السيد الرئيس؛ السيد رئيس الحكومة ؛ السيدة والسادة الوزراء؛ السيدات والسادة النواب؛ نجتمع اليوم لمناقشة البرنامج الحكومي، الذي تفضل السيد رئيس الحكومة المعين بعرضه على أنظارنا، وهي مناسبة سانحة لتسجيل مواقفنا والإدلاء بملاحظاتنا حول هذا البرنامج وسياقه وما يرتبط به. وبداية لا نملك في، فريق التقدم الديمقراطي، إلا أن نعرب عن بالغ ارتياحنا لتعيين صاحب الجلالة للسيد عبد الإله بنكيران رئيسا للحكومة، باعتباره أمينا عاما للحزب الذي تصدر نتائج الانتخابات التشريعية المتعلقة بمجلس النواب والمنظمة يوم 25 نونبر2011. وهو ما يشكل تنزيلا سليما لمضامين الدستور الجديد، وتفاعلا إيجابيا مع إرادة الناخبات والناخبين، وترجمة صريحة لما أفرزته صناديق الاقتراع. إننا واثقون بأن هذه الخطوة تجسد إرادة واضحة في التوجه للمستقبل، وتدشن لمرحلة جديدة وواعدة، من مسار البناء الديمقراطي. وهو ما يشكل إشارة قوية من شأنها تعزيز مكتسبات بلادنا فيما راكمته من ممارسة ديمقراطية، وما تتطلع إليه من ترسيخ لمبادئ وقواعد الديمقراطية الحقة. وهي مناسبة أيضا، نهنئ من خلالها السيد رئيس الحكومة والسيدة والسادة الوزراء على الثقة الملكية التي حظوا بها متمنين لهم كل التوفيق والنجاح في مهامهم ومسؤولياتهم التي يضطلعون بها في كل ما يصب في مصلحة الوطن والشعب. وقبل الخوض في صلب الموضوع، لابد من الإشارة إلى طبيعة المرحلة التاريخية الدقيقة والمعقدة التي تشكلت في سياقها هذه الحكومة، وما عرفه ويعرفه محيطنا الجهوي من انتفاضات وثورات، وحراك سياسي واجتماعي، برهنت بلادنا على تفردها وتميزها، في تدبيره والتعامل معه، وفق مقاربة استباقية ومنفتحة، مكنت من الإنصات والتفاعل الإيجابي مع المطالب العادلة والمشروعة لمختلف فئات شعبنا، التواقة إلى مغرب الديمقراطية الحقة، مغرب دولة الحق والقانون، مغرب الكرامة والعدالة الاجتماعية. وقد تجلى ذلك في إقرار الجيل الجديد من الإصلاحات الدستورية والسياسية، وفتح آفاق الانتقال إلى تفعيل الجيل الجديد من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، التي تعتبر محط إجماع كل الفاعلين. نعم لقد اختار المغرب منطق الحوار والتجاوب الإيجابي، بدل تغليب منطق العنف والمواجهة الدموية، كما حدث في بعض دول الجوار، والتي عاشت وتعيش انفلاتات أمنية خطيرة، وهدر للأرواح، وانتهاك للحقوق والحريات. وما كان لبلادنا أن تجتاز بسلام هذه المرحلة التاريخية الدقيقة وما عرفته من مطبات، لولا يقظة القوى الوطنية الحية والجادة، ومعها فئات واسعة من جماهير شعبنا، وحرصها الأكيد على توطيد النهج الديمقراطي، وتعزيز بناء الدولة الديمقراطية الحديثة، القوية بالقانون والمؤسسات، وذلك في كنف الاستقرار والوحدة. إنه انتصار لمنطق المقاربة الديمقراطية الحقيقية، على مناورات التحكم والسعي إلى اصطناع الخرائط، والرغبة في تطويع الحياة السياسية، والتي كانت ستؤدي إلى ما لا يحمد عقباه لا قدر الله. واليوم، وبعد التصويت على الدستور الجديد وإقراره بمضامينه المتقدمة، وبعد انتخاب مجلس نواب جديد على إثر انتخابات سابقة لأوانها، ديمقراطية وشفافة، بغية إفراز مؤسسة تشريعية جديدة تقطع مع كل مظاهر الاختلالات والأعطاب التي لازمتها في السابق. ها نحن الآن أمام امتحان جديد، وهو تعيين وتنصيب حكومة جديدة قادرة على رفع التحديات الكبيرة، وكسب الرهانات العديدة التي تنتظر بلادنا في شتى المجالات. إن ما ينبغي استخلاصه من التصويت الإيجابي على مشروع الدستور، والمشاركة المهمة في الانتخابات التشريعية الأخيرة، هو أن الأغلبية الواسعة من الشعب المغربي، عبرت بقوة عن انتصارها للمشروع الديمقراطي الحداثي، وتطلعها إلى تعزيز الحرية، وتحقيق الكرامة والعدالة الاجتماعية. إنها رسالة قوية من جماهير شعبنا، تعبر عن استعادة الثقة في المستقبل. فبعد الدستور الجديد وانتخاب مجلس النواب الجديد، ها هو شعبنا يترقب ويتابع باهتمام بالغ تطورات الساحة السياسية ومستجداتها، ويقيم مدى الاستجابة لمطالبه بإقرار سياسات عمومية وتدابير وإجراءات، من شأنها إعادة الثقة لعموم المواطنات والمواطنين في مؤسساتهم الدستورية، وفي مقدمتها البرلمان بصلاحياته الجديدة والحكومة طبعا، التي نناقش برنامجها اليوم أمام أنظار المغاربة، المغاربة الذين ينتظرون- بنسائهم ورجالهم، بأطفالهم وشيبهم وشبابهم - ما ستقوم به هذه الحكومة الجديدة متشبعين بالأمل وبالتفاؤل والثقة في المستقبل. إننا نستشعر بصفتنا مكونا من مكونات الأغلبية الحكومية، جسامة وعبئ المسؤولية الملقاة على عاتقنا حول كيفية تعاملنا مع البرنامج الحكومي بالشكل والأسلوب الذي يتيح لنا في الوقت نفسه، القيام بوظيفتنا الرقابية الدستورية تجاه الحكومة. وتأكدوا بأننا لن نتأخر أبدا عن تثمين كل الأفكار والإجراءات والالتزامات التي تضمنها البرنامج الحكومي، ولن ندخر جهدا في تشجعيها وتبنيها ومؤازرتها، كما أننا لن نتأخر أبدا عن إثارة انتباه الحكومة إلى نقط الضعف أو مكامن النقص أو الاختلالات والثغرات، إن وجدت، بهدف تجاوزها أو تصحيحها وتقويمها، مع ما يرافق ذلك من الاقتراحات. إنه تعاط موضوعي بعيد كل البعد عن المجاملة أو المساندة الفارغة من أي قوة اقتراحية والمفتقدة لأي روح نقاشية منتجة تساهم في إغناء البرنامج الحكومي. ونعتبر أن المرحلة التاريخية الدقيقة التي تجتازها بلادنا تستلزم، من كل الفاعلين، على اختلاف مواقعهم، التحلي بالروح الوطنية العالية التي تجعل المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار، وبمستوى رفيع من المسؤولية يضمن مواصلة مراكمة الإصلاحات، ويعزز ويطور ما تحقق من مكاسب على درب تعزيز الحقوق والحريات والديمقراطية والتعددية، وذلك في إطار من الاستقرار والاحتكام إلى الآليات والقواعد الديمقراطية، التي تسمح لكل تيارات الفكر والرأي بالتعبير عن تصوراتها بخصوص راهن البلاد ومستقبلها، في إطار تنافس سياسي وفكري مسؤول وجدي هادئ وديمقراطي، تحتضنه بالأساس المؤسسات الدستورية، ووسائل الإعلام، وخاصة منها وسائل الإعلام العمومية، المطالبة بمواصلة المواكبة الجادة لمسار الإصلاح. في هذا السياق، إذن، أتقدم أمام مجلسكم الموقر، باسم فريق التقدم الديمقراطي بمجلس النواب للإعلان عن موقفنا من مشروع البرنامج الحكومي، لشرح وتوضيح أسباب ودوافع تعاملنا الإيجابي معه، وأيضا للتأكيد على الملاحظات التي نسجلها والاقتراحات التي نعرضها. إننا في فريق التقدم الديمقراطي بمجلس النواب، نثمن بكل اعتزاز، المقاربة التشاركية والشفافة التي تم نهجها في إقرار هيكلة الحكومة وتشكيلها وإعداد ميثاق الأغلبية والبرنامج الحكومي. وبعد دراستنا لمضامين هذا البرنامج، سجلنا بارتياح بالغ، ذلك التلاقي المهم بين ما تضمنته البرامج الانتخابية للأحزاب المشكلة لفريق التقدم الديمقراطي من التزامات مع مضامين البرنامج الحكومي، وهو ما يؤكد صواب موقفنا وقرارنا بالمشاركة في هذه الحكومة، قرار اتخذناه بكل استقلالية وبكل حرية، لأننا أحرار حقا وفعلا في اتخاذ قراراتنا ومواقفنا، ثابتون على المبادئ، ومخلصون للوطن، وسنظل أوفياء لتوجهاتنا الديمقراطية التقدمية الحداثية ومدافعين عنها. ونعلن عن مساندتنا للبرنامج الحكومي، لأننا شاركنا إلى جانب حلفائنا في الأغلبية، في صياغة تفاصيله، وحرصنا على تضمينه كل ما نؤمن به من مبادئ وقيم وتوجهات ديمقراطية وتقدمية وحداثية حقيقية، أصبحتم اليوم، السيد رئيس الحكومة، مؤتمنون عل صيانتها وتعزيزها وتطويرها. إننا بذلك نساهم بقوة أكبر وبفعالية أفضل في التنزيل الديمقراطي لمضامين الدستور الجديد، وفي تفعيل الجيل الجديد من الإصلاحات التي طالما ناضلنا من أجل إقرارها في المجالات الدستورية والسياسة والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وفي ضمان ممارسة ديمقراطية سليمة حقيقية ومتقدمة تجنب بلادنا منطق العبث السياسي والرجوع إلى الوراء. واقتنعنا أنه من واجبنا أن نواصل جهودنا للقطع مع نظام التحكم في القرار السياسي، ولصد المناورات الهادفة إلى الهيمنة على المشهد السياسي والحزبي وتطويعه، من خلال اصطناع الخرائط السياسية والتحالفات الحزبية الهجينة، التي لا هم مشترك لها، سوى الرغبة في الاستيلاء على كل مفاتيح الحل والعقد في الساحة السياسية. كما أننا اليوم، لسنا أمام مشهد سياسي جامد، بل في خضم واقع سياسي في تشكل مستمر، وتطور متواصل، تفاعلنا معه في إطار المقاربة الدينامية التي تبنيناها. إن فريق التقدم الديمقراطي يتفاعل إيجابا مع البرنامج الحكومي لأنه يؤسس لتعاقد مبدئي يضع، بما يلزم من وضوح، الأهداف المتوخاة من هذه التجربة، ويحدد المبادئ الأساسية والمؤسسة التي، وكما ورد في البرنامج الحكومي، سيتم العمل على احترامها، بل التقيد بها، والحرص على صيانتها. ومقاربتنا البناءة هذه، هي التي تجعلنا اليوم، نثمن عاليا مضامين البرنامج الحكومي في ظل حرصنا الشديد على أن يتماشى مع الركائز الأساسية لقناعاتنا ولمشروعنا المجتمعي الديمقراطي الحداثي، والقائم على احترام الحقوق والحريات الفردية والجماعية، والمساواة بين الجنسين، والكرامة والعدالة الاجتماعية. إنها كذلك مقاربة تجسد تفاعلا إيجابيا مع إرادة الناخبات والناخبين في التغيير، وفي العيش الكريم وفي محاربة الفساد والرشوة، مقاربة تمكن هذه الإرادة الشعبية من التحقق على أرض الواقع ضدا على كل من يتلاعب بمصالح الشعب المغربي. إن البرنامج الحكومي المعروض علينا يتضمن إشارات قوية تستجيب لانتظارات المواطنات والمواطنين الاجتماعية ولتطلعاتهم الاقتصادية والثقافية من خلال المرتكزات الثلاث على الخصوص التي نثمنها و التي تضمنها البرنامج: - العمل المندمج؛ - المقاربة التشاركية؛ - ربط المسؤولية بالمحاسبة. ومن خلال التدبير التشاركي الذي تم تبنيه لضمان التنزيل الديمقراطي للدستور بشكل يجمع بين الأغلبية والمعارضة ومكونات المجتمع باعتماد توقع زمني موزع على سنوات الولاية التشريعية الحالية في إطار مخطط تشريعي مندمج يتضمن إصدار 16 قانونا تنظيميا و20 قانونا عاديا، ومخطط مؤسسي يروم إرساء مجموع المؤسسات التي نص عليها الدستور. ولعل من بين أكبر الرهانات والتحديات التي تنتظر الحكومة الجديدة هو ورش «القضاء على الفساد»، ولن يتأتى ذلك كما تم الالتزام به إلا ب « طور جديد في نظام الحكامة الجيدة وإرساء سلوك جديد قائم على الشفافية وتحديد المسؤوليات وسيادة القانون وتثمين الموارد البشرية والصرامة في ربط المسؤولية بالمحاسبة». وتبقى أولى الأولويات التي يتعين على الحكومة مجابهتها، مواصلة العمل والنضال الوطني الصادق، في إطار من الوحدة والانسجام والتكامل مع كل مكونات الأمة، هي ضمان النصر النهائي لملف وحدتنا الترابية والوطنية، عبر استرجاع سبتة ومليلية والجزر الجعفرية، وإقرار الاعتراف النهائي للشرعية الدولية بمغربية أقاليمنا الصحراوية العزيزة. وهي مناسبة لنعبر لقواتنا المسلحة الملكية وقائدها الأعلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس أيده الله، عن تحياتنا الصادقة واعتزازنا الكبير بما يتم بذله من تضحيات دفاعا عن استقلال الوطن ووحدة ترابه. السيد الرئيس؛ بعد هذا المدخل العام، اسمحوا لي، أن أستعرض أمام مجلسنا الموقر في ثلاثة محاور رئيسية، قراءة فريقنا للبرنامج الحكومي، والمواقف الأساسية التي نعتبر من الضروري التركيز عليها، وذلك وفق ما يلي: أولا: تعزيز الهوية الحضارية المغربية الأصيلة، الغنية بتعدد روافدها، والمنفتحة على قيم الحداثة والتقدم، والمستلهمة للمرجعية الكونية للحريات والمساواة وحقوق الإنسان: وفي صلب هذا المحور السيد الرئيس، توجد قضية المساواة بين الجنسين، وتعزيز ما تحقق من مكتسبات للنهوض بحقوق النساء، وتمكين النساء من ممارسة كاملة لكافة حقوقهن السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفق مقاربة متجددة للتمييز الإيجابي، تمكن من تدارك التأخير التاريخي، والوصول إلى تحقيق المناصفة التي ينص عليها الدستور. وأود بهذا الصدد، أن أعبر باسم فريق التقدم الديمقراطي وأحزابه الثلاثة، عن أسفنا البالغ عن التمثيلية غير العادلة للنساء في التشكيلة الحكومية، ونعتبر، أنه كان يجب تخصيص تمثيلية منصفة للنساء في الحكومة، وندعوكم بقوة السيد رئيس الحكومة، إلى العمل على تدارك هذا الاختلال في أقرب الأوقات، وفق كل ما هو متاح لكم من إمكانيات، بما يعزز المكتسبات الديمقراطية والسياسية التي تحققت لفائدة المغربيات في سياق المجهودات المتواصلة لتجسيد مضامين المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي الذي تشهده بلادنا. وإذ نؤكد على مسألة المساواة بين الجنسين، وحظر ومكافحة كل أشكال التمييز كمرتكزات عرضانية لمضامين الدستور، فإن تنزيلها يهم وبشكل عرضاني كل محاور البرنامج الحكومي، وذلك بالخصوص عبر إدماج مقاربة النوع. ونعتبر أن المقاربة الحقوقية، والمساواة بين الجنسين والحقوق الأساسية للنساء، ينبغي إدراجها كمبادئ مهيكلة للبرنامج الحكومي، وأن تتم مقاربتها ضمن التوجه الثاني الوارد في برنامج الحكومة، والمتعلق بدولة القانون والحقوق والحريات. وفي هذا الباب، نود التأكيد على أن بلادنا قطعت أشواطا مهمة من خلال الاستراتيجيات المتعلقة بالمساواة ومناهضة التمييز والعنف المبني على النوع، وهي استراتيجيات بذلت من أجلها الكثير من الجهود الفكرية والمادية، يتعين تطويرها، ونخص بالذكر هنا ما يتعلق بالتزامات الأجندة الحكومية للمساواة 2011-2015، كخطة تعتمد الالتقائية بين الخطط والبرامج القطاعية في مجال النهوض بالمساواة. ونثمن في الوقت ذاته ما تم التنصيص عليه من الاستراتيجيات والبرامج القطاعية خلال الولاية الحكومية السابقة، وندعو إلى أن يتم الارتكاز عليها لتحقيق التقدم المنشود. كما نثمن عاليا أيضا ما تضمنه البرنامج الحكومي من إجراءات وتدابير من شأنها تعزيز المساواة بين الجنسين وإطلاق ورش تجسيد مبدأ المناصفة، عبر التنزيل الفعلي لمقتضيات الدستور المتعلقة بالمساواة بين الرجال والنساء في الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية من قبيل: - إحداث المؤسسات الدستورية ذات الصلة بحقوق النساء وأساسا الهيئة الوطنية للمناصفة ومناهضة كافة أشكال التمييز في أقرب الآجال. - إقرار نظام للتمييز الإيجابي لفائدة النساء في التعيينات والتكليفات بما لا يقل عن الثلث في أفق المناصفة، وتحفيز النساء على المشاركة في مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية. - تقوية السياسات العمومية الخاصة بمحاربة كل أشكال العنف ضد النساء ووضع الآليات والتدابير القانونية والمالية الخاصة بذلك. - التعزيز المؤسساتي والجغرافي لمراكز الاستماع والمساعدة القانونية والنفسية للنساء ضحايا العنف. - تأهيل النساء وتمكينهن سياسيا واقتصاديا، وتعزيز مشاركتهن في الحياة العامة والتحفيز على تواجدهن بمراكز القرار. - وضع الآليات والتدابير القانونية الكفيلة بمحاربة كل أشكال التمييز ضد النساء، العمل على النهوض بحقوق النساء وحمايتهن، وتتبع أعمال السياسات العمومية في المجال. تأهيل النساء والحد من هشاشة أوضاعهن بالتصدي للعوامل المساهمة في ذلك: الأمية والفقر والتمييز والعنف. - دعم الجمعيات التي تتكفل بالنساء في وضعية صعبة. - النهوض بثقافة المساواة واحترام الحقوق والحريات وكرامة النساء. وينبغي تنزيل الدستور على مستوى اللغة أيضا بالتوجه من خلال البرنامج للمذكر والمؤنث في نفس الوقت. إننا السيد رئيس الحكومة، نعتبر أن قوة مشروعنا المجتمعي، تستمد أساسا من قوة وصلابة الهوية المغربية. فيما يخص الهوية، لابد من التأكيد أولا، على أن الهوية المغربية المميزة والمتعددة المكونات والروافد، في ظل تشبث الشعب المغربي بقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح، والحوار والتفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الإنسانية جمعاء. إن هذه القيم والمبادئ نتقاسمها مع مكونات المنظومة الدولية، من خلال المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي أكدنا جميعا، من خلال الدستور على تشبثنا بها كما هو متعارف عليها دوليا، وتعهدنا بملاءمة قوانيننا لمضامينها بما يضمن حماية الحقوق الإنسانية، ونطلب منكم السيد رئيس الحكومة، بأن تكونوا حريصين عليها، بصفتكم مؤتمنين على صيانتها، مجتهدين لتطويرها وتعزيزها، جادين في مسعاكم الهادف إلى ترسيخ دولة الحق والقانون، وضمان الحقوق والحريات الفردية والجماعية، الذي يمر حتما عبر التنزيل الفعلي لنص ومنطوق الدستور، وقد التزمت بلادنا، وهو التزامنا جميعا، من خلال مقتضيات الدستور «بحماية منظومتي حقوق الإنسان والقانون الدولي والنهوض بهما، والإسهام في تطويرهما مع مراعاة الطابع الكوني لتلك الحقوق وعدم قابليتها للتجزيء» وقد سجل فريقنا بارتياح، الإحالة في البرنامج الحكومي على مضامين الخطة الوطنية للديمقراطية وحقوق الإنسان في هذا الباب. وإلى من برهن عبر تاريخه الحديث بكل المعاني، عن حيرة هيكلية في التموقع السياسي، وعن فقدان شبه تام لأي استقلالية في القرار، وعن التبجح بشكل متأخر ومبتذل وبئيس بالحداثة وحقوق الإنسان والانفتاح والمرجعية الديمقراطية، وهي كلها مبادئ رفيعة، هي منهم براء، إلى هؤلاء الذين يتساءلون عن موقع «الرفاق التقدميين» نقول بأن المساعي الدؤوبة التي بذلناها لنجعلكم اليوم، من الناطقين بلغة الحداثة والانفتاح والديمقراطية، هي نفسها التي ستشكل منطلقاتنا في التجربة الحكومية الحالية، وهي المنطلقات والمبادئ ذاتها التي كدتم أن تعصفوا بها من خلال تخندقكم الطائش والاضطراري في خندق أنصار التحكم والتلاعب بالتطلع القوي للشعب المغربي نحو الديمقراطية الحقة والعيش الكريم. ومن القضايا الأساس في موضوع الهوية الوطنية، لابد من التأكيد، على أن الأمازيغية تشكل أحد أهم مكونات وروافد هويتنا الوطنية. لقد ناضلنا جميعا على مدى نصف قرن، من أجل انتزاع الاعتراف بالهوية الأمازيغية في الدستور المغربي، قصد اتخاذ كل التدابير والإجراءات حتى لا يتم التعامل مع الأمازيغية كمجرد لغة، بينما هي هُوية عريقة ضاربة بجذورها في أعماق تاريخ المغرب لآلاف السنين، الأمازيغية لغة حقا، لكنها ثقافة حيّة أيضا. وبهذا الصدد، ندعوكم السيد رئيس الحكومة، إلى الانكباب على هذا الملف في أقرب الأوقات، بما يمكن من تجاوز أجواء الحيرة، وما يتم التعبير عنه من تخوفات من قبل أوساط مجتمعية مختلفة، مناضلة ومهتمة بالمسألة الأمازيغية، ونتقدم إليكم في هذا الباب بالمقترحات التالية: أولا: التعجيل بإصدار القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، وكذا صيغ إدماجها في المجالات ذات الأولوية في الحياة العامة، وتقوية الشراكة مع النسيج الجمعوي الأمازيغي ضمانا للتطبيق السليم للمقتضيات الدستورية. ثانيا: الحفاظ على المكاسب المؤسساتية المتحققة للأمازيغية خلال العشر سنوات الأخيرة، وترسيخها في التعليم والإعلام والمجالات السوسيوثقافية. ثالثا: تحسين موقع اللغة الأمازيغية في المشهد الإعلامي الوطني، وتقوية إمكانيات قناة «تمازيغت»، رابعا: تقوية تعليم اللغة الأمازيغية في المؤسسات التعليمية في أفق تعميمها، خامسا: التعميم التدريجي لاستعمال اللغة الأمازيغية في الفضاءات والخدمات العمومية، ووضع حد للخروقات التي تطال مظاهر الهوية الأمازيغية في الحياة العامة. كما أن الانفتاح على الحضارات الإنسانية يتطلب إطلاق سياسة لغوية مندمجة واعتماد سياسات ثقافية وإعلامية وفنية من شأنها تعزيز الهوية المغربية وقائمة على المواطنة والحرية والمسؤولية والإبداع . ثانيا: الحكامة الرشيدة ومحاربة الفساد واقتصاد الريع وتخليق الحياة العامة: وسيتمثل المحور الثاني ضمن هذا التدخل في الحكامة الرشيدة ومحاربة الفساد واقتصاد الريع وتخليق الحياة العامة، حيث سجل فريقنا، فريق التقدم الديمقراطي، في هذا الجزء من البرنامج الحكومي ما تضمنه من إجراءات واضحة والتزامات دقيقة نثمنها، لأنها، وهذه قناعتنا، تجسد جوهر انشغالاتنا وأولوياتنا في هذه المجالات التي عرضناها في برامجنا الانتخابية: سواء ما تعلق بمنهجية وكيفية التنزيل التشاركي والديمقراطي لمقتضيات الدستور، أو ورش إرساء دعائم الجهوية المتقدمة وتعميق مسلسل اللامركزية واعتماد مشروع طموح للاتمركز الإداري، مع إيلاء أهمية خاصة لأقاليمنا الجنوبية انسجاما مع مقترح الحكم الذاتي الذي تقدمت به بلادنا، ووضع وتنزيل المشاريع المتعلقة بالمقاربة المجالية في إطار سياسة مجالية شمولية، وتحديد أولويات إعداد التراب الوطني في سياق نظرة شمولية للتنمية والتهيئة المجاليتين قائمة على العدالة والإنصاف. ولاشك بالفعل من أن محاربة الفساد والقضاء على كل مظاهره يعتبر من أولى الأولويات، وأنه يجب أن يشكل محور البرنامج الحكومي، ومرتكزا أساسيا في منهج عمل الحكومة، من خلال تقوية وتفعيل مؤسسات الرقابة، وتطوير وتحديث نظام الحسبة، واتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمواجهة الرشوة، وفق تصور وإستراتيجية شمولية منسق بشأنها تغطي كل القطاعات ومناحي الحياة العامة. وهو ما يتطلب العمل في أفق نهاية الولاية التشريعية على اتخاذ تدابير ملموسة للقضاء على حالات الاحتكار والامتيازات غير المشروعة في أفق حذف كل أنواع الامتيازات وكل أشكال اقتصاد الريع وكل دخل لا يتحقق بفضل مجهود أو استثمار، والعمل على تعميم وانتظامية التفتيشات والافتحاصات المستقلة على كافة المؤسسات العمومية والصفقات الكبرى وعقود التدبير المفوض، مع الحرص على نشر نتائجها والعمل على الرفع من مهنية التفتيش وإحكام التنسيق بين مختلف الأجهزة المختصة، وكذا توسيع صلاحيات المجلس الأعلى للحسابات، لتشمل تقييم البرامج العمومية وضمان سرعة المساطر القضائية في حالات التبديد أو الرشوة، مع جعل السلطة القضائية الضامن للمساواة أمام القانون. وهو ما يتطلب كذلك تفعيل ورش الإصلاح الإداري بضمان شروط إعادة الثقة بين الإدارة والمواطن، والحكامة الجيدة في التدبير العمومي، وتعبئة المواطنات والمواطنين، والمرتفقات والمرتفقين حول أهداف اللاتمركز، والنهوض بأوضاع الموارد البشرية والرفع من جودة الخدمات، والتصدي لكل أشكال البيروقراطية بتبسيط المساطر الإدارية الأكثر استعمالا، والتجسيد الفعلي لمبدأ المساواة بين المواطنات والمواطنين في الولوج للوظائف العامة عبر مساطر شفافة ومعلنة. ثالثا : تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة ومندمجة، يكون الإنسان صلبها وتقوم على العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة والخيرات الوطنية: السيد رئيس الحكومة المحترم، إن ما أنجزته بلادنا من إصلاحات دستورية وسياسية متقدمة، تجاوبا مع الإرادة القوية لشعبنا في تعزيز الدولة الديمقراطية الحديثة القائمة على المؤسسات والقانون، هي مدخل لا محيد عنه لتسريع وثيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما يحفظ الكرامة، وبما يحقق العدالة الاجتماعية ويمكن كل المواطنات والمواطنين من الاستفادة من ثمرات النمو وتعزيز التماسك الاجتماعي ومحاربة الفقر والهشاشة. لم يضع الدستور الجديد، جيلا جديدا من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فحسب، بل أقر نموذجا جديدا للتنمية، قوامه وضع الإنسان في صلب السياسات العمومية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، بما يضمن تحقيق العيش الكريم الذي يمكن كل المواطنات والمواطنين من شغل وسكن يحفظ الكرامة، والولوج للخدمات الاجتماعية الأساسية، خاصة في مجالي التعليم والصحة، والتمتع عل قدم المساواة، بما تزخر به بلادنا من خيرات وإمكانات. السيد رئيس الحكومة المحترم، إننا مدرسة سياسية وفكرية بهوية إيديولوجية وفكرية متميزة، منبثقة من نضالات جماهير شعبنا المستضعفة، ظلت عبر التاريخ متشبثة بالمطالب والقضايا العادلة للشغيلة والكادحين والفلاحين الفقراء. نعم نحن الرفاق التقدميون، ولدنا من رحم الشعب وكفاحه، ولم نصنع تصنيعا.. لذلك، السيد رئيس الحكومة، ندعوكم، وفقا لما تم الاتفاق عليه بيننا في إطار الأغلبية الحكومية، أن تولوا بالغ العناية للسبل الكفيلة بتنزيل متقدم لمضامين الدستور ذات الصلة بالجيل الجديد من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وخاصة حقوق الطبقة العاملة في مختلف المجالات، وخاصة الاتفاقيات الجماعية والحرية النقابية، والحق في الإضراب وتوفير شروط السلامة في العمل والوقاية من الأمراض المهنية، وتطوير أنظمة المعاشات والتقاعد والتغطية الصحية والوقاية الاجتماعية، وإدماج فئات عديدة من الفقراء في منظومة الإنتاج المهيكل، بما يجعل شعار الكرامة الآن، واقعا ملموسا، ومعيشا يوميا لفئات شعبنا المحرومة. وفي الصدد ذاته، ندعوكم السيد رئيس الحكومة، إلى النهوض بأوضاع الشباب، عبر إستراتيجية وطنية شمولية مندمجة وفق مقاربة تشاركية مع كل الفاعلين، ولابد من إحداث بنيات التأطير والتوجيه، والرفع من عدد الفضاءات والتجهيزات الثقافية والرياضية المخصصة للشباب وتأهيلها، مع ضرورة دعم الجمعيات العاملة في القطاع، والتفكير في برامج وعمليات وطنية لتشجيع مساهمة الشباب في الحياة السياسية وانخراطه في العمل الجمعوي والتطوعي، مع تعزيز مكانة المجتمع المدني وتوفير شروط إقلاع رياضي حقيقي. وفي الاتجاه ذاته، ندعوكم للنهوض بحقوق الطفولة وحمايتها، وذلك بالخصوص، عبر إصدار مدونة الطفل، وتكييف الترسانة التشريعية المتعلقة بالطفولة وملاءمتها مع المستجدات ذات الصلة، وخلق الآليات المؤسساتية الكفيلة بضمان حقوق الأطفال وحمايتهم. هذه، السيد رئيس الحكومة المحترم، أهم القضايا التي اعتبرنا من المفيد التركيز عليها، علما أننا نثمن مجمل المضامين القوية والمتقدمة التي جئتم بها في تصريحكم التقديمي لبرنامج الحكومة، والذي يعكس إلى حد بعيد رؤيتنا وتصورنا وترتيبنا للأولويات كما حددناها في برامجنا الانتخابية. وعلى هذا الأساس، نعلن دعمنا للبرنامج الحكومي ومساندتنا للحكومة، وحرصنا على أن نظل متتبعين ومراقبين لأداء القطاعات الحكومية المختلفة، مقدمين كل الاقتراحات والمبادرات الكفيلة بتجويد السياسات العمومية في مختلف المجالات، ومتصدين لكل الانحرافات أو الاختلالات التي قد تظهر أثناء الممارسة. هذا هو منطلقنا للانخراط في هذه التجربة الحكومية التي يعلق عليها المغاربة آمالا عريضة، في ظرفية تاريخية دقيقة، تستلزم منا جميعا مواصلة التعبئة، والإنصات المستمر لتطلعات شعبنا في الديمقراطية والعيش الكريم. إنكم السيد رئيس الحكومة، مؤتمنون على صيانة هذا التوجه، ومن جانبنا، لن ندخر جهدا، لتعزيز مسار بلدنا نحو بناء الدولة الديمقراطية الحديثة. وفقنا الله جميعا لما فيه خير بلدنا وشعبنا. والسلام عليكم ورحمة الله.