الصبار يرد على منتقدي تركيبة المجلس الوطني لحقوق الإنسان في لقاء تميز بحضور أعضاء وفد من المجلس الوطني الانتقالي الليبي الذي يوجد في زيارة للمغرب للتعرف والنهل من تجربة العدالة الانتقالية في المغرب من خلال العمل الذي أنجزته لجنة الحقيقة ممثلة في هيئة الإنصاف والمصالحة وسياسة جبر الضرر، والعمل الحالي الذي يقوم به المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وبحضور رئيس مؤسسة الوسيط والكاتب العام لولاية الرباط، وعمدة العاصمة، وعدد من المسؤولين بالمندوبية السامية للسجون، والإدارة الترابية وجهاز القضاء والأمن، تم زوال أول أمس الخميس بأحد فنادق العاصمة، تنصيب أعضاء اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالرباط- القنيطرة والتي تشمل عمالات وأقاليم الرباط، سلا، الصخيرات، تمارة، القنيطرة، الخميسات، سيدي قاسم وسيدي سليمان. وأكد محمد الصبار الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان في كلمة ألقاها في حفل تنصيب أعضاء هذه اللجنة، أن الفلسفة العميقة لخلق اللجن الجهوية لحقوق الإنسان تتمثل في تفعيل سياسة القرب من المواطنين وقضاياهم ذات الصلة بحقوق الإنسان والديمقراطية، وكذا إيمانا من المجلس بأهمية البعد الجهوي والمقاربة المجالية وضرورة انخراط الفاعلين المحليين في تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها والمساهمة في البناء الديمقراطي. وأوضح الأمين العام أن الغاية من خلق هذه الآليات تكمن في ضمان الحق في الولوج إلى حقوق الإنسان معرفة ومساطر وإجراءات وآليات، بالإضافة إلى تيسير حصول المتضررين المحتملين من انتهاك أو خرق إحدى حقوقهم على سبل انتصاف وتظلم فعالة وعن قرب وفق ما يتيحه الظهير الشريف المحدث للمجلس الوطني لحقوق الإنسان من إمكانيات وحسب القضايا التي ينطبق معها اختصاصه وبما لا يتعارض مع اختصاصات ومهام المؤسسات الأخرى المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان والمواطن. وشدد الصبار أن المجلس سيعمل على إشراك فعاليات أخرى من المجتمع المدني المحلي بمناسبة تأسيس المراصد الجهوية لحقوق الإنسان بغية ضمان مشاركة أوسع للفاعلين المحليين في هذا المجهود الجماعي الذي يتطلب تظافر جهود الجميع لتحسين وضعية حقوق الإنسان بالمغرب وتعزيز بناء دولة الحق والقانون. وذكر الأمين العام من جهة أخرى، بالسياق الوطني الذي جاء فيه إحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان المطبوع بتسارع وتيرة مسلسل الإصلاحات السياسية التي تجسدت بشكل واضح في الأنظمة الأساسية للمؤسسات الوطنية الأربع، ممثلة في المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومؤسسة الوسيط، ومجلس المنافسة الاقتصادية والهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، فضلا عن تقديم اللجنة الاستشارية حول الجهوية المتقدمة لتقريرها وإحداث المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، وهو المسار الذي توج بإقرار الدستور الجديد في فاتح يوليوز من السنة الماضية. وشدد الصبار على الأهمية القصوى التي يضطلع بها تبني المغرب لخطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، إذ أصبح المغرب الدولة السابعة والعشرين على المستوى العالمي والثانية على المستوى المتوسطي الذي يتوفر على خارطة طريق من هذا النوع. وقدم الصبار في هذا الصدد، أربعة محاور يمكن اعتبارها خطة العمل التي سيرتكز عليها عمل المجلس الوطني لحقوق الإنسان في القادم من الأيام، تتمثل أولاها في إسهام المجلس بما يمكن من الدينامية لضمان أن تكون المكاسب التي جاءت في الدستور محط تنفيذ فعلي، والعمل بنفس الحرص على المساهمة في إعمال خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان. فيما حدد المرتكز الثاني في جعل المجتمع المدني شريكا دائما ومتساويا سواء كان حاضرا في المجلس الوطني لحقوق الإنسان أم لم يكن حاضرا (حسب ما أفاد به الأمين العام للمجلس)، أما المرتكز الثالث فيتمحور حول نهج التعاون مع مختلف الفاعلين المعنيين بالحكامة الجيدة ومجموع الفاعلين العموميين وعلى رأسها المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان ومؤسسة الوسيط. فيما المرتكز الأخير، تم تحديده في السهر على تقوية انسجام السياسات في مجال حقوق الإنسان والعمل على قدر الإمكان أن يشكل عمل المجلس قيمة مضافة إلى عمل الفاعلين الآخرين وتفادي تكرار الأنشطة المنجزة وتفضيل الشراكة كطريقة تدخل ذات أولوية. ونظرا للطابع الشائك لموضوع العلاقة بين النسيج الجمعوي المغربي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وفي إشارة ضمنية إلى الانتقادات التي تعرض لها مسؤولو هذا الأخير عقب الإعلان عن تشكيلته الجديدة، وصف محمد الصبار عملية الاختيار بين هيئات النسيج الجمعوي بالمعقدة والمستحيلة، قائلا «إنه بالنظر إلى المقتضيات التي يحملها الظهير المؤسس للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والذي يمنح لهيئات المجتمع المدني 11 مقعدا، فإن تشكيل تركيبة المجلس كان عملية معقدة ومستحيلة». وكشف،بأن مسؤولي المجلس نظرا لتنوع وتعدد الإكراهات -هذا دون أن يفصل عن طبيعتها-، تحلوا بنوع من الحكمة والتبصر والتروي وقاموا بإجراء حوالي 200 استشارة مع هيئات المجتمع المدني. وأبرز أن الانتقادات التي تعرض لها المجلس بعد إعلانه عن التشكيلة كرد على ما اعتبرته عدد من الهيئات إقصاء، غير ذي معنى، ذلك «لأن المجلس يعتبر كل هيئات المجتمع المدني شركاء وفرقاء، وأن الإقصاء الحقيقي يتجسد في البرامج والاستراتيجية المشتركة، وأن المجموعة التي تم اختيارها تمتلك من المواصفات ما يجعلها تمثل تطلعات وهموم هيئات المجتمع المدني بمختلف تخصصاتها وتلاوينها». ومن جهته، وليبرز اجتياز المغرب مرحلة المصالحة نحو مرحلة جديدة من تطوير وتكريس المنظومة الحقوقية والبناء الديمقراطي الحداثي، أشار عبد القادر أزريع رئيس اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالرباط - القنيطرة إلى الحضور المتنوع والمتعدد الانتماءات والمهام خلال هذا اللقاء، قائلا «تحت سقف واحد ومن أجل تعميق الوعي بحقوق الإنسان يجلس المناضلون والمناضلات الحقوقيات، والمعتقلون السياسيون السابقون، والفاعلون الجمعويون، والنقابيون، جنبا إلى جنب مع مسؤولين عن الإدارة الترابية والسلطة القضائية والأمنية وممثلي المصالح الخارجية للوزارات والمؤسسات الوطنية». وأبرز أن تنصيب اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالرباطالقنيطرة يأتي استكمالا للبنات الهيكلة الجديدة للمجلس الوطني، وتدعيما للمجهود الذي يبذله في إطار إقرار سياسة القرب الحقوقي عبر لامركزية الآليات الوطنية للدفاع عن حقوق المواطنات والمواطنين وتعزيز البعد الجهوي في مجال حقوق الإنسان والارتقاء بها من خلال العمل الميداني على مستوى الجهات. واعتبر بأن هذا العمل سيجعل من هذه التجربة الجهوية مختبرا إضافيا للارتقاء بالجهوية التي اعتمدها المغرب، مشيرا أن اللجنة الجهوية لمجلس حقوق الإنسان بالرباط- القنيطرة تتكون بالإضافة إلى ممثل مؤسسة الوسيط من 30 عضوة وعضو، 25 يمثلون فعاليات مدنية وحقوقية من بينهم قياديون في حركة 20 فبراير، وممثلي الهيئات الخمس عن التمثيلية الجهوية للقضاة والمحامين و الأطباء و العلماء والصحفيين المهنيين.