عما قريب، ستعانق مدينة طنجة العالية في مخيالنا المغربي الغنائي الشعبي، دورتها رقم 13والممتدة من 12 إلى 21 يناير 2012، دورة بكل تأكيد ستكون لها بصمة فلسفية، من خلال رئاسة إدكار موران، للجنة التحكيم للفيلم الطويل. أن تمنح لجنة التحكيم لكي يرأسها هذا الفيلسوف الفرنسي، الذي أطل على السينما من زاوية الفلسفة، فعل وإشارة قوية، بل هي رسالة مشفرة ناهضة على رؤية عميقة. شخصيا كم أرتاح حينما تكون لجنة التحكيم تتضمن أو يرأسها، رجل معرفة أو مؤرخ أو باحث في السوسيولوجيا وما إلى ذلك، لأن من شأن هذا الفعل أن يغني كثيرا رؤى الفعل السينمائي. كما «ينبغي» الاعتقاد بل الإيمان، أن السينما هي أيضا مجال خصب «لتصريف»، ما درسناه وتعلمناه وقرأناه في الدرس الفلسفي. من ليست له صلة بالفلسفة ويشتغل بالسينما حتما «رؤيته» للأشياء ستبقى «بسيطة» ولن يسمو بها نحو المركب. دوما تلح المعرفة، على كون مجال الفنون، مجال ينهض من جملة ما ينهض عليه، التشرب والتشبع بالفلسفة. كل الأسماء السينمائية، التي بصمت رمزيتها، هي تلك التي انفتحت على الفلسفة، أسماء ترن في أذن من له علاقة فلسفية بالسينما. الفلسفة شرط من شروط الاشتغال في حقل السينما. «يخيل» إلي أن سينمانا المغربية في شخص مخرجيها، بل في شخص كل من يقوم بفعل ما من أجلها، مطالب بشكل أو بآخر، أن يصاحب أمنا الفلسفة، لأن «رؤيته» للأشياء ستتغير حتما، نحو رؤيا جديدة. سيطرح أسئلة عميقة بالصورة. مما سيجعل صورنا السينمائية المغربية، أكثر عمقا وأكثر توليدا لمعان بل لدلالات جديدة، قابلة لمقاومة وعنف الزمن، بل سيضمن لها «الخلود» الفني، ما أحوجنا إلى عينات عديدة من هذا القول السينمائي المغربي، لأن سينمانا المغربية تستحق الوصول، لهذه العتبة، دون نفي أن ذاكرتنا السينمائية المغربية فيها فعلا من استطاع أن يصل إلى هذه العتبة، مما جعله مضيئا، لكل العتمات. أن تمنح رئاسة لجنة التحكيم، لهذا الفيلسوف الفرنسي الذي اشتغل بالفلسفة داخل السينما، واشتغل بالسينما داخل الفلسفة، معناه أن هناك نظرة ما تؤمن فعلا وتريد أن تذكرنا بماهية السينما. في جميع الحالات أن الرابح الأول هو فيلمنا المغربي الذي سيوضع في محك فلسفي. دعيت مرة لكي أقدم بعض المحاضرات/العروض، في مدرسة تكوينية سينمائية خاصة. لاحظت فعلا أن شبابنا هنا متعطش لمجال السينما، حالم بأن يمسك الكاميرا، لكي يقول ما يريد قوله، في المقابل أحسستهم، أن من يمسك الكاميرا، وهو مدرك لسؤال الصورة في صيغته الفلسفية والمعرفية ككل، هو من ستكشف له الصورة عن جزء من مناعتها أسرارها. فعل وإشارة جميلة وقوية، من مركزنا السينمائي المغربي، باعتباره الجهة المنظمة لهذا الحدث السينمائي المغربي، وصاحب هذه الإشارة الفلسفية والتي نحن في أمس الحاجة إليها، وربما ستكون لها بصمات كبرى لو أتيحت الفرصة، لمن له ارتباط ما بالسينما، من مهتمين وباحثين وطلبة وإعلاميين ومخرجين وممثلين وغيرهم، للاستماع لهذا الفيلسوف، لأن من شأن ذلك أن يقدم أنموذجا حيا لسؤال السينما والفلسفة.