يحمل 25 يناير الكثير من الخبرات والذكريات الأليمة في أذهان المصريين، بالإضافة إلى أنه اليوم الذي شهد ثورتهم التي أطاحت بنظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك، وقضت على أحلام نجله جمال في التوريث، وقطعت دابر الكثير من الفاسدين. ومع احتفالهم بالذكرى الأولى للثورة تتجدد آلامهم ومخاوفهم من اندلاع أعمال عنف واسعة، لا سيما في ظل انطلاق العديد من التحذيرات من المجلس العسكري ووزارة الداخلية وناشطين من وجود مخططات تستهدف تدمير البلاد وحرق منشآت حيوية، مثل وزارات ومقر البرلمان وشركات الكهرباء، بالإضافة إلى الوقيعة بين الشعب وقوات الجيش. كل هذه التحذيرات والذكريات ساهمت في سيطرة مشاعر الخوف والرعب على المصريين، وبات الحديث عما سيحدث في ذلك اليوم هو الشغل الشاغل لهم. خوف في ماسبيرو تبدو المخاوف واضحة أكثر بمجرد المرور من أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون، فقد أحيط بأسلاك شائكة من كافة الاتجاهات، وزادت أعداد القوات المكلفة بحمايته سواء من الشرطة المدنية أو من قوات الحرس الجمهوري. وصدرت تعليمات بأن يقتصر الحضور يوم 25 يناير على الإعلاميين والعمال الضروريين جداً، وأن يحصل الباقون على إجازاتهم الطبيعية في ذلك اليوم، لا سيما أن المجلس العسكري أقره إجازة رسمية. أمام المبنى الضخم يمر الآلاف من المصريين رواحاً وغدواً، خاصة أنه يقع في شارع كورنيش النيل الذي يعتبر أهم شارع في القاهرة. وقال محمود ويعمل كرجل أمن في حراسة المبنى بينما كان يستعد للدخول لاستلام دوامه: «أشعر بالقلق حيال 25 يناير، هناك مخططات للإيقاع بمصر، وإفشال الثورة، نحن هنا نخشى من مخططات لإحراق هذا المبنى». وأضاف محمود ل»إيلاف» رافضاً ذكر باقي اسمه خشية تعرضه للمساءلة القانونية من قبل رؤسائه: «واجهنا أياماً صعبة في 25 يناير الماضي، وحدثت محاولات لاقتحام المبنى كثيراً منها يوم جمعة الغضب 28 يناير الماضي، وأثناء موقعة الجمل في 2 فبراير، وأثناء أحداث ماسبيرو يوم 9 أكتوبر الماضي، وأثناء اعتصام الأقباط بعد حادث كنيسة أطفيح في شهر مارس الماضي». عل المستوى الشخصي يشعر محمود بالقلق على منزله وأطفاله، حيث يقيم في حي شبرا الخيمة، ويقول: «هناك حماية على مبنى التلفزيون، لكن الأزمة في أنني قد أكون في عملي يوم 25 يناير، وأخشى من اندلاع أعمال عنف وشغب وخروج المساجين والمجرمين من السجون مرة أخرى، ويهاجمون المنازل كما حدث أثناء الثورة، أنا مرعوب من هذا اليوم، ربنا يستر ويفوت على خير». مخاوف من استهداف البنوك وقعت أعمال عنف واسعة في الأيام التالية ل25 يناير أثناء الثورة، وكان للبنوك والمصارف نصيب منها، وتسيطر حالة من القلق عليها، خشية تعرض ماكينات الصرف الآلي لهجمات أو تعرض مقرات البنوك للاقتحام، ولذلك زادت وزارة الداخلية والقوات المسلحة من التأمين على تلك المؤسسات، لكن الخبير المصرفي وليد العشري، قال إن البنوك قررت عدم ضخ أية أموال في ماكينات الصرف الآلي الموجودة بالشوارع، والاقتصار على ضخ الأموال في الماكينات الموجودة داخل مقراتها فقط، والتي تخضع لتأمين جيد، وأضاف ل»إيلاف» إن البنوك سوف تحصل على إجازة في ذلك اليوم، مشيراً إلى أنها أخبرت العاملين بها بضرورة ترقب الموقف، وفي حالة حدوث أعمال عنف عليهم أن يلزموا منازلهم. ولفت إلى أنه لوحظ أيضاً أن الكثير من الشركات والمؤسسات قررت منح العاملين بها رواتبهم مبكراً، فيما حصل بعضها على مرتبات العاملين لديها، ووضعها في خزائن خاصة لمنحها إليهم في أول الشهر، وذلك تحسباً لوقوع أعمال عنف وإغلاق البنوك أبوابها كما حدث بعد جمعة الغضب 28 يناير الماضي، حيث أغلقت البنوك لمدة تراوحت بين عشرة أيام وأسبوعين، مما تسبب في أزمة مالية طاحنة. تخزين المواد الغذائية القلق من 25 يناير حمل الكثير من المصريين على تخزين المواد الغذائية، خشية ارتفاع الأسعار وشح السلع، وفي سوق الجيزة للمواد الغذائية والخضروات، بدا واضحاً أن الإقبال على الشراء طوال الأسبوع السابق على ذكرى الثورة متزايد، وقال بائع في محل صغير للبقوليات إن الإقبال زاد على الشراء والكميات أيضاً، وأضاف ل»إيلاف» إنه في الأيام العادية كان يبيع نحو 150 كيلو أرز يومياً، أما في الظروف الراهنة صار يبيع نحو 500 كيلو، مشيراً إلى أن الإقبال على المواد القابلة للتخزين زاد، ومنها المعكرونات، والفاصوليا واللوبيا والفول والعدس والشعيرية والملوخية المجففة، والبطاطس والبصل والثوم، والخبز الفلاحي القابل للتخزين في الظروف العادية. حالة قلق عامة ساهمت أحداث مجلس الوزراء التي وقعت في 18 ديسمبر الماضي في شيوع حالة الخوف، لا سيما بعد تعرض المجمع العلمي للإحتراق وتدمير محتوياته النادرة، ويستوي في ذلك البسطاء مع المثقفين والنخبة، وقالت الصحافية أمينة سعيد ل»إيلاف» إنها «مرعوبة» من 25 يناير، مشيرةً إلى أنها قررت عدم الخروج من المنزل في ذلك اليوم بناءا على نصيحة والدتها. وأضافت إن جميع جيرانها في ضاحية مدينة نصر الراقية ينتابهم هذا الشعور، ولفتت إلى أنهم بالفعل خزنوا مواداً غذائية، وساهم في ذلك العروض الكبيرة التي قدمتها محلات السوبر ماركت الشهيرة مثل كارفور وهايبر. مخاوف المجلس العسكري المجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد ينتابه القلق أيضاً، وظهر ذلك في رسالته رقم 92، وقال أنه توافرت لديه معلومات تؤكد وجود مخطط لإفشال الثورة وإسقاط الدولة من خلال تصعيد الإعتصامات والاحتجاجات واستهداف المرافق الحيوية. وإبقاء الوضع على ما هو عليه أطول فترة في ميدان التحرير، وتصعيد الأحداث بهدف توريط المجلس الأعلى للقوات المسلحة باستثمار تدخله. ودعا المصريين وشباب الثورة الشرفاء إلى الحيطة والحذر، مشيراً إلى أن قوات الشرطة والجيش لن تتواجد في أماكن المظاهرات منعاً للاحتكاك مع المتظاهرين.