مئات آلاف النساء عبر العالم أضحين مهددات بالمعاناة من الالتهابات الجلدية والسرطان المنتوج تم تسويقه في هولندا تحت علامة تجارية مختلفة عن علامة «بيب» تستمر تفاعلات فضيحة السيليكون الفرنسية التي أضحت لها أبعاد دولية مع تزايد أعداد النساء اللواتي يتقدمن إلى المصالح الصحية في عدة دول من أجل التصريح بوقوعهن ضحية عملية زراعة السيليكون المنتج من قبل شركة «بيب» (بولي امبلانت بروتيس) الفرنسية. وتقدر أعداد النساء اللواتي يحتمل أن يعانين من مضاعفات زراعة هذه المادة بمئات الآلاف عبر العالم. وتنذر هذه الأزمة بمزيد من التفاقم بعد أن أعلنت المصالح الصحية الفرنسية يوم الجمعة الماضي عن اكتشافها لعشرين (20) حالة إصابة بالسرطان لدى النساء قد تكون لها علاقة بهذا المنتج الطبي المثير للجدل. وقالت وكالة سلامة المنتجات الصحية الفرنسية أنه حتى يوم الثلاثاء ما قبل الماضي «كانت هناك ثلاث حالات مصابة بسرطان الليمفوما و15 حالة لسرطان الغدد الثديية أكثر حالات سرطان الثدي شيوعا وإحدى حالات سرطان الغدد في الرئة وحالة سرطان نخاغي حاد في الدم». لكن الوكالة أكدت مرة أخرى أنه «لم يتم إثبات صلة تستوجب المساءلة حتى الآن بين هذه الحالات وزرع منتجات شركة «بيب»، وإن كانت ما تزال تؤكد في نفس الوقت على أهمية العمل بالنصيحة التي سبق أن وجهتها وزارة الصحة الفرنسية ل 30 ألف سيدة بإزالة منتجات الشركة التي تم زراعتها في الثدي من أجل تجنب خطر الإصابة بالسرطان على الرغم من عدم وجود دليل قاطع بصلتها بالمرض. وقد خرجت الأزمة عن نطاق الحدود الفرنسية لتصبح قضية دولية، وذلك بعد أن انتقلت إلى 65 دولة عبر العالم، أغلبها في أمريكا الجنوبية، كانت تستورد المنتوج من شركة «بيب» التي كانت إلى عهد قريب تعتبر ثالث منتج في العالم وأول مصدر للسيلكون الموجه لزراعات الثدي. وأخذت القضية بعدا سياسيا في بريطانيا بعد أن أعلنت عشرات النساء هناك عن رغبتهن الملحة في مناقشة مشكل السيليكون المغشوش مع رئيس الوزراء، بشأن ما قد يصبح «فضيحة وطنية». وعبرت سوزان كراناي، رئيسة جمعية مؤازرة نساء خضعن لعمليات الزرع، عن قلقها بشأن عدم اهتمام وزارة الصحة البريطانية بالقضية بقدر كاف، حيث يقول المسؤولون البريطانيون إنه ليس هناك ما يثبت العلاقة بين المادة المزروعة والإصابة بداء السرطان. ويضيف وزير الصحة البريطاني أندرو لاسلي قائلا» ولنتذكر أن إزالتها تتطلب عملية جراحية وعملية تخديرية وهو ما يمثل في حد ذاته خطورة». وكان مسؤولون فرنسيون أشاروا إلى أن المخاطر المتعلقة بعمليات زرع سيليكون رديئة الجودة هو حدوث تمزقات في المادة الهلامية، وتأثيرها القوي المهيج لأنسجة الجسم، والذي يمكن أن يؤدي إلى الالتهاب، ما يجعل إزالتها أيضا أمرا صعبا. لكن كراناي علقت على تصريح وزير الصحة بالتأكيد على ضرورة أن تتحمل السلطات البريطانية مسؤولياتها كما فعلت نظيرتها الفرنسية التي حثت النساء على إجراء عمليات نزع السيليكون المغشوش، على حساب الدولة، كإجراء وقائي. وشددت كراناي على أنه «لا وجود لقاعدتين مختلفتين، ليست هناك قاعدة خاصة بالفرنسيين وأخرى خاصة بغيرهم، جميعنا في سفينة واحدة، وجميعنا لدينا المادة المزروعة ذاتها». وفي هولندا، برز تطور جديد في القضية بعد أن قالت ديان بوهويس المتحدثة باسم هيئة الصحة الهولندية إن شركة هولندية اشترت الأنسجة من الشركة الفرنسية «بيب» إبان إعلان هذه الأخيرة لإفلاسها وإغلاقها من قبل السلطات الفرنسية. وقد قامت الشركة الهولندية -التي يوجد مسؤولوها حاليا رهن التحقيق- ببيع الأنسجة في هولندا بعلامة تجارية جديدة وهى «أنسجة-إم». وأضافت بوهويس «نقدر أن حوالي ألف امرأة في هولندا حصلن على هذه الأنسجة وقد نصحناهن باستشارة الطبيب»، رافضة الإفصاح عن اسم الشركة الهولندية. وفي إيطاليا، دعا وزير الصحة ريناتو بالدوزو، يوم الخميس الماضي، المستشفيات والعيادات الطبية إلى إعداد قائمة بالنساء اللواتي استخدمن أنسجة الثدي المصنعة من قبل «بيب». وأكد أنه يتعين على العيادات التي لم تستخدم أي أنسجة من الشركة الفرنسية أن ترسل بيانا يفيد بأنها لم تقم ذلك، مضيفا أنه أمر الشرطة بالتحقيق في كيفية حصول العيادات الطبية على أنسجة «بيب». وفي الوقت الذي سبق الإعلان فيه على أن مؤسس وصاحب شركة «بيب» جان كلود ماس، (72 عاما)، ملاحق من قبل الأنتربول بسبب حشوات السيليكون المغشوشة، تأكد لاحقا أنه قابع في بيته في منطقة الفار الفرنسية وأنه يخضع للعلاج بعد قيامه بعملية جراحية على ساقه. وأن مذكرة البحث الصادرة بحقه ترجع إلى سنوات عدة عندما تمت ملاحقته من قبل الشرطة في كوستاريكا بتهمة السياقة وهو في حالة سكر واضح، ومن ثمة جاء الخلط مع المذكرة المزعومة للأنتربول بتهمة تشكيل «خطر على الحياة». وأوضحت محامية ماس، إيف حداد، أن قضية السيلكون ليست وليدة اليوم بل بدأت مع مطلع سنة 2010 عندما فتحت النيابة العامة تحقيقا في حالات الغش في حشوات السيليكون. وأن ماس، الذي وصفته المحامية بأنه رجل مسن ومنهك، «ترفع» منذ ذلك الحين عن الإدلاء بأي تصريحات في انتظار صدور الحكم في هذا الملف الذي يفتقد مفجروه إلى «النزاهة والتكتم» حسب قولها. وأضافت أن موكلها يعترف بأنه عمد إلى خلط مادة السيليكون الطبية بمواد أخرى موجهة لأغراض صناعية (الصناعات الغذائية تحديدا)، بهدف خفض تكاليف الإنتاج وأسعار البيع، وأنه كان على وعي تام بأن ذلك يخالف الضوابط القانونية، لكنه متأكد أيضا أن المادة التي أدخلها لا تنطوي على أي مخاطر صحية وأن لا علاقة لها بظهور حالات السرطان. من جهته، دافع جراح التجميل باتريك بريشو الذي سبق أن زرع أنسجة «بولي أمبلنت بروتيس» لأكثر من 600 امرأة في الفترة بين عامي 2001 و2009 عن الأنسجة قائلا إن معدلات تمزقها ليست أعلى من معدلات منتجات الشركات الأخرى. وقال بريشو لرويترز إن شركة «بيب» كانت في طليعة تكنولوجيا زرع الثدي في العالم خلال عشرين عاما الماضية. وأشار إلى أن الذعر الحالي من زرع الثدي «نفسي أكثر منه علمي»، مضيفا أنه لا يوجد ارتباط حاسم بين أنسجة «بيب» والسرطان. وتابع قائلا «يصيب سرطان الثدي امرأة بين كل عشرة أو حتى امرأة بين كل ثمانية لذا إذا أجرت 30 ألف امرأة زراعة لأنسجة «بيب» فسيكون لدينا إحصائيا 3000 امرأة مصابة بالسرطان». وفي المغرب، وبعد أن سارعت وزارة الصحة مباشرة بعد تفجر الفضيحة إلى الإعلان على أن منتجات شركة «بولي أمبلنت بروتيس» لا تدخل إلى التراب الوطني وبالتالي لا تستخدم في الزراعات التجميلية عندنا، عادت لتستدرك بالتأكيد ضمن بلاغ أصدرته يوم الثلاثاء الماضي، على أن العلامة التجارية لشركة «بيب» ليست ضمن اللوازم الطبية لتجميل الثدي التي حصلت على رخصة التسجيل بالمغرب. وهو ما يتح الباب مواربا أمام بعض الاحتمالات الأخرى كإمكانية إدخال هذا المنتج تحت غطاء علامة تجارية أو شركة أخرى كما حدث في هولندا. وذلك على الرغم من تشديد البلاغ، الذي صدر عقب اجتماع ضم رئيس الهيئة الوطنية للأطباء ورئيس وأعضاء الجمعية المغربية لجراحة التقويم والتجميل والمدراء المركزيين بوزارة الصحة ومسؤولين بالمركز المغربي لليقظة الدوائية، على أن المغرب لم يكن يوما مستوردا لهذا الصنف من اللوازم، وأن الجمعية تؤكد «عدم استعمال أعضائها لهذا النوع من اللوازم الطبية». فيما دعا البلاغ النساء المغربيات اللواتي خضعن لعمليات تقويم أو تجميل بالخارج، وزرع هذه مادة السيليكون إلى استشارة اختصاصي التجميل بهدف ضمان تتبع طبي يناسب حالتهن الصحية. وأوضح أن أعضاء الجمعية المغربية لجراحة التقويم والتجميل على استعداد لضمان تتبع الوضع الصحي للنساء اللواتي خضعن لعملية الزرع أيضا وكذا التكفل الأولي الطبي الملائم. وفي إطار التشخيص المبكر لسرطان الثدي فإن النساء اللواتي خضعن لعملية زرع هاته اللوازم الطبية مدعوات كما هو الشأن بالنسبة لغيرهن للخضوع لمراقبة سريرية ولفحص الثدي بالأشعة بشكل منتظم. وأضاف البلاغ أن المركز الوطني لليقظة الدوائية التابع لوزارة الصحة الذي يضطلع بدور مراقبة الآثار الجانبية لكل المنتجات الصحية بما فيها تلك المرتبطة باستخدام عمليات التجميل، يوجد رهن إشارة المهنيين والمواطنين. ودعا أيضا كافة مهنيي الصحة إلى اعتماد تقرير لتتبع كل إجراء طبي مستعمل والتصريح للمركز الوطني لليقظة الدوائية بالحالات التي ظهرت عليها آثار جانبية واضحة، كما أكد على أنه بإمكان المرضى الاتصال أيضا بالمركز هاتفيا على مدار الساعة على الرقم التالي: 0801000180.