا، سواء من حيث قصاتها المحسوبة أو ألوانها المحدودة، التي اقتصرت مرة أخرى على البيج والأسود والأزرق مع رشات من ذهب هنا وهناك. فقد كانت هناك فساتين ناعمة بقصات مستقيمة، وبطيات من الظهر تنفتح لتكشف عن بطانة من الساتان وكأنها جزء منفصل. كانت هناك أيضا فساتين بخطوط هندسية بياقات على شكل v هي في الواقع كنزات فوق تنورات مستقيمة لكن مشبوكة بخيوط رفيعة.