* هل فعلا يتجه المغرب نحو أزمة دستورية مع إطلالة يوم 25 دجنبر؟ - إننا نتواجد أمام جدل مهزوز لا يرقى إلى مستوى النقاش الدستوري والأكاديمي الجدي. وأتأسف صراحة لكون بعض المحللين تجرؤوا على تقديم قراءات سطحية جدا للإشكالية الدستورية المطروحة، خاصة في شقها المتعلق بلزوم (أو عدم لزوم) استقالة الوزراء الذين تم انتخابهم أعضاء بمجلس النواب. لقد قدمت للرأي العام قراءات فضفاضة لمنطوق القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، وخاصة المادتين 14 و 17. أقول بكل وضوح إنه تم تحميل هاتين المادتين ما لا تحتملان، وبالتالي فإن المغرب لا يوجد ليلة مأزق دستوري مع انصرام أجل شهر على إجراء الانتخابات التشريعية. هناك من يقوم بقراءة ميكانيكية جامدة للفقرة الأولى من المادة 14، التي تفيد «تنافي العضوية في مجلس النواب مع صفة عضو في الحكومة»، ليستخلص منها أن السيد كريم غلاب لم يكن محقا في الترشح لرئاسة مجلس النواب، وأن الوزراء المنتخبين كنواب، يوجدون في حالة تنافي وعليهم الحسم قبل 25 دجنبر، وهي قراءة لا تصمد أمام التحليل. * كيف ذلك؟ وما هي مبرراتك؟ - حجتي هي أن الفقرة الثانية من المادة 14 توضح أن الأمر يتعلق فقط بالنائب الذي يعين عضوا في الحكومة ولا تتحدث عن العضو في الحكومة الذي ينتخب نائبا، وبالتالي فإن القاعدة الواردة في الفقرة الأولى من المادة 14 لا تنطبق إلا على الحكومة التي تنبثق لاحقا (بعد أيام) عن المجلس الجديد، حيث سيمنع على النواب الذين سيعينون وزراء، الاحتفاظ بعضويتهم في مجلس النواب. بتعبير آخر. فالوزراء المنتخبون نوابا، يمكنهم أن يظلوا أعضاء في حكومة تصريف الأمور العادية إلى أن تنتهي مهامهم يوم تعيين الحكومة القادمة. * لكن هناك من يستند إلى المادة 17 بقول العكس؟ - المادة 17 قرئت هي الأخرى بكثير من التسرع، ذلك أنها إذا كانت تحيل فعلا على وجوب الاستقالة في حالة التنافي، في ظرف 30 يوما، فإن منطوق المادة يحدد بدقة الحالات التي تكون فيها الاستقالة ضرورية، ولا يجوز القفز عنها بجرة قلم. ماذا تقول المادة 17؟ تقول: «يتعين على النائب الذي يوجد عند انتخابه في إحدى حالات التنافي المشار إليها في المواد 13 (الفقرة 2) و14 (الفقرة 3) و15 و16 أعلاه، أن يثبت في ظرف الثلاثين يوما التي تلي إعلان النتائج النهائية... أنه استقال من مهامه المتنافية مع انتدابه...». وبالرجوع إلى تلك الحالات المنصوص عليها حصريا، نلاحظ أن حالة الوزير الذي ينتخب نائبا (وليس النائب الذي يعين وزيرا) غير وارد ذكرها صراحة، بل إن الفقرة 2 من المادة 14 هي التي تحسم بصفة نهائية في الموضوع بالقول «في حالة تعيين نائب بصفة عضو في الحكومة تعلن المحكمة الدستورية، بطلب من رئيس مجلس النواب، داخل أجل شهر، شغور مقعده». إن هذه الوضعية مازالت لم تحصل، وبالتالي فلا مجال للحديث عن أي مأزق دستوري من أي شكل كان، وليس هناك أي وزير مرغم على تقديم استقالته إلى غاية تعيين الحكومة الجديدة.