تحول الزي المغربي من موروث شعبي وتاريخي إلى عنوان يحمل اسم المغرب ويجول به العالم تعريفاً ووزناً حضارياً، وخصصت له عروض في عدد من المدن المغربية والعربية والغربية، وحاز إعجاب المصممين العالميين بخصوصيته فحملته إبداعاتهم من البيوت والمناسبات المغربية إلى العالمية، وفتح الباب على مصراعيه للإبداع فيه، فأصبحوا يضعون لإبداعاتهم عناوين مختلفة تكشف شغفهم بالقفطان المغربي وأسراره، ومن هؤلاء أمين لمراني الذي ورث الحرفة من أجداده، ودرسها فأصبح نجماً في عالمها. ظهر الزي المغربي في العهد الماريني قبل عدة قرون وظل صامداً في وجه تعاقب الحضارات على المغرب من فنيقية وقرطاجية ورومانية دون أن تؤثر فيه مباهج التغيير، وظل محتفظاً ببريقه رغم اللمسات التي حاولت زعزعة أشكاله، وبقي بعيداً عن إغراءات التطوير، واستطاع اليوم اختراق كل الأماكن والوصول لأقاصي العالم، فأصبح علامة مميزة من عوالم الموضة وخطوطها، يتبعه ويستنبط الكثيرون منه تفاصيله ويجعلونها إضافات فارقة في أزيائهم. أقمشة حريرية خلال عرض أقامه بفندق ياس ضمن فعاليات الأسبوع المغربي في أبوظبي، قال مصمم الأزياء أمين لمراني: “جئت من المغرب لأشارك في احتفالات فندق ياس بالأسبوع المغربي، وتعتبر هذه أول مرة أزور فيها الإمارات، وعرضت 24 قطعة، بألوان حارة وجريئة، أما الأقمشة التي اعتمدتها، فهي كلها أقمشة حريرية تناسب جو الدولة”. وعن بداياته الأولى، يقول لمراني: “ورثت حب القفطان المغربي منذ الصبا الأول، فمنذ صغري كنت أعمل مع والدي في محله، وأتابع دراستي، وكانت كل العائلة مبدعة في هذا الإطار من خالاتي ووالدتي، ولكن الإضافة التي عملتها أنا هي أنني درست وتعمقت في الموضوع من حيث القصات ومزج الألوان، وإدخال بعض الأقمشة، حيث درست (الهوت كوتير) في مدرسة كندية بالدار البيضاء، وخضت لتدريبات كثيرة في فرنسا خاصة في باريس، كما شاركت في عدة مهرجانات منها قفطان 2004 وقفطان 2005 و2006 و2007، وذلك في إطار تظاهرة تنظمها مجلة (فام دي ماروك)، وبعد ذلك شاركت في مهرجان (ماروك بروميوم) في مازاكان، وهو مجمع سياحي بالقرب من مدينة الجديدة”، لافتاً إلى أنه شارك في العديد من عروض الأزياء خارج المغرب منها عروض في باريس، موسكو ومصر وألمانيا. عن خطوط الموضة، وعن قابلية القفطان المغربي لإدخال الحداثة عليه، قال لمراني: “القفطان المغربي هو سفير الصناعة التقليدية المغربية، أصبح عالمياً، والمصممون العالميون أصبحوا يقتبسون من خطوطه وأشكاله، هكذا نحاول أن ندخل بعض التغييرات عليه، حيث ندخل بعض التفاصيل الصغيرة مع الحفاظ على هويته التي تميزه عن أزياء العالم كلها، هكذا فإنني وغيري من المصممين داخل المغرب وخارجه، نضيف بعض التحسينات عليه مثل القصات وبعض الإضافات البسيطة لترضي جميع الأذواق، ولكن لا يمكن التغيير في مكوناته الأساسية حتى يظل في نكهته الأصلية ولا يخرج عنها، حتى لا يفقد هويته التي صنعت له صيتاً عالمياً، بالحفاظ على الطابع التقليدي، فالكل يبحث عن البصمة المغربية”. في سياق مواز، يقول لمراني إن “المصمم هو سلطان الموضة، هو من يتحكم فيها وليس هي من تتحكم فيه، يجب أن يواكب الموضة دون الإخلال بالأساسيات، والإقبال على القفطان المغربي يجعلنا سعداء بالعمل في هذا المجال”. إقبال البنات عن إقبال الفتيات على القفطان المغربي داخل المغرب، يقول لمراني: “بشكل عام، القفطان المغربي هو سيد المناسبات دون منازع، ولكن الفارق هو أن البنات والسيدات بشكل عام، يلبسن القفطان المكون من قطعة واحدة في الأعياد والمناسبات البسيطة كالعزومات العائلية، والأعياد، أما الأعراس فتبقى التكشيطة بإبهارها هي سيدة الليالي الكبيرة والمناسبات الضخمة، وبالنسبة للبنات قبل الزواج فهن يحبذن القفطان بقصات عصرية تشبه الفساتين، بألوان جريئة، لكن عند الزواج وخلال العرس فإنها تفضل القفطان التقليدي، ففي ليلة الحناء تلبس العروس القفطان الأخضر المرصع بالذهبي، هذا هو الدارج، وقد تغير البنات اللون حسب رغبتهن، كما تلبس العروس ليلة عرسها أكثر من 6 أو 7 تكشيطات بمختلف الألوان والأقمشة، وكثير من النساء يفضلن الذهاب لبيت زوجها في تكشيطة بيضاء على شكل فستان مع عباءة شفافة توضع من فوقها، وهذا يعتبر حديثاً، حتى لا تتبدل التكشيطة بفساتين غربية، ويظل القفطان المغربي صالحاً لكل الأزمان وخاضعاً للتغيير مع الحفاظ على طابعه التقليدي الأصيل”. ألوان الموضة عن الأقمشة الدارجة، يقول لمراني: “الحرير والبروكار والشونتون، كلها أقمشة يمكن استعمالها، ولكل قماش من هذه الأقمشة يواتيه نوع معين من الصناعة التقليدية، أما الشغل اليدوي الذي يلائم هذه الأقمشة فهو السفيفة والمعلم (زخرفة خاصة يطلق عليها اسم المعلم) هذا بالنسبة للأقمشة الحريرية أو غيرها من الأقمشة غير المشجرة مثل الحرير والشيفون، أما غيرها التي تشمل رسومات فلا يمكن استعمال الشغل اليدوي الثقيل فيها ويستحسن الشغل البسيط الذي يضفي عليها جمالاً وأناقة مع اللعب عليها بقصات مختلفة ومبدعة، كما يمكن إدخال الشواريفسكي والاستراس”، مشيراً إلى أن الألوان الدارجة هي الألوان الزاهية الجريئة كالأحمر والبنفسجي والأخضر والفوشيا والبرتقالي والأصفر، وبالنسبة للألوان التي تطرز باللون الذهبي هي الأحمر والأخضر والفوشيا والبرتقالي والأصفر. وبالنسبة للتطريز باللون الفضي، فإنه يلائم اللون الأزرق والبنفسجي والأسود والتطريز باللون الأبيض يصلح لكل الألوان. ويضيف لمراني: “الأزياء المغربية تمثل فورة الجمال الأنثوي، وترفعه إلى مستوى رفيع، والقفطان المغربي هو الثوب التراثي الذي يعكس خصوصية جمالية تخص العراقة والأصالة، والقفطان علامة فارقة في الأناقة المغربية ويتألف حسب المناسبة من قطعة أو قطعتين أو ثلاث قطع، وأصبح يتمرد على التقليدي منه، ودخلت في القطعة الواحدة أكثر من لون، وأصبح يحتمل حتى 5 قطع في الثوب الواحد، وقد أجريت تعديلات كثيرة على شكل القفطان وتصاميمه وقصاته حسب الموضة، بحيث أصبحت المرأة المغربية دائماً تبحث عن كل ما هو جديد”. أول عرض في الخليج عن عرض أزياء القفطان المغربي، الذي قدمه لمراني ضمن فعاليات الأسبوع المغربي، يقول: “تعتبر هذه أول مرة أعرض فيها بالخليج عامة وفي الإمارات خاصة، وأسعدني استحسان الناس لأعمالي، وجئت بأزياء تقليدية من قطعة وقطعتين، القفطان والتكشيطة المغربية، وكلها تكونت من أقمشة خفيفة حريرية تناسب جو المنطقة، أما القصات فهي حديثة تناسب ذوق كل الأجيال، ومن القصات التي تلقى إقبالاً هي تلك التي تشابه قصات الفساتين، مع زواق المعلم والتطريز وتظل السفيفة المخزنية المغربية القديمة هي مكون رئيس لصناعة القفطان المغربي”.