خلص مؤتمر عقد مؤخرا في بيروت إلى أن تراجع النمو العالمي إلى أقل من واحد بالمائة، بسبب التعثر الحاصل في اقتصاديات العديد من الدول الكبرى، ينعكس حتما على عدد من الدول العربية ذات الاقتصاد المتنوع. وتوقعت مداخلات المشاركين في مؤتمر (الربيع العربي: تحولات وانتظارات)، الذي نظمته جامعة الحكمة في بيروت يومي 25 و26 فبراير الجاري أن يبلغ النمو في هذه الدول عام 2012 نسبة 0.3 في المائة، فيما سيبلغ في الدول الخليجية المصدرة للنفط 1.1في المائة. وفي بحث تحت عنوان «الاقتصاد العربي في خضم التحولات» قال المسؤول في القسم الاقتصادي في جامعة الدول العربية بهجت أبو النصر إن القطاع الصناعي العربي يعمل في إطار محدود، باستثناء المعتمد منه على إنتاج وتصدير النفط ومشتقاته خاصة في البلدان الخليجية. وأضاف أبو النصر أن الزراعة تراجعت إلى 10 في المائة من الناتج المحلي العربي، ويحتاج الاقتصاد العربي خلال العشر سنوات المقبلة إلى 100 مليون فرصة عمل فيما يحتاج خلال المرحلة المقبلة الممتدة إلى عام 2016 إلى 50 مليون فرصة عمل. وتحدث وزير السياحة اللبناني فادي عبود في مداخلة بعنوان «التغيير العربي وانعكاساته على قطاع الخدمات» عن الآثار الجانبية للاضطرابات في بعض البلدان العربية وانعكاساتها على القطاعات المنتجة وتحديدا قطاع السياحة والخدمات. وأشار عبود بالخصوص إلى «الضرر الكبير الذي لحق بالبنية التحتية وتراجع الإنتاج مع استمرار الاضطرابات في بعض البلدان، وعدم استقرار الحياة السياسية في بلدان أخرى، وارتفاع الكلفة وتباطؤ التعافي الاقتصادي». وأفاد بانخفاض حجم الاستثمارات الأجنبية في المنطقة العربية، التي قدرها خبراء مصرفيون بحوالي 83 في المائة، إلى أقل من 5 مليارات دولار، وكذا تباطؤ دورة الإنتاج في عدد من البلدان بشكل ملموس ما أثر في حجم الصادرات، وتراجع السياحة إلى أدنى مستوياتها منذ سنوات. كما أفاد بتدني نسبة الإشغال الفندقي في بعض الأوقات إلى أقل من 10 في المائة، ما تسبب في إغلاق بعض الفنادق والمطاعم، وارتفاع البطالة والنقص الحاد في الوارد من العملات الأجنبية، علاوة على الضرر في القطاعات المعتمدة على السياحة مثل الطيران والعقارات وقطاع الخدمات. أما الوزير اللبناني السابق جهاد أزعور فرأى من جانبه، أن لبنان شهد تحولا أساسيا بعد أربع سنوات من النمو الاقتصادي عالي المستوى، بمعدل 7 أو 8 في المائة في عام 2007 وعام 2010 بعد تحسن كبير في الاستقرار المالي وبعد ارتفاع كبير بتدفق رؤوس الأموال. وأضاف أزعور أن عام 2011 شهد تراجعا بكل المؤشرات الاقتصادية معتبرا أن «جزءا منه مرتبط بالربيع العربي، وجزءا مرتبط بالتحولات الاقتصادية الدولية، وجزءا مرتبط بالمعطيات الداخلية اللبنانية». وفي بحث بعنوان «الاقتصاد الدولي في أزمة المنطقة» قال مدير الموارد والعولمة في اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) عبد الله الدردري، إن «الهيكليات المعتمدة للاقتصاد العربي، غير قادرة على مواجهة التحديات الحالية، والاستفادة من الفرص المتاحة أمامها». وأشار الدردري إلى أن «40 في المائة من سكان العالم العربي يعيشون تحت خط الفقر» حسب مؤشرات اقتصادية ومالية واجتماعية.