السياسة مصت دمنا لكن التضحية تستحق ذلك أشار الإعلامي محمود معروف في تقديمه للكاتب الفلسطيني يحيى الخلف، أنه لعب دورا هاما في صيانة الثقافة العربية بصفة عامة من التطبيع مع الكيان الصهيوني، وقد قام بهذا العمل الوطني الجبار في ظل الضغوط على السلطة الفلسطينية، سيما وأن هذا الكاتب كان يشغل رئاسة المجلس الأعلى للثقافة بفلسطين، كما تم تعيينه وزيرا للثقافة. وذكر محمود معروف في هذا اللقاء الذي تم مع الكاتب الفلسطيني يحيى يخلف، بمبادرة من وزارة الثقافة المغربية، في إطار البرنامج الثقافي الموازي للدورة الثامنة عشر للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدارالبيضاء، المقرر اختتامه نهاية الأسبوع الجاري، ذكر أن روايته الموسومة ب»نجران تحت الصفر»، أثارت جدلا كبيرا في حينها، بالنظر إلى أنها طرحت إشكالية تغلغل الأفكار الصهيونية المتخلفة في الذهنية العربية. وللكاتب يخلف، يضيف المتدخل- عدة أعمال روائية أخرى، لا تقل أهمية عن الرواية الآنفة الذكر، من قبيل «تفاح المجانين»، و»نشيد الحياة»، و»جنة ونار». كما أنه كتب للأطفال، من خلال عمله القصصي «ساق القصب». ومما استنتجه أن مجمل الأعمال الإبداعية ليحيى يخلف، تحضر فيها دولة فلسطين بشكل قوي، وهذا ليس مصادفة، إذا تم الأخذ بعين الإعتبار أن بلده يوجد تحت الاحتلال. وتناول الكلمة يحيى يخلف، حيث فضل أن يستهل كلامه بالتذكير بأنه من جيل أواخر الستينات، ولهذه الحقبة الزمنية دلالتها، على اعتبار أن الجيل المرتبط بها لعب دورا بارزا في الحياة الثقافية العربية، وشكل الإرهاصات الأولى لتكون الشخصية الوطنية الفلسطينية. وأشار يحيى يخلف بعد ذلك إلى أن الوعي السياسي لديه، برز وتكون في زمن الثورة الفلسطينية، حيث التحق بصفوف الثورة، وخبر التجربة الميدانية في القتال، وكان لذلك دور هام في فتح المجال أمامه للكتابة عن تجارب معيشية وليس ذهنية، بالرغم من ظروف رواج الكتاب العربي الصعبة، حيث سوء التوزيع ومحدودية القراءة، مشبها الكاتب في مثل هذه الظروف بالعامل في المناجم، الذي يتطلب منه عمله صمودا كبيرا، غير أن ذلك لم يمنعه من الإشارة إلى أن السياسة مصت دمه، وأن التضحية التي قام بها تستحق ذلك. وأوضح سبب ورود مكان بعينه في جل ما كتبه من نصوص إبداعية، والمقصود بذلك، قرية «سمخ»، بكون هذا المكان أو هذه القرية هي مسقط رأسه، التي احتلها الإسرائيليون، سنة 1948، وهي -يضيف يخلف- مثل الخرز الذي يوضع على صدر الطفل الرضيع لجلب الحظ، مذكرا بأن كتابا كثيرين كتبوا عن جمالية هذا المكان الذي يقع على الشاطئ الجنوبي لبحيرة طبرية، والذي يشكل بوابة فلسطين نحو سوريا، وهي بالتالي تعد نموذجا للتراجيديا الفلسطينية. وتحدث يحيى يخلف كذلك عن ما يسمى ب «الربيع العربي»، قائلا إن الثورة في أي بلد عربي هي انتصار للقضية الفلسطينية. وألقى الكاتب المغربي أحمد المديني بهذه المناسبة شهادة في حق صاحب «نجران تحت الصفر»، قال فيها إنه مناضل كبير، ازداد معرض الكتاب تألقا بحضوره، وأنه شخصية متفانية في خدمة الأدب والوطن. وأضاف المديني في شهادته هاته قائلا، إنه سيتم إغماط حق يحيى يخلف، عند أسره في مساره السياسي والنضالي، على اعتبار أن هذا يشكل سلوكه الطبيعي؛ فأي مواطن يعيش تحت الاحتلال لا يمكن أن يكون إلا مناضلا، غير أن يخلف - يضيف المتدخل- لم يبتز هذه النضالية، بل كتب نصوصا في سياق التطور النوعي للرواية العربية، مما يجعله ضروريا في هذا السياق.