توثيق لتجربة إنسانية متنوعة افتتحت مؤسسة صندوق الإيداع والتدبير٬ مساء الثلاثاء الماضي برواقها «فضاء التعابير» معرضا للوحات الفوتوغرافية للفنانة ليلى غاندي تحت عنوان «من حيوات لأخرى» (فيزافي)٬ يقترح توثيقا بصريا لتنوع التجربة الانسانية عبر الأمكنة. ويتألف المعرض من عدة لوحات فوتوغرافية التقطتها ليلى في جولاتها أنحاء مختلفة من بلدان العالم٬ من التيبت إلى سيبيريا مرورا بالهند وكوبا والصين والعربية السعودية وراجستان وفرنسا وأعالي الهيمالايا بنيبال واسبانيا والبحرين وإثيوبيا والسنغال ولبنان وكوريا الجنوبية والعراق والبيرو والكويت وتركيا ... وغيرها. مشاهد تجاور نظيرات لها في المدن والمناطق المغربية كالدارالبيضاء ومراكش والفقيه بنصالح ومرزوكة وبنكرير وورزازات والأطلس المتوسط والصويرة ومولاي بوسلهام وطاطا وشفشاون وأرفود وأكدز وغيرها. والمثير في هذا المعرض هو تشابه وتواطؤ الصور المعروضة مهما اختلفت الأمكنة التي التقطت بها. وقد تعمدت الفنانة وضعها بشكل متقابل٬ بحيث يبدو من الوهلة الأولى ذلك الحوار الافتراضي بينها الذي يكرس نقاط توحد التجارب الإنسانية. يقول الفوتوغرافي والأستاذ الباحث في التصوير جعفر عاقيل في كلمة ضمنها دليل المعرض٬ إن «التجربة الفوتوغرافية لليلى غاندي تعتبر جديرة بالاهتمام في مسارات الفن الفوتوغرافي بالمغرب٬ ذلك أنها تميزت منذ بداياتها الأولى بأسلوب فني يجمع بين الأشكال التعبيرية والبعد التوثيقي في تأطير واحد للتعبير عن حالات ووضعيات مشحونة بالأحاسيس الإنسانية كما تتميز مقاربتها بالتقاط لحظات تمثل غنى التعدد العرقي والاختلاف الديني والتنوع الجغرافي والثقافي..لكن دائما من منظور يبرز الاحتفاء بالإنسان والاحتفال بالحياة». وتابع جعفر عاقيل أن هذه الأعمال تجعل من الإنسان موضوعا محوريا للتصوير٬ سواء من خلال تجسيد تقاسيم وجهه أو نظراته أو حركاته أو سكناته أوتمثيله في فضاءاته الحميمة أو العمومية٬ ومما يزيد من تألق عملها توظيفها لتأطيرات دينامية تخلق مسافة جمالية بينها وبين تلك التي تركها الإرث الإثنوغرافي٬ كما يشعر المشاهد حين يخصص وقتا أوفر لقراءة أعمالها وتأملها٬ أن هناك حسا رهيفا وخالصا وراء انتقاء الأشكال وأثناء توزيع الكتل ولحظة توظيف الإضاءة وفي مختلف الإوليات المستعملة في حياكة الرقع البصرية أو في بناء المساحات المصورة التي تلتقطها عين غاندي٬ هذا علاوة على المكونات التشكيلية والكرافيكية والتلوينية المستعملة والإمكانات الجمالية التي تتيحها للرائي. ويخلص عاقيل إلى أن كل هذا ليس بالغريب على فوتوغرافية من طينة ليلى غاندي المولعة بالسفر وبملاقاة الآخر والتواصل معه والمهووسة باقتفاء الأثر والمسكونة أيضا بالكتابة في بعديها اللفظي والأيقوني٬ «بحيث أن مبدعتنا ظلت طيلة سلسلة فوتوغرافيات الرحلة المعروضة علينا اليوم وفية للقيمة الشاعرية نفسها والعمق الدلالي نفسه اللذين عودتنا عليهما في إبداعها الأدبي الموسوم بالجرأة والمغامرة». نقطة ارتكاز الرحلة الفوتوغرافية لليلى غاندي في هذا المعرض تكمن في إبراز «فكرة التشابه بين الناس»٬ على حد قول الفنانة والكاتبة التي تصرح «أن ما أردت قوله هو فكرة أننا نتشابه أكثر مما نتصور أو نعرف٬ سواء في مشاعرنا أوانفعالاتنا. يجب الحفاظ على اختلافنا وتقاليدنا الخصوصية مع إدراك أننا نتشابه»٬ مشيرة إلى أن تجوالها عبر العالم لم يحجب عنها مجالات التصوير المحلية٬ حيث يحيل نصف اللوحات المعروضة إلى فضاءات متعددة في البلاد. وتعمل ليلى غاندي الحاصلة على دبلوم العلوم السياسية من باريس٬ في مجال التصوير الفوتوغرافي وإخراج الأفلام الوثائقية٬ وهي مؤلفة نصوص وصور كتاب «أعمدة الصين»٬ الذي نشر في المغرب عن منشورات الفنك وفي فرنسا عن منشورات بشاري. ومن رواق 127 بمراكش إلى رواق آر لونج في بيروت مرورا بالبرلمان الأوروبي٬ جابت صورها الفوتوغرافية محافل عرض عبر العالم. ومنذ سنة 2009٬ عرضت أفلامها الوثائقية في التلفزة المغربية. ومنذ سنة 2010 أخرجت ليلى غاندي ونشطت برنامجا أسبوعيا للرأي يبث في إذاعة أتلانتيك راديو تحت عنوان «ستتكلمون عنه»٬ لتلج مؤخرا استوديوهات القناة الثانية عبر اخراج سلسلة وثائقية وتخطو خطواتها الأولى في التلفزيون كمنشطة. وأقامت ليلى غاندي ٬ وهي من مواليد الدارالبيضاء عام 1980٬ العديد من المعارض الفردية في كل من فرنسا والمغرب ومالطا وإسبانيا وبريطانيا ولبنان كما شاركت في معارض جماعية في المغرب ولبنان وإثيوبيا وفرنسا وإسبانيا وتونس. ويستمر معرض هذه الفنانة والكاتبة والصحافية إلى غاية 13 أبريل القادم.