اتهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس إسرائيل أمس الأحد بتسريع خطوات تهويد مدينة القدس ودعا العرب والمسلمين إلى زيارة المدينة قائلا إن مثل هذه الزيارات لا تدخل في نطاق تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وقال عباس في كلمة له في افتتاح المؤتمر الدولي للدفاع عن القدس الذي يعقد في العاصمة القطرية الدوحة على مدى يومين «ان متابعة وقائع ما شهدته وتشهده القدس خلال السنوات القليلة الماضية واليوم من ممارسات الاحتلال تقود إلى استنتاج واحد هو أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تسرع وبشكل غير مسبوق وباستخدام أبشع وأخطر الوسائل تنفيذ خطط ما تعتبره المعركة الأخيرة في حربها الهادفة لمحو وإزالة الطابع العربي الإسلامي والمسيحي للقدس الشرقي.» وأضاف أن هذه الإجراءات تهدف إلى «تهويدها وتكريسها عاصمة لدولة الاحتلال خلافا لقرارات مجلس الأمن والتي يفوق عددها 15 قرارا تدعو إسرائيل إلى التراجع عن إجراءاتها وتعتبرها باطلة.» واحتلت إسرائيل القدسالشرقية العربية في حرب عام 1967 وضمتها في إجراء لم يحظ باعتراف دولي. ويشارك في مؤتمر الدوحة الذي يناقش وضع القدس ممثلون لحوالي 70 دولة بالإضافة إلى خبراء وباحثين ومؤرخين وقانونيين عرب وأجانب. وقدم عباس في كلمته التي نقلت تلفزيونيا شرحا مفصلا للأوضاع في مدينة القدس وقال «تشهد القدس تسارعا غير مسبوق في الهجمة الاستيطانية حيث يجري العمل ليل نهار لاختلاق تفاصيل مصطنعة في المشهد المقدسي تتناقض وخصائصه المعمارية وجذوره الحضارية والثقافية العربية المؤسسة لهوية مدينة الأقصى وكنيسة القيامة..» وأضاف «وفي نفس السياق تتم إحاطة القدس بجدار الفصل العنصري وبطوق من المستوطنات لعزل، المدينة عن محيطها في الضفة الغربية ومنع التواصل ما بين شمال الضفة وجنوبها.» وأوضح عباس أن اخطر الإجراءات التي قامت بها إسرائيل في القدس «إضافة إلى تطويق القدس بسلسلة مستوطنات لفصلها عن بقية أجزاء الضفة الغربية هو نصب سلطات الاحتلال للحواجز الدائمة منذ التسعينات والتي بموجبها أصبح المواطنون الفلسطينيون ممنوعين من دخول القدس سواء كان ذلك للصلاة أو للعمل أو للعلاج أو للدراسة أو للتسوق أو لزيارة أقاربهم وعائلاتهم إلا بتصاريح يكون الحصول عليها شبه مستحيل..» وطالب عباس العرب والمسلمين بزيارة القدس رغم الاحتلال وقال «ومن هنا تبرز ضرورة أن نشجع كل من يستطيع وبخاصة إخوتنا من الدول العربية والإسلامية إضافة إلى إخوتنا العرب والمسلمين والمسيحيين في أوروبا وأمريكا على التوجه لزيارة القدس.» وأضاف «أن هذا التحرك سيكون له تداعياته السياسية والمعنوية والاقتصادية والإنسانية فالقدس تخصنا وتمسنا جميعا ولن يستطيع أحد منعنا من الوصول إليها. أن تدفق الحشود إليها وازدحام شوارعها والأماكن المقدسة فيها سيعزز صمود مواطنيها ويسهم في حماية وترسيخ هوية وتاريخ وتراث المدينة المستهدفين بالاستئصال وسيذكر المحتلين أن قضية القدس هي قضية كل عربي وكل مسلم وكل مسيحي.» وأوضح عباس أن هذه الزيارة لا تعتبر تطبيعا مع الاحتلال وقال « وأؤكد هنا على أن زيارة السجين هي نصرة له ولا تعني بأي حال من الأحوال تطبيعا مع السجان.» ومن جانبه دعا الشيخ حمد بن خليفة أمير دولة قطر المشاركين في مؤتمر الدوحة إلى إصدار توصية بالتوجه إلى مجلس الأمن الدولي للمطالبة بلجنة تحقيق بشأن ما تقوم به إسرائيل في مدينة القدسالشرقية. وقال في كلمته في افتتاح المؤتمر «لدي اقتراح أن يصدر المؤتمر توصية بالتوجه إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار بتشكيل لجنة تحقيق دولية للتحقيق في الإجراءات التي قامت بها إسرائيل في القدس منذ العام 67 لطمس معالمها الإسلامية والعربية.» ومن المقرر رفع توصيات مؤتمر الدوحة إلى مؤتمر القمة العربية الثالثة والعشرين الذي سيعقد في العاصمة العراقية بغداد أواخر الشهر المقبل. إلى ذلك، تعهد الرئيس الفلسطيني محمود عباس باتخاذ موقف بشأن عملية السلام مع إسرائيل إذا لم تحدث تطورات في غضون عشرة أيام بعد توجيه رسالة قريبا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وقال عباس في حوار مع قناة (سي بي سي) الخاصة المصرية بثته الجمعة، إن السلطة الفلسطينية ستوجه رسالة لرئيس الوزراء الإسرائيلي قريبا تتعلق بمستقبل عملية السلام والمفاوضات، مضيفا «إذا لم يحصل شيء خلال أسبوع إلى 10 أيام، سيكون لنا كلمة سنقولها في هذا الإطار». ولم يفصح الرئيس الفلسطيني عن ماهية هذا الموقف. وأجرى كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات والمستشار الخاص لرئيس الوزراء الإسرائيلي اسحق مولخو خلال الشهر الماضي ست جولات من «المحادثات الاستكشافية» في العاصمة الأردنية عمان لم تسفر عن شيء بشأن العودة إلى طاولة المفاوضات. وحول خطط القيادة الفلسطينية للعام 2012، قال عباس «عندنا خطان متوازيان وغير متعارضين وغير متناقضين، وهما المصالحة الفلسطينية والعملية السياسية وكلاهما لن يكون على حساب الآخر ولا ضده». وأكد أن المصالحة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) «ليست على حساب العملية السياسية مع إسرائيل وليست إلا بالطريق الصحيح وليست بعيدة عما أفكر فيه سياسيا». وأوضح أن نقطة التقائه مع حماس والتي أدت إلى ظهور مرحلة جديدة معها وأسفرت عن توقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية في مايو الماضي، هي أنها غيرت موقفها ليصبح هدفها إقامة الدولة الفلسطينية على الحدود التي احتلتها إسرائيل عام 1967. وارجع عباس التغيير في موقف حماس إلى التغير السياسي المحيط وانتقالها من المعارضة إلى موقع المسؤول، معتبرا أن من «حقها بعد ما مرت به من تجارب أن تغير موقفها وتسير في الاتجاه الذي نحن راضون عنه». وتابع انه استطاع مع رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل إزالة كثير من اللبس والغموض والإبهام وعدم الثقة» بين الجانبين. ووقع عباس ومشعل في السادس من الشهر الجاري اتفاقا برعاية قطرية «إعلان الدوحة»، ونص على تشكيل حكومة توافق برئاسة الأول تتولى الإشراف على إجراء الانتخابات العامة وإعادة اعمار قطاع غزة، من دون تحديد سقف زمني لذلك. من ناحية أخرى، جدد عباس التأكيد على عدم نيته الترشح لولاية رئاسية قادمة على الرغم من تمسك حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) به مرشحا وحيدا لها. وقال الرئيس الفلسطيني «أصبحت في سن لا تسمح لي أن استمر في هذا العمل المرهق المتعب، وأي واحد ممكن أن يأتي ويحل محلي، وهذه ليست مشكلة مستحيلة».