إلى متى يستمر هذا الوضع المخيف؟ كلما دار الحديث عن المنتخب الوطني لكرة القدم، إلا ونستحضر مجموعة من المعطيات أهمها تلك الأعراس الجميلة التي عشناها جميعا مواسم 1970-1976-1986-1998، حينما كان منتخبنا يتصدر الزعامة الافريقية بفضل الحضور المتميز للاعبين استماثوا في الدفاع عن القميص الوطني بكل بسالة. كل هذه الذكريات الجميلة تحولت إلى هفوات وكبوات متتالية عصفت بهذا المنتخب الذي كان بمتابة الرمز، فحولته من القوة إلى الضعف ومن الزعامة إلى الدرك الأسفل، وقد ذاق الجمهور المغربي مرارة الفاجعة المتجلية في الإقصاء المدل والمبكر من الدور الأول لكأس الأمم الإفريقية الأخيرة. ففي المشاركات الأخيرة وأعني بها الدورات السابقة، ظلت خيبة الأمل قائمة والإقصاء هو الشعار السائد، ولم يكن ذلك عيبا، لكن العيب أن هذه التجارب لم نستخلص دروسها وعبرها وظل الوضع كما هو عليه مخيفا. وأمام هذا الوضع وما قد يترتب عليه مستقبلا وللإجابة على هذه التساؤلات، لابد من عملية تفكيك لبنية هذا المنتخب والمتشكلة من ثلاثة مكونات أساسية تتداخل فيما بينها ويتعلق الأمر بالمدرب، اللاعبين والجامعة. فبالنسبة للمدرب قد يكون اختياره باقتراح تتقدم به لجنة المنتخبات الوطنية إلى المكتب الجامعي الذي يتخذ القرار النهائي في الاختيار، لكن دعونا نطرح هذا السؤال، من يملك داخل لجنة المنتخبات الوطنية والمكتب الجامعي المؤهلات التقنية لاختيار مدربي المنتخبات الوطنية؟ البعض اتهم هؤلاء بأنهم لايفقهون شيئا في الميدان، متسائيلن حول أهلية هؤلاء الذين يقررون في أمور لا علاقة لهم بها، في الوقت الذي كان الأحرى أن يتم تأسيس إدارة تقنية وطنية تمارس مهامها بكل حرية واستقلالية، بعيدا عن منطق الأوامر والتعليمات، فكل التجارب الأخيرة لم تحمل مواصفات محددة مبنية على شروط معينة وما كويلو، كاسبارجاك، تروسي، روجي لومير إلى نماذج لم تقدم المنتظر منها، بل أدهى من ذلك كرست الوضع المهتري وأنهكت الخزينة العامة بهدر المال العام، في غياب عقود محددة للأهداف والمرامي، وبالمناسبة لابد من أخذ العبرة من دولة صغيرة في أدغال إفريقيا، وهي زامبيا التي أعطت كل الصلاحيات للاعبيها الكبير كالوشا بواليا الذي أقال المدرب الإيطالي على بعد أربعة أشهر من الكان، وتعاقد مع فرنسي وكان يدرك ما يفعل والنتائج تجسد ذلك. وعليه يتضح جليا أن الإدارة التقنية الوطنية تقنية متخصصة منعدمة على مستوى الجامعة، لقد حان الوقت لإسناد الأمور إلى أهلها من ذوي الاختصاص. أما فيما يتعلق باللاعبين، فهناك محترفون لهم تأثير على محيط المنتخب بما فيه المدرب وعلى سبيل المثال اللاعب الحسين خرجة وما صدر عنه خلال الدورات السابقة والحالية من تصرفات تسيء له وللمنتخب كلاعب صال وجال في الملاعب الأوروبية، وتصرفات كتلك التي صدرت عن عميد للفريق من شأنها خلق الفوضى داخل كل مكونات المجموعة، وبالتالي تضعف قوتها وتلاحمها. أما تهميش بعض اللاعبين المحليين كالذي حصل في حراسة المرمى التي تجلى ضعفها بوضوح حين أغفل المسؤول عن المنتخب المناداة على أنس الزنيتي الذي كان جاهزا بعد مباريات عدة في أدغال افريقيا استأسد خلالها أكثر من ذلك أوقف الآلة التونسية خلال 210 دقائق (مبارتان + أشواط إضافية) هذه الآلة التي وصلت إلى مرمانا بأقل جهد، وبالمناسبة لابد من الإشارة أن الحارسة نادر لمياغري العائد من الإصابة لم يسترجع مستواها واستدعائه كان مغامرة، وقد تأكد ذلك خلال الدورة الأولى من إياب دوري المحترفين حين دخلت مرماه إصابتان بمنتهى السهولة من مهاجمي الوداد الفاسي. بيت القصيد هنا يتجلى في استدعاء لاعبين ليست لهم تنافسية ومعظم الأوقات يلجون الملاعب كاحتياطين، وهو عامل ساهم في تدني مستواهم هذا دون إغفال الاستعداد الذي لم يكن في المستوى، وتأكد ذلك من خلال ضعف اللياقة البدنية لدى أغلب اللاعبين. أما فيما يتعلق بالتسيير، فقد يعتقد البعض أننا ننهج أسلوب التشهير والتجريح لا بل العكس فنحن نوجه انتقاد مسؤولا بناء مبني على الموضوعية والغيرة الوطنية، فالمكتب الجامعي أصبح مطالبا بإسناد المسؤولية لكفاءات وطنية شابة وفسح المجال أمامها كي تساهم بشكل فاعل في إعادة المنتخب إلى سكته الصحيحة، وما يحصل الآن مجانب للصواب لأن الجهات المسؤولة تغض الطرف بصفة قطعية عن الأطر المغربية في استشارتها منها ودادية المدربين وغيرها، قبل التعاقد مع أي مدرب سواء كان زيد أو عمر. ففي الوقت الذي تعيش فيه المنتخبات أفريقيا الصغيرة على نهضة كروية جديدة بفضل جديتها وانضباطها في العمل، ونحن نتخلف دورة بعد أخرى، فإلى متى يستمر هذا الوضع المخيف؟